أطلق رئيس الوزراء رامي الحمد الله، في رام الله اليوم الاثنين، الاستراتيجية الوطنية لقطاع التعاون للأعوام 2017- 2022، بحضور وزير العمل مأمون أبو شهلا، وممثل منظمة العمل الدولية منير قليبو، ومدير مكتب مؤسسة "واي إيفكت" السويدية محمد خالد، ورؤساء وأعضاء المؤسسات والاتحادات والجمعيات التعاونية، وعدد من الشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وقال رئيس الوزراء خلال مؤتمر التعاون الوطني لإطلاق استراتيجية قطاع التعاون، إن العمل التعاوني ارتبط بنسيج وبنية وواقع مجتمعنا الفلسطيني، فكان له على مدار العقود، دور اقتصادي وتنموي بل ووطني هام، إذ ساهم في تنمية صمود المواطنين على أرضهم وتعزيز التلاحم والتضامن بينهم، وشكل أداة هامة للتغلب على محدودية الإمكانيات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته القمعية.
وأضاف أن الجهود تركزت على النهوض بالعمل التعاوني وتحويله من كونه إغاثي، إلى قطاع مستقل منتج وفاعل ومساهم في الاقتصاد الفلسطيني، يشكل إحدى أدوات تحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا السياق، تعتبر "الاستراتيجية الوطنية لقطاع التعاون" التي نطلقها اليوم، بوصلة العمل للسنوات الست القادمة، لتنظيم قطاع التعاون وتطويعه والاستثمار البناء فيه، لزيادة فعالياته ومساهمته في الاقتصاد الوطني، فهذا القطاع يمتلك في بلادنا، كافة مقومات النهوض والانطلاق.
وقال رئيس الوزراء: "تدركون جيدا حجم التحديات والصعوبات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على عملنا المؤسسي والسياسي وعلى حياتنا اليومية، وهو يرزح على أرضنا ويصادر مقوماتها ومصادرها، ويمعن في فرض العقوبات الجماعية على شعبنا، حيث يواصل حصاره الظالم على قطاع غزة، ويحكم سيطرته على المعابر والمنافذ، ويمنع حركة البضائع والأشخاص، ويضع العراقيل أمام جهود البناء والتنمية والاستثمار في المناطق المسماة (ج)، يهدم البيوت والمنشآت والمدارس فيها، ويحاول تهجير واقتلاع شعبنا منها".
وأضاف: "إن إسرائيل، بهذا كله، لا تعطل فرص التجارة وتعيق نمو اقتصادنا الوطني فقط، بل تقوض أية فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة ومتواصلة جغرافيا. وهي اليوم تتمادى في استهتارها وتواصل تمردها على القانون الدولي والإرادة الدولية، وتتوسع في استيطانها العسكري، وإذ نطالب دول العالم بتحرك موحد وجدي وملزم يضع حدا للاستيطان ويوقف تمرد إسرائيل على قرارات الشرعية الدولية، فإننا نناشدها كذلك، اعتماد الآليات الدولية الملزمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334".
وقال الحمد الله: إزاء هذه التحديات جميعها، وحتى في ظل محدودية الإمكانيات وتراجع حجم المساعدات الدولية الواردة إلينا، دأبت الحكومة على مواصلة عملها وتكريس مؤسسات فاعلة مستجيبة للمواطنين واحتياجاتهم. وعلى هذا الأساس، صممت "أجندة السياسات الوطنية" لتعكس اهتمامنا بالمواطن أولا على طريق الحرية والازدهار، وعلى قاعدة تعزيز انخراط أبناء شعبنا في تحديد أولويات التدخل الحكومي وفي ورشة بناء هذا الوطن.
وأضاف: نحن ننظر إلى استراتيجية التعاون على أنها الإطار الجامع، الذي فيه تتحدد التدخلات السياساتية لتنظيم القطاع التعاوني وتنمية مؤسساته، وبالتالي تحسين الخدمات المقدمة لأبناء شعبنا، سيما في الريف والمناطق المهمشة والمهددة من الاستيطان والجدار والقدس، وهو أيضا الرافعة الأساسية لزيادة الإنتاج ودمج المرأة وتعزيز مشاركتها والتخفيف من حدة الفقر والبطالة.
وقال الحمد الله إن الحراك الذي نشهده نحو التطور الاقتصادي والتنموي والمؤسساتي، يجب أن يرافقه حراك فعال لاستنهاض القطاع التعاوني، باعتباره أحد روافد الاقتصاد الوطني والمحرك لتطوير قطاعاته ودعم الصناعات".
وأضاف رئيس الوزراء: "نتيجة للصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تحاصر الحركة التعاونية في فلسطين، يتعاظم دور الحكومة ليس فقط في مجال الرقابة الإدارية والمالية على التعاونيات، بل وفي تعزيز مكانتها وحوكمتها وتحسين مستوى الخدمات المقدمة لها لتنميتها وتطويرها وزيادة كفاءة أدائها. ولهذا، عملنا خلال الأعوام الماضية، على بلورة سبل إصلاح وتطوير البنية التشريعية والمؤسساتية للعمل التعاوني، وتصويب وضعه التشريعي والتنظيمي".
