قال مسؤولون فلسطينيون وهيئات في مجال حقوق الإنسان، إن هناك زيادة في أعداد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي في السنة الأخيرة صاحبها سوء معاملة لهم.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدروة فارس، لرويترز، إنه "من اللافت في العام 2016 أن هناك ارتفاعا في حالات اعتقال الأطفال إضافة إلى تحويل عدد منهم إلى الاعتقال الإداري".
وأضاف "ونحن حينما نتحدث عن أطفال نتحدث عن أعمار 11 و12 و13 و15 سنة إلى 18 سنة ولكن الغالبية هم من أعمار 13 و14 و15".
ويرى فارس أن "هناك سياسة إسرائيلية واضحة لإرهاب الأطفال سواء كان ذلك من حيث عدد حالات الاعتقال المرتفع أو الأحكام العالية التي يتم الحكم بها على عدد منهم".
وتشير الإحصاءات الفلسطينية إلى ارتفاع عدد الأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية حيث بلغ المعدل الشهري اعتقال 420 طفلا خلال العام 2016، مقارنة مع 220 طفلا في العام 2015.
وتشير إحصائية رسمية إسرائيلية إلى أن عدد المعتقلين من الأطفال في 2015 بلغ 190 قاصرا وارتفع العدد إلى 226 قاصرا في 2016.
وتفتقد مئات العائلات الفلسطينية أطفالها الذين تعتقلهم إسرائيل في سجونها بتهم مختلفة منها المشاركة في عمليات طعن وإلقاء الحجارة على قواتها والمستوطنين في الضفة الغربية.
وتشير أحدث الإحصائيات الفلسطينية إلى أن هناك ما يقارب من 300 طفل بينهم 13 فتاة في السجون الإسرائيلية.
ويروي عدد من أهالي الأطفال معاناتهم في ظل اعتقال أطفال لم تتجاوز أعمارهم 13 عاما وما يسببه غيابهم من ألم ومعاناة لهم.
وقال عصام إبراهيم والد الطفل صهيب (12 عاما) الذي اعتقل من منطقة قريبة من منزله في بلدة بيرزيت إلى الشمال من رام الله الأسبوع الماضي "ما عدت أعرف طعم النوم من ما اعتقلوا ابني إلي بدرس في الصف السادس وأنا أفكر فيه طول الليل".
وأضاف في اتصال مع رويترز "المرة الأخيرة التي شاهدت ابني فيها في نفس اليوم الذي تم اعتقاله... تركوني أشوفه لفترة قصيرة جدا خلال وجوده في مركز التحقيق وكان مبين أنهم ضاربينه".
وأوضح إبراهيم أن ابنه نفى التهمة الموجهة إليه وهي إلقاء الحجارة وقال إنه تم اعتقاله من مكان قريب من البيت ولم يكن هناك إلقاء للحجارة في المنطقة.
وأضاف أن "ما يحاول جيش الاحتلال القيام به هو إرهاب الأطفال وأهلهم".
شهادات بعد الإفراج
يروي بعض الأطفال الذين أفرج عنهم بعد اعتقالهم شهادات عن تعرضهم للضرب خلال فترة التحقيق معهم.
وقال الطفل جبر بدوي (13 عاما) الذي أفرج عنه في الآونة الأخيرة لرويترز عبر الهاتف "نزلت على المقبرة أقرأ الفاتحة على قبر سيدي مسكوني مستعربين (قوات خاصة إسرائيلية) حط المسدس في رأسي ورقعني (ضربني) في الأرض".
وأضاف "أعطوني للجيش وطبوا (بدأوا) في الضرب وربطوا إيدي وحطوا عصبة على عيني". وقال إن الجيش وجه له تهمة نفاها وهي ضرب الحجارة.
وأضاف "قعدت في التحقيق خمسة أيام كان بيقول لي (المحقق) كل الوقت اعترف بس أنا ما اعترفت وحكموني شهر وحطوني في سجن عوفر في قسم الأشبال".
وأفرج عن بدوي بعد قضائه نصف المدة وقال والده إنه لم يره منذ اعتقاله حتى تم الإفراج عنه.
