قصة أحلام التي قتلها زوجها وهي حامل ودفنها

احلام قتلها زوجها وهي حامل

رام الله الإخباري

'كانت أحلام كأيّ فتاةٍ تحبّ الحياة بتجلياتها الجميلة، تحبُّ العطور المختلفة والملابس الأنيقة، تحب الحياة بتفاصيلها، كباقي الفتيات، أحبّت شابًا وتزوجته وحملت منه بطفلٍ، ولكنّ الزوج في ذات ليلة قتلها خنقًا في كوخٍ خشبيّ هي ومن في أحشائها، ولم تعثر الشرطة على الجثة منذ 45 يومًا'.

ما وردَ أعلاه لم يكن مقتبسًا من قصّةٍ دراميّة تركيّة، بل هي قصة تشابكت خيوطها القاسية ما بين مدينة الناصرة و'نتسيرت عيليت'، لفتاةٍ تُدعى أحلام زيادات، توفي والدها وهي طفلة في السنة الرابعة من عمرها.

عائلة أحلام المكلومة تتقلبُ على الجمرِ منذ توارد الأنباء عن اختفائها ومن ثم قتلها، بينما هناك ألسنةُ لا ترحمُ الموتى والضحايا من تأليف القصص وتأويلها. وعندما دخلتُ منزل العائلة وجدتُ رفضًا قاطعًا لإجراء هذه المقابلة الصحافيّة، رغم أهميتها، وذلك بسبب عدم الثقة التي تحملها العائلة تجاه وسائل الإعلام من خلال تجارب سابقة، وبسبب مجتمع لا يقفُ في صفّ الضحية غالبًا ليأخذ على عاتقه مهمّة التفسير لكل ما يجري، وهو على عدم دراية به.

قدمت شكويان ضده في الشرطة وتنازلت لاحقا

الحزنُ والدقائق الثقيلة الحُبلى بالألم تتباطأ في منزل عائلة أحلام المكون من الأم وشقيقتين وأخ، تنظرُ الأمُّ، فوزية عبّاس، إليّ وتريدُ إنصافًا ما من عدلٍ مجهول الهوية بعد، وتروي أنّ حكاية أحلام بدأت مُذ تعرّفت على شابٍ يُدعى عوني زيادات، كان يحبها كثيرًا لدرجةِ تقبيل قدميها أمامنا في منزلنا، تزوجها وكان يموتُ حبًّا وهيامًا بها، بعد الزواج بدأت تتعرضُ للعنفِ من قبلهِ رغم ادّعائه بانّه يحبها وغيرته الشديدة عليها، وعندما حاولنا إقناعها بتركهِ رفضت.

'كنتُ أخافُ على ابنتي من زوجها، وكانت تتساءلُ هي عن سبب خوفي منه، وحين حملت بطفلٍ منه فرحتْ جدًا، وكانت تعدُّ الأشهر المتبقية لها لقدومِ المدلل الذي سيكون، بعد الزواج بات يمنعها من الخروج إلى الطبيب أو العمل بمفردها حتى أنا أمها لم يكن يسمح لها بالخروج معي، بادّعاء الغيرة، فكانت لا تخرج من المنزل إلا معه فقط، وقد حاولنا تعليمها السياقة ولكنّه مزق الأوراق قائلاً: ممنوع الناس تشوفك'.

هذا ما قالته الوالدة، وتابعت بلجهةٍ عاميّة: 'كان نفسها تشوف الولد وتربيه، على شو قتلها بعرفش. كانت تحبّه، ولبست على راسها عشانه، وكمان لبست طويل'.

فترة خطوبتها كانت ثلاثة أشهر فقط، وزواجها دام عامًا واحدًا، وفي هذا العام ضربها ضربًا مبرحًا استدعت نقلها بسيارة إسعاف إلى مستشفى 'هعيميك' في العفولة بعد أن رآها الجيران مصابة.

وروت الأم والحسرة في قلبها: 'منذ تلك الحادثة ونحن نحاول إقناعها بأن تتركه، ولكنها كانت ترفض بحجة أنّ لا أحد لديه ليذهب إليه وتقول 'حرام'، وقد تنازلت عن الدعوى ضدّه، ولكنّه عاود وضربها وقدّمت شكوى أخرى عليه ومن ثم تنازلت عنها للمرة الثانية'.

شكويان في مركز الشرطة تنازلت عنهما كي لا يمسه الضرر، كان يضربها، ثم يتأسف لها بالقول: 'آسف حبيبتي والله ما عاد أصيبك'، وبهذا كانت ترفض الطلاق منه، وتعود إليه في كل مرة يؤذيها. ورفضت دعوات العائلة مرارًا وتكرارًا إلى تركه لأنّها تحبه. حاولنا كثيرًا أن تعود للعيش معنا هي وابنها، ولكنها رفضت لأنّها كانت تتصالح معه في كل مرة بسبب 'طيبة قلبها'، كانت تختصر المشاكل ولا تقول له كلمة 'لا' معتقدةً أنّها حين ستنجب ابنها سيتغير زوجها وأنّ عليها أن تصبر.

آثار العنف بدت واضحة على أحلام منذ زواجها. وقالت العائلة لعرب 48 إنّ الزوج قرر إجهاض الجنين وقتله إن كان انثى وإبقاءه إن كانَ ذكرًا، وقد تبين من الفحوصات أن الجنين كان ذكرًا لذلك قرر الزوج إبقاءه. وفي هذا السياق تشير العائلة إلى أن الزوج القاتل كان يُظهر سعادة بالغة تجاه الجنين الذكر، وخوفًا شديدًا على المغدورة من خلال اتصاله عدّة مرات في ذات اليوم للاطمئنان عليها وعلى الجنين.