وتابع: لقد اجتمعت الجهود والطاقات لبلورة مشروع قانون التعاون الذي أقره مجلس الوزراء، بانتظار مصادقة سيادة الرئيس عليه، حيث يتضمن هذا القانون، إنشاء الأجسام والهياكل التي من شأنها تنظيم ومأسسة العمل التعاوني، وهي الهيئة العامة للتعاون، والمعهد التعاوني للتدريب، وصندوق التنمية التعاوني. ونعمل على مسار متواز، لإصدار المزيد من التشريعات الضريبية والتي تتضمن تسهيلات وإعفاءات لمنتجات الجمعيات التعاونية أو مدخلات إنتاجها من الضرائب والرسوم أو تخفيضها لتوسيع مجالات التعاونيات وتشجيع منتجاتها. كما ونسعى إلى مراقبة وتنسيق وضبط التمويل الخارجي الموجه للتعاونيات الفلسطينية بكافة مكوناتها لضمان الأثر الاقتصادي لها.
وفي ختام كلمته، شكر رئيس الوزراء جميع القائمين على هذا المؤتمر، وقال: أتطلع إلى ما سيتمخض عنه من توصيات وخطط عمل، وأحيي كافة الجهود والخبرات والعقول التي ساهمت في وضع استراتيجية التعاون، كخطوة أساسية لتوسيع العمل التعاوني بكافة مكوناته، ودعا الجمعيات التعاونية لتكثيف وتفعيل عملها في إطار مبادئ الديمقراطية والشفافية، والاهتمام بالشباب والنساء، وبما يضيف حيوية كبيرة وزخما ملموسا على العمل التعاوني.
بدوره، قال وزير العمل مأمون أبو شهلا، إن العمل التعاوني ذو أهمية كبيرة اقتصاديا واجتماعيا، فهو يعمل على تحسين الظروف الاقتصادية للأعضاء المنخرطين فيه من خلال حصولهم على دخل حقيقي مرتفع، ومستوى معيشي أفضل.
وبين أبو شهلا أن برنامج المؤتمر يتضمن مجموعة هامة من الدراسات والأبحاث والأفكار التي تصف بدقة حالة النظام التعاوني في فلسطين وتطوره منذ بدايات العام 1924، وصولا الى أوضاع الجمعيات مع قيام السلطة الوطنية في العام 1994.
وأضاف "إن هذه الاستراتيجية والتي تعتبر الثالثة من نوعها بعد استراتيجية (2011-2013) واستراتيجية (2014-2016)، والتي تم إعدادها استنادا الى استراتيجية قطاع العمل (2017-2022)من جهة، والى أاجندة السياسات الوطنية الصادرة عن مجلس الوزراء من جهة أخرى، يمكنها أن تكون المرجعية لإعداد ست خطط سنوية ممتدة على فترة الاستراتيجية لجميع ذوي العلاقة من مؤسسات، في سبيل احراز قفزة نوعية في اتجاه تحقيق رؤية القطاع التعاوني وتعزيز دوره اقتصاديا واجتماعيا".
وأشار أبو شهلا إلى أن التعاونيات تشكل عنصرا ضخما في الاقتصاد العالمي، حيث تشير التقديرات الى أن عدد أعضاء التعاونيات في العالم يبلغ حوالي المليار شخص، وأن أكثر من مئة مليون منهم يعيشون من التعاونيات في مجال التمويل الزراعي والإسكان، مبينا أنها ضمنت أسباب العيش لما يزيد عن 3 مليارات نسمة.
من جانبه، قال رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية الإسكانية عز الدين طه، إن الدور التاريخي الذي لعبته الجمعيات التعاونية هام، وإن الحركة التعاونية في فلسطين من أقدم التعاونيات العربية، وهي منذ الانتداب البريطاني.
وطالب طه بضرورة تمكين الجمعيات في مختلف القطاعات، والعمل على مضاعفة عدد الجمعيات التعاونية في فلسطين، إضافة الى دعم هذه الجمعيات وما تقدمه من مشاريع مختلفة.
إلى ذلك، قال ممثل منظمة العمل الدولية في القدس منير قليبو، إن المؤتمر يؤكد على ضرورة تحقيق الإرادة السياسية للنهوض بواقع التعاونيات كعمود فقري للاقتصاد الفلسطيني.
وبين أن التعاونيات عبارة عن مؤسسات اقتصادية غير هادفة للربح، تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، نظرا لحجمها الكبير، وبوجود شركاء تشكل طليعة اقتصادية قوية للنهوض بالوضع الاقتصادي المحلي والإقليمي والدولي.
وقال مدير مؤسسة "واي ايفيكت" السويدية محمد خالد، إن المؤسسة تعمل في مجال التنمية والتعاون بنهج تنموي منذ العام 1958.
وأكد أن المؤسسة تسعى لخلق عالم خالٍ من الفقر والظلم، من خلال تفعيل مشاركة منظمات المجتمع المدني وبشكل أساسي التعاونيات لتكون قادرة على الاستجابة على حاجات وحقوق أعضائها ومجتمعاتها.
وأشار خالد الى أن المؤسسة تدعم تطبيق ممارسات الحكم الرشيد، وتحسين القدرات الإنتاجية والتسويقية للتعاونيات، وتقوية المؤسسات والأنشطة الاقتصادية لها، إضافة الى دعم مبادرات ريادة الأعمال والمبادرات الزراعية ذات القيمة الاقتصادية، فضلا عن المساهمة وتطوير السياسات والخطط القطاعية مع الشركاء في وزارة العمل والإدارة العامة للتعاون.
وعقدت خلال المؤتمر جلستان، تم خلال الأولى عرض واقع الجمعيات التعاونية، ومناقشة لدراسة واقع وخطة إصلاح الجمعيات التعاونية الزراعية، والجمعيات الإسكانية والتعاونية الخدماتية، فيما تم خلال الجلسة الثانية عرض الاستراتيجية الوطنية للتعاون (2017-2022)، ومناقشة تدابير التنفيذ ومكونات الاستراتيجية.