تبنى مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة، الليلة، قرارا يدين الاستيطان ويطالب بوقفه في الأرض الفلسطينية المحتلة.ولأول مرة منذ 36 عاما، صوت 14 عضوا في مجلس الأمن لصالح القرار، في حين امتنعت الولايات المتحدة الأميركية لوحدها عن التصويت.
وكانت دول السينغال وماليزيا وفنزويلا ونيوزلندا تقدمت بمشروع قرار ضد الاستيطان لمجلس الأمن الدولي للتصويت عليه الليلة.وقال مندوب ماليزيا، قبل بدء التصويت، إننا ننظر إلى تحرك من كل أعضاء مجلس الأمن الدولي بشأن قضية المستوطنات واتخاذ الإجراءات من أجل وقف الاستيطان، وأن يكون هناك إجراءات مباشرة لوقف أشكال العنف ضد المدنيين وأعمال الإرهاب والعمل من كل الأطراف ليتحقق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف أن هذا المشروع يطالب بالعمل على وقف الاستيطان، مشيرا إلى أن هناك قلق تجاه ما يحصل على الأرض فيما يتعلق بالمستوطنات.وقال إننا نريد معالجة هذه القضية الحساسة جدا وهذا يتطلب إجراءات عملية على الأرض وهذا يتطلب إجراءات عملية على الأرض وموافقة أعضاء مجلس الأمن بهذا الشأن.
بدوره، قال مندوب نيوزلندا "إننا نأمل أن يصوت مجلس الأمن لصالح قرار وقف الاستيطان، مشددا على ضرورة التركيز على قضية المستوطنات التي تهدد إمكانية قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، في حين أكد مندوب فنزويلا على ضرورة العمل من أجل السلام واتخاذ الإجراءات اللازمة للمساهمة في الوصول إلى حل سلمي للصراع.
بدورها، استعرضت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن الدولي السفيرة سامانثا باور، عقب التصويت على القرار، مخاطر الاستيطان على حل الدولتين، وحتى على أمن إسرائيل.
وقالت: أي نشاط استيطاني غير ضروري ولا يؤدي إلى بناء الثقة، وهو يعيق الوصول إلى السلام، والرئيس الأسبق رونالد ريغن قال سأنهي الصراع، وهو قدم مقترحا بهذا الإطار"، موضحة أن واشنطن ملتزمة بالسلام الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن موقف الولايات المتحدة طويل الأمد يقوم على أن الاستيطان يلحق الضرر بأمن إسرائيل، وبخاصة الذي يتم على أراضي 1967.
وأشارت إلى أن عدم إفشال مشروع القرار من قبل واشنطن هو سابقة منذ عام 1967 وأن الرئيس بارك أوباما يعكس بهذا الأمر موقف الولايات المتحدة، وهذا التصويت بالنسبة لنا مبني على قرارات الأمم المتحدة، وإسرائيل هي عضو في هذه المنظمة.
وتابعت مندوبة أميركا: عام 2016 يوجد 12 قرار ضد إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان وهذا أكثر مما أتخذ ضد كوريا الشمالية وسوريا وغيرها من الدول، وأميركا تعمل لتجعل إسرائيل صديقة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ولتحصل المؤسسات الإسرائيلية على كافة الامتيازات من الأمم المتحدة.
وأشارت إلى وصول عدد المستوطنين في أراضي الضفة الغربية والقدس، إلى أكثر من 500 ألف مستوطن، بالإضافة إلى بناء الجدار الفاصل، مضيفة: ونذكر بأن الرباعية الدولية عبرت عن غضبها من الأنشطة الاستيطانية غير القانونية بنظر القانون الدولي.
وشددت على أن محاولة البرلمان الإسرائيلي لتشريع الاستيطان هو أمر غير مقبول، مشيرة إلى طبيعة السياسة التي تتبناها حكومة نتنياهو لدعم الاستيطان.
وقالت السفيرة باور: لا بد من العمل لوقف الاستيطان، والأمم المتحدة أدانت الاستيطان بشكل واضح ومنذ عام 2011 زاد الاستيطان بشكل كبير، والرئيس الأميركي ووزير خارجيته أكدا أن الاستيطان يجعل حل الدولتين في خطر، وهذا القرار جاء لكي لا نحطم خيار حل الدولتين.
