ما الذي يسعى إليه تنظيم "داعش " من استهداف تركيا؟

هجمات داعش

رام الله الإخباري

لم يعد تنظيم " داعش " يخفي هجماته داخل تركيا كما كان يفعل في السابق واعترف للمرة الأولى بالمسؤولية عن واحدة من أكثر هجماته دموية من خلال هجومه الأخير في ناحية أورتا كوي المكتظة بالمقاهي والمطاعم في اسطنبول خلال احتفالات رأس السنة الجديدة.

وعلى مدار سنوات المواجهة بين تركيا والتنظيم وقعت العديد من الهجمات الانتحارية التي وجهت فيها الدولة اصابع الإتهام للتنظيم بعد كشفت التحقيقات هوية المنفذين.

وبدأت الهجمات الانتحارية التي تستهدف تركيا مطلع العام الماضي 2016 ، مع قيام شاب سوري تبين أنه له ارتباطات بتنظيم الدولة بتفجير نفسه في ساحة مسجد السلطان أحمد أشهر ساحات اسطنبول واستهدافه لإحدى المجموعات السياحية فقتل 15 سائحا ألمانيا.

وكان هجوم السلطان أحمد مؤشرا على بدء التنظيم استهداف العمق التركي بعد مشاركة انقرة في ضربات التحالف الدولي، وتلا هجوم السلطان أحمد استهداف شارع الاستقلال بمنطقة تقسيم السياحية، قام بتنفيذه مطلوب للأمن التركي بشبهة الانضمام للتنظيم، لتتوج الهجمات المتتالية بهجوم ثلاثي في مطار أتاتورك الدولي أوقع عشرات القتلى والجرحى دون تبن مباشر من التنظيم.

وسبقت هذه الهجمات عمليات أخرى في العام 2015 استهدفت فعاليات كردية في الفترة التي كانت معارك التنظيم في أوجها مع المليشيات الكردية في عين العرب (كوباني).

ويرى مراقبون أن أهداف التنظيم من جراء عملياته في الخواصر المدنية داخل تركيا إنما يهدف للضغط على تركيا في منطقة حساسة وهي السياحة لتحقيق استنزاف طويل يطال عصب البلاد الاقتصادي، والتي تزامنت مع انخفاضات شديدة بسعر صرف الليرة بشكل حاد، وما ترتب من ارباكات اقتصادية كبيرة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة .

استنزاف اقتصادي

الخبير الاستراتيجي الدكتور عامر السبايلة قال إن تنظيم الدولة شرع في استراتيجية جديدة في هجماته تعتمد على الاستنزاف الاقتصادي والإرهاق الأمني بعيد المدى في تركيا .

وقال السبايلة لصحيفة عربي 21  إن تنظيم الدولة اختار هدفه بعنايه ووجه ضربة قوية للسياحة في هجومه على الملهى الليلي في الوقت الذي تحاول فيه تركيا طمأنة العالم على وضعها السياحي.

ولفت إلى أن العملية خطط لها التنظيم "بعناية ليتأكد من فعالية الهجوم وتحقيق نتائج ثم انسحاب المهاجم وهو ما حصل" مشددا على أن هذه العوامل جميعها "تلحق خسائر بالاقتصاد وتعطي انطباعات للعالم بضعف الأمن وهذا ما يريده التنظيم".

وأوضح السبايلة أن تركيا "لم تتعاف بعد من تبعات تضرر العلاقة بروسيا وخسارتها للسياح الروس الذين كانوا أحد أهم روافد الاقتصاد في المنتجعات التركية لتأتي هذه العملية وبهذا التوقيت الحساس في ذروة السياحة والاحتفالات برأس السنة وتصيب في مقتل". 

ولفت إلى أن تنظيم الدولة يستغل سياسة تركيا بكونها "بلدا مفتوحا للجميع وجاذبا وكونه لا يشترط تأشيرة دخول على العديد من دول العالم و هذا وفر ميزة للتنظيم للتحرك بسهوله وتنفيذ هجمات".

ورأى السبايلة أن ضرب ملهى ليلي في تركيا أبعاده أكبر من الخسائر الآنية في القتلى بل في فكرة "ضرب الأمن وإلحاق خسائر فادحة في شركات الطيران التركية ومشروع المطار الجديد الذي من المتوقع أن ينافس مطارات كبرى في العالم وهذه الخسائر بحاجة لسنوات إلى تعويضها وإعادة الثقة بقوة الأمن".

مواجهة مفتوحة

بدوره قال المحلل السياسي التركي معين نعيم إن الهجوم الأخير ليلة رأس السنة في إسطنبول مؤشر على تلاق في الأهداف بين عدد من القوى في العالم على إضعاف الاقتصاد التركي وتحطيمه من خلال التلاعب الاقتصادي وإظهار تركيا في مظهر البلد غير الآمن والجاذب للاستثمارات.


وأشار نعيم " إلى أن التنظيم يريد إرسال رسالة إلى الشعب التركي أنه "سيدفع ثمن تدخل قواته في سوريا وضرب معاقله في الباب وقبلها جرابلس ومناطق سيطرته في الشمال السوري والعراق".

وشدد على أن إخفاء التنظيم هويته عن الهجمات سابقا كان وراءه "عدم انخراط تركيا بشكل مكشوف في الحرب ضده لكن مع التدخل المباشر أصبح التنظيم يعلن عن نفسه وأن هجماته رد على دخول القوات لسوريا بل ويستهدف عصبا هاما في تركيا في استراتيجية واضحة لاضعاف القطاع السياحي الحساس للبلاد".

وقال نعيم إنه "لم يعد أمام تركيا اليوم مجال سوى الاستمرار في المواجهة مع تنظيم الدولة والرد على هجماته في أماكن مؤلمة لمنعه من الاستمرار لأن المعركة أصبحت مباشرة ومفتوحة على الأرض في سوريا وهي حياة أو موت".

يذكر أن تنظيم الدولة هدد على لسان ناطقه الرسمي الشهر الماضي في تسجيل صوتي باستهداف العديد من المصالح التركية حول العالم.

وقال الناطق الجديد باسم التنظيم أبو حسن المهاجر إن "جنود الدولة سيستهدفون مفاصل الحكومة التركية العلمانية المرتدة في كل مكان الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية بل كل سفارة وقنصليه تمثلها في بلدان العالم أجمع".

 

 

عربي 21