رام الله الإخباري
شاشة صغيرة، لا تتجاوز راحة الكف احيانا، قد تكون سببا في تغيير حياة إنسان وقلبها رأسا على عقب، بعد أن أصبح الفضاء الالكتروني مستباحا ومسرحا لارتكاب جرائم من نوع مختلف.
كثير من الفتيات والسيدات والرجال، وجدوا انفسهم ضحايا للجرائم الالكترونية من خلال الابتزاز والتهديد مقابل عدم نشر صور او مقاطع فيديو التقطت لهم، أو معلومات صرحوا بها خلال استخدامهم الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي كـ"الفيسبوك، والواتس أب، وتوتر"، وغيرها.
فتاة عشرينية من جنوب الضفة الغربية، كانت ضحية للابتزاز والتهديد، بدأت قصتها عندما تعرفت بشاب عبر موقع "الفيسبوك"، وتطورت علاقتهما لدرجة الثقة العمياء، فأرسلت له صورا وفيديوهات التقطتها عبر كاميرا جهاز الحاسوب الخاص بها، بطريقة لا تخضع لأية معايير أخلاقية أو دينية، وفي ليلة وضحاها حلت الكارثة بهذه الفتاة، بعد أن ابتزها وبدأ بتهديدها بنشر هذه الصور ومقاطع الفيديو، وتبين أنه يتواصل معها فقط ليلبي رغباته، وأن وعوده لها بالزواج أصبحت حلما صعب المنال .
البحث عن حل!
لاحظت عائلة الفتاة حالة التوتر وفقدان التركيز والوحدة والعزلة التي باتت تعيشها ابنتهم، وبعد مراقبة حثيثة من الأهل، كُشف المستور، ما اضطرهم إلى تسفيرها إلى دولة أوروبية عند أحد أقربائها، لتخضع لعلاج نفسي وجسدي، وتبدأ العائلة بمعالجة موضوع الصور والفيديوهات، الذي كلفها دفع مبالغ مالية باهظة وصلت إلى 15 ألف دينار، مقابل عدم نشرها.
الشرطة تناشد بالتوجه إلى قسم الجرائم الالكترونية:
الناطق باسم الشرطة المقدم لؤي ارزيقات، قال: إن الجريمة الالكترونية حديثة على المجتمع الفلسطيني نتجت عن الاستخدام الخاطئ للشبكة العنكبوتية، وهي جريمة مكتملة من حيث الجاني والجرم وأداة الجريمة.
وأضاف، إن هذا النوع من الجرائم يخلف مشاكل اجتماعية وأخلاقية واقتصادية خطيرة جدا، كالاستدراج للعمل في الدعارة، أو الإسقاطات الأمنية من خلال عمليات الابتزاز والتهديد.
وتابع: على سبيل المثال لا الحصر، إحدى السيدات دفعت أكثر من 10 آلاف شيقل ومصاغا ذهبيا يقدر وزنه بـ250 غراما، لشاب ابتزها مقابل عدم نشر صور ومقاطع فيدو لها، كانت ارسلتها له عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبين إرزيقات أن 1100 شكوى سجلت عام 2016 لدى وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الشرطة، إضافة إلى تلك التي سجلت لدى الأجهزة الأمنية المختلفة، وأخرى تمت متابعتها من خلال عائلات الضحايا دون أن يتم إبلاغ الجهات المختصة بوقوعها.
قانون لا يتكيف مع الجريمة الالكترونية:
وأوضح إرزيقات أن القانون المعمول به (قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960)، لا يتكيف مع الجريمة الالكترونية ولا يعالجها بالشكل الصحيح، كونها لم تكن معروفة في وقت تشريعه.
وأعرب عن أمله بأن يكون هناك قانون واضح وخاص بالجرائم الالكترونية، وينص على عقوبات بحجم الضرر الذي يتسبب به المجرم، ودعا الأهالي والمؤسسات المجتمعية لزيادة حملات التوعية والمراقبة للحد من هذه الجريمة المتزايدة.