وأضافت: عندما حدث الوضع الإنساني في غزة لم يكن هناك تلكؤ في إنهاء هذا الوضع، كما كانت هناك تحركات لحماية أمن إسرائيل.
من جانبه، عقب مندوب مصر في مجلس الأمن، عمرو أبو العطا، على ما جرى بالقول: الاستيطان غير قانوني، وهو موقفنا الثابت ولا تغيير فيه".
وأضاف: يجب ان نتحلى بالحكمة وبالمعالجة الواقعية دون مزايدات وبخاصة قضية الاستيطان التي ترتبط بشكل مباشر بقضايا الحل الدائم.
وشدد على ضرورة حل القضية الفلسطينية بالاستناد الى قرارات 242و338، وغيرها قرارات الشرعية الدولية.
وتابع مندوب مصر: إن الثوابت والمحددات الخاصة بالاستيطان والقضية الفلسطينية منصوص عليها بقرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن.
وأردف: لقد وجدت مصر اليوم مضطرة لسحب مشروع القرار لسحبه من الناحية الإجرائية على خلفية المزايدات التي تعرضت لها، وهذا أمر غير مقبول شكلا أو مضمونا، فلا يمكن المزايدة على مصر التي تعتبر القضية الفلسطينية جزءا من اولوياتها.
وقال: لقد صوتت مصر لصالح مشروع القرار انطلاقا من مبادئها الراسخة، فهي أول من رفعت السلاح دفاعا عن الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة، وأول من صنع السلام مع اسرائيل، وهي من أشد المؤمنين بإمكانية إحلال السلام على أساس الأرض مقابل السلام.
وعقب مندوب فرنسا في هذه الجلسة على نتيجة التصويت بقوله: إنه قرار تاريخي وهو القرار الأول الذي يتباه مجلس الأمن فيما يخص الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود، والموقف أصبح واضحا وشفافا.
وتابع: إن بناء المستوطنات يشكل خطرا على السلام، فكان لا بد من أن يمر بتوافق جماعي، فالاستيطان تسبب بتوتر على الأرض، وما يجري من توسع استيطاني هو خلاف لقرارات المجتمع الدولي.
وشدد على أن التدخل من قبل مجلس الأمن كان ضروريا لوضع حد لسياسة فرض الحقائق، منددا بفرض قيود على حرية الحركة، مضيفا: هذه سياسات غير قانونية".
وأعرب مندوب فنزويلا، عقب التصويت، عن رضاه لتبني مجلس الأمن الدولي لقرار وقف الاستيطان، مؤكدا أنه "خطوة إلى الأمام لأن الصراع معقد للغاية والحاجة ماسة للاستجابة للتحديات الكبيرة التي يواجهها حل الدولتين".
وقال إن المستوطنات تقف ضد القانون الدولي وتعمل على انتهاك حقوق الفلسطينيين وهدم بيوتهم وحرمانهم من حياتهم وحقهم في تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
وأضاف أن على مجلس الأمن الدولي التزام ومسؤولية للدفاع عن السلام ولتنفيذ القانون الدولي، ومسؤولية أخلاقية لدعم القضية الفلسطينية.
وشدد على ضرورة إصدار كافة القرارات الممكنة لإحقاق حقوق الفلسطينيين وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي والتخلي عن سياساتها في امتداد احتلالها للأرض الفلسطينية واعتداءاتها وإغلاقها لقطاع غزة، والاستمرار في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني واستخدام القوة العسكرية غير المتناسبة، إضافة لاعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، مشيرا إلى أن كل هذه الأمور تضع الأطفال والمدنيين الأبرياء أمام مشكلة، و"هذا وضع غير مقبول وعلى إسرائيل أن تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي".
وقال إن مجلس الأمن الدولي لديه الشجاعة الكافية وبين ذلك تبنيه مشروع هذا القرار على أمل أن يتبعه خطوات.
بدوره، قال سفير الصين إننا نرحب بهذا القرار الخاص بالمستوطنات، مؤكدا أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط والمنطقة، وأن إحقاق حقوق الفلسطينيين مصلحة دولية.
وأضاف أن التوسع الاستيطاني من شأنه أن يعقد المشكلة ويؤدي لانهيار الوضع الإنساني على الأرض، مؤكدا أن الصين دعمت مجلس الأمن في قراره تجاه القضية الفلسطينية.