وعن تفاصيل الجريمة أفاد بيان من النيابة العامة أنّ الزوج عوني زيادات (23 عامًا) قدّم في تاريخ 25.10.2016 بلاغًا أنّه تم اختطاف زوجته على يد ملثمين مجهولي الهوية خلال عودتهما من سهرة في حيفا، ولكن الشرطة اكتشفت لاحقًا أنه غير صادق في أقواله، وعليه تم اعتقاله، خاصةً أنّ هذا البلاغ أتى بعد يومٍ من ذهابه إلى الكوخ الخشبيّ في 'نتسيرت عيليت' والتقاط تسجيل له وهو يدخل برفقتها، ويخرجها جثة هامدة منه.

وأثناء مكوثهما لساعتين في الكوخ، خرج المتهم وقام بتفقد المنطقة، وعاد إلى الغرفة ثم خرج وهو يحمل جثة زوجته، ووضعها على المقعد الخلفيّ في سيارته، وألقى حذاءها في الطريق.

وجاء كذلك أنّ المتهم ذهب إلى منزل شقيقته في 'نتسيرت عيليت'، وطلب منهم أداة للحفر وبعد ساعات عاد إلى شقيقته، واعترف لها أنّه خنق زوجته حتى الموت، وأنّ لا أحد يستطيع العثور على جثتها.

وقال لأخته: 'لأنني أحبها، وأغار عليها قتلتها... والآن أنا مرتاح'، هذا ما أفادت به الأم، وتابعت أنّ هناك تسجيلات مصوّرة من الكوخ الخشبيّ في تاريخ 24.10.2016، حين دخلت ابنتي فرحةً مبتسمة إلى الكوخ الخشبيّ حاملةً في يدها مشروب كوكاكولا في تمام الساعة الثامنة، ولكنها بعد ساعتين خرجت محمولة جثة هامدة على يده'.

الجهات المسؤولة

'الشرطة مقصّرة'. هذا ما قالته الأم وتابعت متسائلة باستنكارٍ: هل حقًا الشرطة لا تستطيع العثور على الجثة؟ وكيف تدافع المحامية المعينة من قِبل النيابة العامة عن زوجٍ قتل زوجته بهذه الطريقة وهي امرأة؟ ألا تخاف أن يحصل هذا مع ابنتها أو شقيقتها أو أي امرأة تقربها؟ بل وتقوم بالهمس له ومعاملته بشكلٍ جيّد ولطيف جدًا'.

وأكدت الأم أنّ 'الشرطة مقصّرة في إيجاد الجثة، فلو كانت الضحية يهوديّة لعُرف مصيرها في غضون يوم على الأكثر، ورغم أنّ الشرطة تؤكد للعائلة أنّها ستعثر على الجثة عاجلاً أم آجلاً، فأنا لن أصدق أن ابنتي ميّتة إلا حين ارى جثتها، وأطالب بإخراج الجثة بأي طريقة'.

من جهتها تطالب الشقيقة الأصغر للمغدورة القضاء بأن يُحكم المُتهم زيادات بالسجن لمؤبدين، فهو قتل روحين، فالجنين في الشهر السادس كان على قيد الحياة، ولكنّه قُتل على يد والده الذي نطالب كعائلة بإنزال اقصى العقوبات كي يكون عوني زيادات عبرة لكل الأزواج والرجال المُعنفين للنساء، لعلّ هذه العقوبة قد تردع الرجال الآخرين عن فعل ما فعله ليكون عبرة لمن اعتبر، مع العلم أنّه بكامل وعيه وصحته العقليّة فلم نكن نلحظ عليه أيّ شيء من علامات المشاكل النفسية أو العقليّة.

الإعلام من وجهة نظر عائلة المغدورة

رفضت عائلة أحلام أن ألتقط الصور لأي شخصٍ من العائلة على الإطلاق، ولم تسمح بهذه المقابلة إلا بعد كثير من المحاولات، لعدم ثقتها بالإعلام.

من خلال تجربتها، أعربت الوالدة أنّ هذا القرار اتى بعد أن رأت الإعلام يكتب ما لا تقول حقيقةً، معبّرةً: رأينا أنّ الإعلام يضيف من عنده أمور لم نقلها من خلال تجاربنا السابقة في الحديث له، وبهذا قررت عدم الحديث مع الإعلام نهائيًا، البارحة لم أكن أود الحديث عبر الإعلام وقلت لهم ذلك، ولكنّهم بدأوا بتصويري'.

وبغضبٍ قالت: 'أنا بشو وهني بشو، زي ما تقولي استغلوا الإشي، أنا عندي بنتي ميتة ومش عارفة وين هي مدفونة، والإعلام بركض عشان يكتب مش مهم شو، صح ولا غلط بس بدو يكتب'.

رسالة إلى النساء

 'ما هي الرسالة التي توجهينها للنساء اللواتي يتعرضن للعنف بشتى أشكاله؟'، أجابت أنّ المرأة التي تتعرض للضرب والعنف من قبل زوجها أو خطيبها أو أيًا كان يجب ألا تصمت، ولا يجب على المرأة أن تخاف من كلمة مطلقة، وقالت بلكنةٍ عاميّة تمامًا: 'بنات الناس مش لعبة... البنت الي بتنقتل بتضل حسرتها في قلب أمها طول العمر'.



1480961297216499

1480961297410736

1480961297480476

1480961297728923

1480961297765569

1480961299240229

1480961305410323

 

 

عرب 48