ويروي الطفل أسامة زيدات محنته وهو على سرير في مستشفى رام الله الحكومي الذي وصل إليه بعد الإفراج عنه عقب أربعة شهور قضاها في مستشفى إسرائيلي وعيادة سجن الرملة وتبدو إصابة واضحة في ساقه اليمني المثبتة بهيكل من الحديد إضافة إلى إصابة في ظهره.
وقال لرويترز "إلي صار معي انو الجيش طخ علي وهجموا علي ودعس جندي على إيدي وقعدوا يحققوا معي ورفعوني بعد عشر دقايق على حمالة كان يوم جمعة وبعدين أغمي علي وصحيت يوم الأحد لقيت حالي في المستشفى الإسرائيلي".
وأضاف "الدكتور قال لي إنك اطلعت من الموت لحقناك... قلتله أنا عرفت إني متصاوب وقضيت 18 يوما في مستشفى شعاري تصيديك (في القدس المحتلة) وعانيت فيها كثير، كان علي حراسة وكانوا مكلبشين (مكبلين) إيدي ورجلي".
وتابع "حققوا معي لما اتصاوبت قبل ما يسعفوني سألوني ليش أنت جاي هون (أرض جنب بلدهم بني نعيم) وشو بتعمل هون وبعدين حملوني بالحمالة وبعدها ما دريت عن الدنيا... بعد عشرة أيام رجعوا حققوا معي ما سمحوا لأهلي يزوروني وأنا بالمستشفى".
وتابع قائلا "أنا ما بخاف من الاحتلال، لما طخوني كنت لحالي وقف جنود حكوا في العبري فهمت إنو لازم أروح على البيت لفيت حالي وبعدين وقعت على الأرض ما كان معي سكين وما كان معي شي كنت في أرض جنب البلد (بني نعيم)".
ويأمل زيدات العودة إلى المدرسة وقال "إن شاء الله برجع على المدرسة أنا بالصف التاسع وبدي أرجع على المدرسة".
ويصف والد الطفل أسامة فترة احتجاز ولده بأنها "مرحلة صعبة جدا مرت علينا لأنه ابني أسامة ترك فراغا كبيرا في البيت".
وأضاف الأب الذي يعمل مدرسا في المدرسة التي يتعلم فيها ابنه "كان مرحا وهو الأول على صفه ومتفوق ومتميز كان إلو بصمة كثير في حياتنا مرح اجتماعي الكل بحبه".
وقال الأب فيما كان يقف إلى جانب السرير الذي يرقد عليه ولده "مش قادر أوصف لك الفترة التي مرت علينا لما عرفنا انو أصيب وكان وضعه حرجا كنا بصعوبة نعد الأيام والساعات وزرناه بعد 3 شهور زرناه في عيادة سجن الرملة وقبلها كنا نشوفه في المحكمة عن بعد خمس أمتار لدقيقتين وبعدين يأخذوه".
وأضاف "كان يجي على المحكمة على سرير في سيارة إسعاف مكبل في إيديه ورجليه رغم إصابته".
ويحاول والد أسامة إخفاء دمعته وهو يصف شعوره "شعور لا يوصف أن ترى ابنك مصابا وأن لا تستطيع أن تحضنه حتى لما كنا نزوره في الرملة كان يكون في جدار من الزجاج بينا".
وترى والدة أسامة أن عمرا جديدا كتب لولدها وقالت "ابني رجع للحياة بقدرة ربنا إصابات وحشية خمس شهور ما عشت فيها لما أسامة ما كان عندي ما كنت أحس بالأيام".
وأضافت "أسامة أمبارح (بعد يوم من الإفراج عنه) في الليل كان مرة يضحك ومرة يعيط (يبكي) سألته ليش بتضحك وبتعيط قال أنا هيك بضحك وهيك بعيط من إلي شفته بعيادة الرملة وبطلت أحس في ألمي وصار يضرب في رأسه".
وينتظر أسامة تحديد موعد لمحاكمته حيث تم الإفراج عنه بكفالة مالية قدرها 25 ألف شيكل، والتي يخشى والده أن يتم تحديد موعد لها قبل تماثله للشفاء.
