رام الله الإخباري
على قلق، وكأن الريح تحته، جاء صوت أسير عبر الهاتف، وأسير هو الاسم الذي سنطلقه تجاوزاً على أحد الأسرى الفلسطينيين في سجن النقب الإسرائيلي، عندما قرر تجاوز جدران زنزانته التي تحتجزه منذ عقد ونيف عبر هاتف نقال يتواصل به مع العالم الخارجي.
"سبعة شهداء جراء البرد والخذلان كنت شاهداً على رحيلهم، وآلاف مؤلفة ترتجف برداً في المعتقلات كافية جداً لأفسخ عهد المودة بيني وبين الشتاء وحتى آخر عمري".. هكذا بدأ أسير حديثه، الذي جاء متقطعاً عبر الهاتف، واصفاً أحوال الأسرى في سجن النقب لا سيما في ظل المنخفضات الجوية التي ضربت وتضرب المنطقة.
كلماته القوية هذه غيرت مجرى الحديث بيننا لتتجاوز العموميات في الحديث عن ما يزيد عن 6500 أسير فلسطيني يقبعون في 18 معتقلاً إسرائيلياً بينهم 200 طفل و28 إمرأة.
"في الشتاء لا نعرف النوم ليس بسبب البرد الذي اعتادته أجسادنا فحسب" يقول أسير، وإنما بسبب صوت اصطكاك أسنان الأسرىوالذي يتعاظم خلال ساعات الليل حيث تهبط فيها حرارة المكان إلى درجاتها الدنيا للطبيعة الصحراوية التي يتواجد بها المعتقل من جهة وسوء أحوال المعيشة من جهة أخرى.
في العادة، يحاول أسير وزملاءه الخمسة الذين يتشارك معهم المكان تدفئة الغرفة بالغلي المستمر للمياه "لكن الحراس انتبهوا لحيلتنا وصادروا سخان المياه الذي نملكه" قال أسير مشيراً إلى أن واحدة من أهم أساليب العقاب التي تعتمدها إدارة السجن هي منع وصول الأغطية والملابس الدافئة والأغطية.
"كبسة" قال أسير معطياً الإشارة بضرورة قطع الاتصال، لدخول أحد الحراس للمكان. وبين القلق على مصيره من جهة والأسئلة الكثيرة التي ما زالت عالقة بلا إجابات حاولنا إيصال القصة.
أماني سراحنة، مدير دائرة الإعلام والتي تتابع هذه القضية منذ بدء فصل الشتاء "في كل عام تتكرر المشكلة نفسها في حاجة الاسرى الى الأغطية والملابس الشتوية التي تتعنت مصلحة السجون في ادخالها لهم وتجبرهم على شراء هذه الملابس من "الكنتين" التي تكلفهم مبلغا مالياً عاليا".
وحسب إحصائيات نادي الأسير، يعد سجن النقب إضافة إلى ريمون ونفحة من أكثر المعتقلات الإسرائيلية قسوة على الأسرى الفلسطينيين لا سيما خلال فصل الشتاء اذ تبلغ عدد الحالات المرضية في صفوف الاسرى 160 حالة مزمنة بحاجة الى علاج ورعاية صحية وتدفئة، خاصة ان بعضهم يعاني من الشلل وامراض القلب، إضافة إلى أن كثيراً منهم يعانون من نزلات البرد الشديد، حسب اخر تقرير وصل لهيئة شؤون الاسرى.
وتؤكد سراحنة أن إدارة مصلحة السجون "تتعمد المماطلة في تقديم العلاج للأسرى من مسكنات وادوية بينما تطالبُ هيئة شؤون الاسرى مراراً بتقديم هذه الحاجات العلاجية والانسانية لكن دون جدوى، على الرغم من أنها تُمثل حقوقاً أساسية للأسرى تكفلها القوانين والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي هي ليست "منّة" من الإحتلال".
وأوضحت سراحنة أن "المأساة الحقيقية موجودة في سجني عوفر بالضفة الغربية ومجدو في الداخل الفلسطيني، على اعتبار أن هذين السجنين يشبهان محاطات العبور والتوقيف للأسرى الذين يعتقلون قبل أن ينقلوا لسجون أخرى حيث يتم اعتقالهم من بيوتهم بملابس خفيفة وتستغرق عملية النقل عدة ساعات يمضونها في سيارات الاعتقال تحت المطر والثلج والصقيع ودرجات الحرارة التي تقترب من الصفر المئوي".
والجديرٌ ذكره، أن إدخال الاغطية والملابس للأسرى في سجون الإحتلال يتم عن طريق المحامين، غير أنّ هذا ليس كافياً، لا سيما وان مصلحة السجون تقوم بفرض تشديدات كثيرة تحول دون ادخال الاغطية والملابس الشتوية اللازمة للاسرى من قبل ذويهم.
اذاعة راية المحلية