ضحايا كثر وابتزاز متواصل:
شهد عام 2016 ارتفاعا ملحوظا في نسبة الجريمة الالكترونية، وبدى ذلك واضحا من خلال ارتفاع عدد الشكاوى التي قدمت للأجهزة الأمنية ووحدة مكافحة الجرائم الالكترونية، وتضاعفت من 502 شكوى عام 2015، إلى 1100 في عام 2016.
وقالت رئيسة نيابة الجرائم الالكترونية نسرين الرشماوي، إن الجريمة الالكترونية أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد أمن المجتمع الفلسطيني، مشيرة إلى أن 15967 طلب احتجاج تم رفعها للنيابة والشرطة قبل نهاية عام 2016، لمتابعة قضايا متعلقة بهذا الموضوع.
وأضافت، إن الجريمة الالكترونية تتنوع ما بين الابتزاز وما ينتج عنه من تهديد بدفع المال أو الابتزاز الأخلاقي، وآخر يتم من خلالها استخدام أداة الكترونية كالكاميرات أو أجهزة التسجيل لإثبات واقعة معينة، والنوع الثالث يتم فيه التلاعب بالبيانات والصور والتزوير من خلال إدخال الفيروسات إلى الخوادم وعمليات القرصنة التي عادة ما تكون عابرة للحدود.
وشددت الرشماوي على أن النائب العام يولي مكافحة الجرائم الالكترونية اهتماما كبيرا، ويسعى إلى تطوير القانون المتعلق بها، وأقر مؤخرا إنشاء نيابة المحاكم الالكترونية، التي تضم 26 عضو نيابة من محافظات الضفة الغربية.
وأشارت إلى أن النائب العام رفع مسودة مشروع قانون الجرائم الالكترونية، التي اعدت بمشاركة مؤسسات ذات علاقة وقانونيين ومستشارين، إلى مجلس الوزراء، الذي أقره بالقراءة الأولى.
وأعربت عن املها بأن يبصر القانون النور قريبا، ليصار إلى تهيئة الظروف القانونية لملاحقة المجرمين ومستغلي الشبكة العنكبوتية لابتزاز المواطنين، أو تهديدهم والاعتداء على حقوقهم.
وبينت أن القانون المنتظر سيكافح الجريمة الالكترونية، ويوقع عقوبة رادعة تتراوح ما بين السجن المؤقت ودفع غرامات مالية ما بين 100 وعشرة آلاف دينار أردني، على كل من يستغل الفضاء الإلكتروني لممارسة الابتزاز والتهديد، كما يتضمن آليات للتعاون الدولي في القضايا العابرة الحدود، التي تستخدم فيها التقنيات الالكترونية.
ودعت الرشماوي إلى زيادة الوعي لدى الأهالي وتنفيذ حملات توعية في المؤسسات المجتمعية والمدارس واستهداف كافة الأعمار، لإظهار المخاطر الناجمة عن الاستخدام الخاطئ للفضاء الالكتروني.
واهابت بالمواطنين التوجه وتقديم الشكاوى إلى إدارة وحدة الجرائم الالكترونية، التي شكلت عام 2016 وادرجت ضمن العمل في إطار المباحث العامة، وتعمل بحرفية وسرية تامتين، وتضم ضباطا متخصصين في الجانب الالكتروني.
القضايا المتعلقة بالجرائم الالكترونية، التي كشف عنها، حولت إلى قسمي حماية الأسرة في الشرطة، ومديريات الشؤون الاجتماعية بمختلف المحافظات، إلا أن العشرات من هذه القضايا لا تزال طي الكتمان جراء العادات والتقاليد والحفاظ على سمعة الفتاة وعائلتها، وهذا ما يزيد الأمر تعقيدا ويشجع على استمرار هذه الجرائم وازديادها.
وكالة وفا