وقال عيسى قراقع إن الطفل أسامة ليس الوحيد الذي كان معتقلا وهو مصاب فهناك 40 طفلا تم اعتقالهم بعد إصابتهم.
وأضاف لرويترز خلال تواجده في المستشفى لزيارة الطفل أسامة "هناك أكثر من 40 طفلا مصابا موجودين داخل السجون الإسرائيلية كانوا من المستهدفين من قبل قوات الاحتلال بالرصاص ومن قبل القناصة الإسرائيليين".
وتابع "هذه جريمة حرب والطفولة الفلسطينية مستهدفة والطفولة الفلسطينية تتعرض للقتل والانتقام من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح قراقع أن "الأطفال في العامين الأخيرين هم الذين كانوا مستهدفين سواء بالاعتقالات الواسعة أو القتل أو بإصدار الأحكام الرادعة بحقهم من قبل المحاكم العسكرية الإسرائيلية".
وقال "إسرائيل تستهدف كل المجتمع الفلسطيني من خلال هذه الممارسات سواء الاعتقالات أو القتل. تريد أن تخمد غضب هؤلاء الفتية على واقع الاحتلال الصعب والقاسي جدا".
اعتقال إداري لأطفال
قالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين إنها رصدت بعد عام 2015 حالات فرض اعتقال إداري على الأطفال.
وأضافت الحركة في تقرير أنها لم توثق منذ كانون الأول ديسمبر/ عام 2011 وحتى شهر أكتوبر تشرين الأول 2015 أي حالات اعتقال إداري لأطفال فلسطينيين في الضفة الغربية.
وأوضحت الحركة في تقريرها أن "سلطات الاحتلال تعتمد على قانون الطوارئ الذي يسمح باستخدام الاعتقال الإداري في القدس واستخدمته ضد الأطفال الفلسطينيين في القدس الشرقية لأول مرة في شهر تشرين أول/ أكتوبر 2015".
وجاء في التقرير أن "إسرائيل تعتبر الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم بشكل منهجي ما بين 500 و700 طفل فلسطيني أمام المحاكم العسكرية كل عام بشكل يفتقر إلى الحقوق الأساسية للمحاكمة العادلة".
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية إن هناك 10 أطفال تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري خلال عام 2016.
وقالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في تقريرها "تنص المعايير الدولية لعدالة الأحداث الملزمة إسرائيل بتنفيذها بعد أن صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في عام 1991 على أن حرمان الأطفال من حريتهم يجب أن يكون الملاذ الأخير وأنه لا يجوز الاحتجاز بشكل غير قانوني أو تعسفي".
وأوردت الحركة أمثلة على أحكام لفترات طويلة على الأطفال ومنهم الحكم على الطفل أحمد مناصرة (14 عاما) من بيت حنينا بالسجن 12 عاما إضافة إلى "تعويض" مالي قدره 180 ألف شيكل وعلى الطفلين منذر خليل أبو ميالة (16 عاما) ومحمد طه (15 عاما) وهما من مخيم شعفاط بالسجن الفعلي لمدة 11 عاما و"تعويض" مالي بقيمة 50 ألف شيكل لكل منهما.
ويرى مسؤولون فلسطينيون أن إسرائيل تفرض أحكاما "جائرة" على الأطفال الفلسطينيين والتي كان أحدثها يوم الأحد بالحكم على الفتاة منار الشويكي (16 عاما) من مدينة القدس بالسجن الفعلي 6 سنوات بتهمة "التخطيط لعملية طعن".
وقال رئيس نادي الأسير "الحكم على طفلة بالسجن لست سنوات هو حكم جائر يعكس مستوى استخفاف الاحتلال بالقانون الدولي".
وقال رئيس لجنة أهالي الأسرى في مدينة القدس، أمجد أبو عصب، إن "الحكم على الفتاة منار الشويكي بعد 14 عشرا على اعتقالها بالسجن لست سنوات بتهمة التخطيط لعملية طعن دون أن تحاول أو تطعن أحد هو حكم جائر".
وأضاف "الاحتلال يريد استعادة حالة الردع عبر سلسلة من الأحكام العالية ضد الأطفال التي يريد من خلالها إرسال رسالة أنه يضرب بيد من حديد".