منذ اللحظة الاولى لانتشار الفيديو المصور الذي يوثق جريمة اعدام الشهيد عبدالفتاح الشريف في مدينة الخليل، تحاول الحكومة الاسرائيلية وأذرعها المختلفة السياسية والعسكرية والقضائية، إمتصاص ردود الفعل الدولية على هذه الجريمة البشعة، عبر مسرحية الاحتجاز الشكلي للجندي القاتل "ازرية" ومحاكمته صورياً، وذلك للتحايل على المحاكم الدولية والهروب من المساءلة القانونية.
وباستثناء بعض الأصوات التي حاولت الدفاع عن ما تسميه بـ (أخلاقيات) مزعومة لجيش الاحتلال، انبرى غالبية المسؤولين الاسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ولفيف من وزرائه للدفاع عن القاتل "ازرية"، وتجندت عديد الجمعيات والمنظمات الاستيطانية المتطرفة في اسرائيل وبمساندة من جمهور اليمين واليمين المتطرف الحاكم في اسرائيل، لجمع الأموال لتمويل حملة الدفاع عنه والمطالبة بتبرئته، هذا بالاضافة الى فتاوى الحاخامات المتطرفين التي أجازت ما قام به القاتل "ازرية"، وشرعت عمليات قتل الفلسطينيين وشجعتها.
واستكمالا لهذه (المسرحية القضائية) وتأكيدا على عنصرية الاحتلال في تعامله مع الفلسطينيين، شاهدنا اليوم (الفصل الأخير) من (محاكمة) القاتل "ازرية" وأجوائها العائلية والشعبية، والطريقة التي دخل فيها ضاحكاً الى (قاعة المحكمة) ليأخذ مكانه الى جانب ذويه، في دليل واضح على عدم الجدية والاستهتار بحجم الجريمة التي ارتكبها.
وفي محاولة لاظهار الجريمة وكأنها تصرف فردي، غاب عن (المحاكمة) القادة والمسؤولين السياسيين والعسكرين الذين حرضوا على قتل الفلسطينيين وأصدروا التعليمات بتسهيل عمليات اطلاق النار عليهم، دون أن يشكلوا أي خطر أو تهديد على جنود الاحتلال.
وهو الأمر الذي أكدت عليه منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقريرها الأخير، والذي أكد على أن كبار المسؤولين الاسرائيليين يشجعون الجنود والشرطة الاسرائيلية على قتل الفلسطينيين فقط لمجرد الاشتباه بهم، وأكد التقرير على وجود مئات الحالات المشابهة التي ارتكب فيها جرائم قتل واعدام ميداني بحق الفلسطينيين دون أية مساءلة أو تحقيق.
كما أكدت منظمة "يش دين" الحقوقية الاسرائيلية، على أن غالبية عمليات التحقيق التي شرعت بها شرطة التحقيقات العسكرية الاسرائيلية عام 2015 تم اغلاقها بما فيها الحالات التي انتهت بإعدام مدنيين فلسطينيين.
تؤكد الوزارة أن المطلوب ليس فقط محاكمة وادانة القاتل "ازرية" بل محاكمة المنظومة الاحتلالية برمتها التي تتسابق وتتكامل في التحريض على قتل الفلسطينيين، وترتكب يوميا عشرات الجرائم بحقهم، ضاربة بعرض الحائط القوانين والمواثيق الدولية. كما تدعو الوزارة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الدولية التعامل بجدية مع هذه المحاكمة الصورية، والوقوف بحزم أمام الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين بما فيها القتل خارج القانون، وتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية حيال جرائم الاحتلال.