عالم بلا حوادث.. الثورة القادمة في عالم السيارات

حوادث السير

في عام 2009 بدأت شركة «جوجل» بالعمل على تصنيع وتطوير تكنولوجيا القيادة الذاتية للاعتماد عليها في إنتاج سيارات ذاتية القيادة، لذلك قامت باختبار تلك التكنولوجيا مع سيارات «تويوتا» على الطرق السريعة بولاية كاليفورنيا في نفس العام. بينما في عام 2012 كانت «جوجل» قد استكملت أكثر من 300 ألف ميل من تجاربها على الطرق السريعة، ثم اتجهت للتركيز على شوارع المُدن والطرق الأكثر تعقيدًا وازدحامًا. وفي بداية عام 2014 كشفت عن نموذجها المُبكر لسياراتها المُصممة لتكون ذاتية القيادة بشكل كامل، وبعد عدة أشهر تم استغلالها في التجارب لتحسين أداء السيارة، قامت «جوجل» بعرض النموذج الحقيقي الأول لسيارتها ذاتية القيادة في ديسمبر من نفس العام.  



300

 

شركة «أوبر» أعلنت بأن سياراتها ذاتية القيادة ستُصبح متوفرة في بعض المدن خلال هذا العام

 لم يقتصر إنتاج السيارات ذاتية القيادة على شركة «جوجل» فحسب. فمنذ ذلك الوقت وكافة شركات صناعة السيارات تسعي جديًا لإنتاج تلك السيارات في محاولاتهم لإنقاذ حياة البشر. وبالفعل نجحت شركة «تسلا» في إنتاج سيارات ذاتية لا تتطلب أي مدخلات من الإنسان، وكذلك شركة «أوبر» التي أعلنت بأن سياراتها ذاتية القيادة ستُصبح متوفرة في بعض المدن خلال هذا العام.  

فوفقًا لإحدى دراسات مجموعة بوسطن للاستشارات، أن السيارات ذاتية القيادة من المٌرجح أن تخترق الأسواق وتبدأ في الانتشار بحلول عام 2017، تليها سلسلة من التحسينات حتى تصبح واقعً ومشهدًا مألوفًا بحلول عام 20355. وبالتالي عندما تحل السيارات ذاتية القيادة محل السيارات التقليدية سيتأثر مستقبل المواصلات ومجال صناعة النقل بشكل كبير، لذا سنعرض بعض تلك التغيرات المتَوقعة. 

سيارات أكثر أمانًا.. وحوادث طُرق أقل

البشر سائقون سيئون جدًا، يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة دون أدني اهتمام بالطريق، فيسيرون بسرعات عالية، ويتملكهم الغضب خلف عجلة القيادة، والنتيجة وفقًا لتقرير «منظمة الصحة العالمية» عن الحوادث المرورية لعام 2015، أن ما يقرب من 1.25 مليون شخص يتوفون في حوادث الطُرق كل عام، وذلك بمعدل 3287 حالة وفاة يوميًا في المتوسط. فتُعتبر حوادث الطرق هي السبب الـ 9 للوفاة في العالم حيث تُمثل 2.2% من مجموع الوفيات. 

 



00000000-0000-0000-0000-000000000000

 


لن يقتصر تأثير حوادث الطُرق على فقدان الأرواح البشرية وحسب، بل يمتد تأثيرها ليصل إلي الاقتصاد العالمي والمحلي، عالميًا تُكلف حوادث الطرق 518 مليار دولار سنويًا في علاج المُصابين، وإصلاح الطرق، وخسائر الأرواح.

حيث تُكلف البلدان على المستوي المحلى ما يقارب من 1-2% من إجمالي الناتج السنوي لكل بلد. فتبلغ تكلفة حوادث الطُرق في البُلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حوالي 65 مليار دولار سنويًا مما قد يتجاوز إجمالي المبالغ الواردة كمساعدات تنموية لتلك البُلدان. لهذه الأسباب تتسابق شركات التكنولوجيا وصناعة السيارات لإنتاج السيارات ذاتية القيادة، لأن استخدامها سيحد من الحوادث بنسبة تصل إلى 90%، مما يعني إنقاذ ملايين الأشخاص، وتوفير ما يقرب من 466 مليار دولار سنويًا. 

