لن أنشر صور زوجي وأبنائي على الفيسبوك

مخاطر نشر صور الاطفال عبر فيسبوك

رام الله الإخباري

في الوقت الذي يقول فيه الناس: لا تنشروا صور الأزواج الناجحين على مواقع التواصل خوفاً من العين والحسد، تجدُ الأزواج ذاتهم يتصورون في أعراسهم على مرأى الجميع وبحركات استعراضية أمام الكاميرا ولا مانع من ذلك! 

وفي الوقت الذي تَمنع فيه النساء بناتهنّ من التحدث عما يملكنَ من مجوهراتٍ خَشية العين والحسد، تراهنّ في المجالس وهنّ يتبخترنَ بالذهب والفضة أمام الناس دون أي اعتراضٍ!

وفي الوقت الذي يقول فيه الناس: لا تعرضوا صور أبنائكم على مواقع التواصل خوفاً من العين والحسد لمن لا يملكون أبناءً مثلهم، تجد أن كل من يزور العائلة يرى الأبناء كما يراهم كلُّ مَن في الشوارع والطرقات دون التفاتٍ من الأهل إلى ذلك!


بين الواقع المُعلَن وإخفاء الوقائع من أصحابها؛ يلوم الناس العين والحسد في كثير من الأضرار التي تصيبهم ، ويُرجعون ذلك إلى أسباب يرضون عنها، ومن هذه الأسباب:

١. يُرجع الناس أسبابهم إلى العين والحسد إذا لم يكن لديهم تبرير للفشل الذي وقعوا فيه سوى تبرير خارج عن إرادتهم، رغمَ أن نقاط الفشل تكون واضحةً بيِّنةً والأسباب تنادي: ها أنذا! وأرى علاج هذا بتحرّي الأسباب الحقيقية وراء الفشل الذي يحصل معهم، وأن ينظروا نظرةً عادلة لمشاكلهم، الأمر الذي يساعدهم في معرفة الأخطاء التي وقعوا فيها ومحاولة تجنّبها في المحاولات القادمة عوضاً عن الراحة الكاذبة التي يفتعلونها بعد إرجاع الأسباب إلى أسباب خارجية لا علاقة لهم بها.

 

٢.كذلك، يضع الناس العين والحسد موضع اتهام عندما يريدون أن يحفظوا ماء وجههم أمام المجتمع، فإذا حصل أي أمر لسببٍ ما واضح -كالطلاق مثلاً لسبب عدم التفاهم بين الزوجين- وأرادوا أن يتنصّلوا من العتابات التي ستنهال عليهم ممن حولهم بعد الانفصال، يجدون أن اللاصق الأفضل لإسكات هذه الأفواه هو اتهام العين والحسد. وأرى العلاج لهذا أن تُدرس الأمور بين الناس بشكل أعمق وأكثر جديّة، لكي يفضي ذلك نهايةً إلى حلٍّ آنيٍّ حقيقي، لا مستحضرات تجميل تغيّر من معالمه لكي يُرضي مَن حوله ويبقى بذاتهِ موضع مشكلة.

٣. يتهم الناس العين والحسد عندما يريدون أن يعظّموا من شأنهم أو من شأن أمورهم، يبدو للعقل البشري أنّ العين والحسد لا يحصلان إلا لأمرٍ مبالغ فيه "مبالغ في الجمال/ المال/ الراحة/ الأولاد/ النجاح"، ويميل الإنسان بطبعه إلى إشباع " الأنا" التي تقبع داخله وهذه إحدى الطرق الفعالة. وأرى العلاج هنا في أن ينظر الشخص نظرةً حقيقيةً للمشاكل، لا أن يُشبع "الأنا "؛ لأنّ إشباعها في لحظةٍ ما سيتطلب منه إشباعها مرة أخرى إذا جاعت وهلمّ جرّاً.

٤. يتهم الناس العين والحسد عندما لا يجدون تبريراً منطقياً لما حدث معهم دون تكليف أنفسهم عناء البحث عن تبرير، كأن يقولون: فلانٌ حُسِد فأصيبَ بمرض، دونَ معرفتهم بأنّ التهاباً لم يتابعوه للمريض أدى به إلى الإصابة بمرضٍ أَعقد. وأرى العلاج هنا في متابعة المشاكل منذ لحظتها الأولى والنظر في تأثيرها على الخطوات التالية لكي لا تكونَ النتيجة مبهمة تحيّر صاحبها.

لا تنكر هذه المقالة وجود العين والحسد؛ لما ذُكر في القرآن الكريم والسُنّة النبوية من أدلة على وجودهما والأذكار التي تقِي من وقوعهما علينا، لكنّ المقالة تنكر الأسباب التي يُلبسها لهما الناس وهما بريئان منها.

هافينغتون بوست عربي