 

بيئة نظيفة دون مزيد من البنزين

 الاعتماد على الوقود الحفري في الصناعة والنقل يُعَرض العالم لمخاطر جسمية تهدد حياة البشرية بأكملها. لذا يُعتبر قطاع النقل من الأسباب الرئيسية المؤدية لتلوث البيئة، فاعتماد السيارات والشاحنات على الوقود الحفري ومشتقاته بصورة أساسية يضعنا أمام خطر تغير المناخ العالمي الناجم عن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.



2545049c-c5b1-4c5f-8fb5-25ec57a5215f 

لكن بالاعتماد على السيارات ذاتية القيادة سيختلف الوضع تمامًا، لأن السيارات ذاتية القيادة تعمل بالكهرباء، ولم يكن اختيار الكهرباء لغرض بيئي من الأساس، لكن لأن المحركات الكهربائية أقل تكلفة وأقل تعقيدًا من المحركات التقليدية، كما إنها أكثر أمانًا أيضًا، بالإضافة إلى كونها صديقة للبيئة، ولن تصدر انبعاثات للغازات الضارة. فاستخدام المحركات الكهربائية يعمل على تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يقارب الـ 25% عن نظائرها التقليدية، مما قد يساهم في حل مشكلة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض.

 

سيارات دون سائقين.. ومزيد من البطالة 

 

يوفر مجال النقل والمواصلات العديد من الوظائف وفرص العمل، كقيادة سيارات الأجرة، أو قيادة الشاحنات الخاصة بالمصانع والشركات. فوفقًا لإحدى الدراسات التي قامت بها وزارة العمل الأمريكية في عام 1990، كان هناك حوالي 2000 ألف شخص يعملون كسائقين لسيارات الأجرة.  بينما كان يعمل 33 مليون شخص في قيادة الشاحنات.

وبالتالي استبدال السيارات التقليدية بنظيرتها ذاتية القيادة سيعمل على الحد من تلك الوظائف، وذلك لأنها لا تحتاج إلى تدخل بشري، مما قد يزيد من مستوي البطالة خصوصًا بين سائقي سيارات الأجرة. وأبرز مثال على ذلك شركة سيارات الأجرة «أوبر» التي قامت فعليًا بإنتاج سيارات ذاتية القيادة خاصة بها، على الرغم من امتلاكها لعدد هائل من سائقي الأجرة حول العالم، وبالتالي حين اعتمادها على تلك السيارات بشكل كامل سوف يفقد هؤلاء السائقون وظائفهم.

 

شركات تأمين السيارات ستبحث عن مجال عمل آخر

يدفع أصحاب السيارات مبالغ طائلة لشركات التأمين لضمان التأمين على سياراتهم، وسائقيها ضد الحوادث، وبالفعل تُغطي شركات التأمين ذلك في حالة وقوع الحوادث التي تتم في الأساس بسبب الأخطاء البشرية.


لكن باختلاف الوضع وبالحد من الاعتماد على مُدخَلاَت الإنسان عن طريق استخدام السيارات ذاتية القيادة والمُصممة خصيصًا للحد من حوادث الطرق، لن يكن أصحاب تلك السيارات في حاجة للتأمين على سياراتهم، مما يُجبر شركات تأمين السيارات على خفض أقساط تأمينهم.

 

 



00000000-0000-0000-0000-000000000000 (1)

 


بالإضافة إلى أن الاعتماد على تلك السيارات بشكل كامل سيدفع شركات التأمين إلى تحويل مجال عملها من التركيز على ملايين المستهلكين إلى التركيز على مصنعي المُعدات وقطع الغيار الأصلية وشركات البنية التحتية حتى تُصبح قادرة على التواجد والمنافسة في الأسواق. 

 

لا مزيد من الوقت الضائع في القيادة

يهدر الشخص يوميًا ساعات طوال في قيادة سيارته عند الذهاب أو العودة من العمل، أو السفر. لكن بالاعتماد على السيارات ذاتية القيادة، لن يكون السائق مطالبًا بالقيادة، أو الانتباه إلى الطريق، بل سيمتلك السائقون المزيد من الوقت بداخل سياراتهم.
 

حيث توفر السيارات التي تتمتع بتكنولوجيا القيادة الذاتية ما لا يقل عن 50 دقيقة يوميًا، وبالتالي يستطيع السائق استغلال عشرات الساعات شهريًا في التَعلم، أو القراءة، أو ممارسة هواياته، ومشاهدة أفلامه المفضلة.