رام الله الإخباري
تطفو قضية الأخطاء الطبية هذه الأيام على صفيح ساخن، بعدما تكررت عدة مرات خلال وقت قصير، وتسببت في وصول المواطنين إلى حالة من الضجر وعدم الإحساس بالأمان جراء استمرارها، عدا عن ضعف عملية الرقابة والتفتيش من الجهات المسؤولة، وإغلاق الملفات دون محاسبة الجاني في كل مرة تشكل فيها لجنة تحقيق.
قبل نحو أسبوعين تدهورت الحالة الصحية للمواطنة نهاية حسين محمود أبوعبسه (52 عاما)، من مدينة رام الله، ونقلت آنذاك إلى مجمع فلسطين الطبي، وكانت تبدو عليها علامات الإصابة بالجلطة كما تقول ابنتها المحامية نفين درويش أبو عبسه، التي أكدت أنَّ الأطباء في قسم الطوارئ قالوا لها: "ما فيها إشي.. كل شي طبيعي".
مساء الخميس الماضي تراجعت الحالة الصحية لنفس المواطنة مجدداً، ونقلت إلى مجمع فلسطين الطبي وهي في حالة صحية "يرثى لها"، كما تقول ابنتها المحامية نفين، مؤكدة أنها نقلتها بنفسها إلى المستشفى وكانت شاهدة منذ البداية على كافة التفاصيل.
تشير المحامية نفين أبو عبسه "، إلى أنه وبعد وصولهم إلى المستشفى، قام الأطباء بإجراء فحوصات لوالدتها دون التوصل إلى نتيجة تشخص الحالة، إلا أنَّ علامات الإصابة بالجلطة كانت تبدو عليها بشكل واضح، مضيفة: "كنت خايف من شكل أمي".
وتتهم أبو عبسه احد اطباء مجمع فلسطين الطبي بالوقوع في خطأ طبي بعدما أخطأ في تشخيص الحالة، وأخبرها أن والدتها "مش مخطرة.. عادية.. ما فيها اشي".
وأضافت أبو عبسه: "استمرت والدتي في قسم القلب منذ مساء الخميس وحتى مساء الجمعة، وطلب نفس الطبيب مرتين إجراء صورة طبقية لها دون أن يشخص أنها أصيبت بالجلطة، وكانت الحالة الصحية لها من تذهب سيء إلى أسوء".
وأكدت أنها طالبت باستمرار إدخال والدتها إلى العناية المكثفة بعدما استمر تدهور حالتها الصحية بشكل كبير، وعدم مقدرة أي طبيب على تشخيص إصابتها بالجلطة.
مساء يوم الجمعة، وصل إلى مجمع فلسطين الطبي احد الاطباء من مناوبة في مستشفى آخر، وبعد وصوله شاهد الحالة في وضع صحي خطير، وعلى الفور شخص حالتها بأنها مصابة بجلطة في الخلايا الجذعية داخل الدماغ، بعدما شاهد الصورة الطبقية لها، وقال إنَّ الواجب كان يقتضي إدخالها إلى العناية المكثفة منذ لحظة وصولها إلى المستشفى، كما أفادت أبو عبسه.
وأضافت "في اليوم الثاني (يوم السبت) أصبحت أمي بين الحياة والموت"، وفي داخل العناية المكثفه أخبرها الأطباء أن والدتها دخلت العناية متأخرة وفي أي لحظة من المتوقع أن تموت.
بعدما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من خلل في التشخيص منذ البداية وتدهور الحالة الصحية للوالدة نتيجة عدم إدخالها للعناية المكثفة، قررت المحامية نفين تحويل والدتها للعلاج في مستشفى "هداسا" الإسرائيلي على نفقتها الخاصة، وهنا بدأت مرحلة جديدة.
"طالبت بتقرير طبي يشخص حالة والدتي الصحية من أجل تحويلها لمستشفى هداسا" ذكرت أبو عبسه، وأكدت أنَّ الجميع بدء بالتهرب من المسؤولية وتحويلها من طبيب إلى آخر ومن قسم إلى آخر، دون أن تفلح في الحصول على تقرير طبي لوالدتها الذي تابع الحالة في أول يومين، ونفى مسؤوليته عنها بالقول: "مش أنا الدكتور المتابع".
وأضافت: "بعد ذلك وصلت إلى قسم الطوارئ، وكان المناوبون حينها من المتدربين، وتعرضت لانهيار عصبي وبدأت بالبكاء صارخة: مشان الله بدي تقرير عن حالة أمي".
وكما ذكرت أبو عبسه، أنه في ذلك الوقت ونتيجة لكل ما حصل، تهكم عليها عدد من الممرضين والأطباء وطلبوا لها الأمن لطردها من داخل قسم الطوارئ، بعدما رددوا عبارة "سيبك منها" مما أدى إلى انفعال الناس ووقوع مشاجرة كبيرة.
بدأت المشاجرة عندما قام المواطن خليل عدنان أبو عبسه شقيق المحامية نفين، ونجل المريضة نهاية بضرب الدكتور مصطفى عزام وإصابته بجروح في الرأس، رغم عدم وجود أي علاقة للدكتور بالحادثة وفقط تواجد في المكان، كما ذكرت نفين.
وعلى إثر حادثة الضرب هذه وصل عدد من المواطنين من أقارب المريضة، إضافة إلى أقارب الدكتور الذي تعرض للضرب إلى مجمع فلسطين الطبي، وهو ما استدعى تدخل الشرطة الفلسطينية التي اعتقلت 6 مواطنين من طرف المريضة،
وهم: المواطن خليل أبو عبسه وهو شاب مقعد قام بضرب الطبيب واحتجز لمدة يوم كامل لدى الشرطة ثم أفرج عنه، وشقيقه المواطن عمر أبو عبسه وهو موقوف لغاية الآن، إضافة إلى المواطنين ثائر فليفل، محمد الترمساني، إياد أبو عبسه، الذين وصلوا للمكان بعد المشاجرة.
وأكدت أبو عبسه، أنها نقلت شهادات من المواطنين المتواجدين داخل قسم الطوارئ بأنَّ الأطباء والممرضين قاموا بضرب شقيقها المقعد والاعتداء عليه، وبالإمكان الرجوع إلى الكاميرات والتحقق من الحادث.
يذكر أنَّ المحامية نفين أيضاً تعرضت للتوقيف لعدة ساعات لدى الشرطة، وهناك شقيق ثالث لها مطلوب حتى الآن للشرطة ولم يقم بتسليم نفسه.المحامية نفين أبو عبسه ختمت اقوالها : "هلأ إخوتي موقوفين وممنوع نروح نطمن ع إمي في المستشفى بقرار من الشرطة".
وأضافت، أنَّ زوجها وصل إلى المستشفى من أجل الصلح مع الدكتور المضروب إلا أنَّ أقاربه قاموا بالاعتداء على زوجها "رشو عليه فلفل"، مؤكدة أن لديها تقرير طبي يثبت ذلك.
رد وزارة الصحة
الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور أسامة النجار أكد أنَّ الأطباء في مجمع فلسطين الطبي بلغوا العائلة منذ البداية أنَّ الوضع الصحي للوالدة معقد جداً وخطير جداً، وغير معروف لديهم طبيعة حالتها، لأنَّ لديها أكثر من حالة صعبة، ومن الممكن أن لا تنجوا.
وأضاف النجار أنَّ "الأطباء بلغوا العائلة أنهم بصدد دراسة الحالة الصحية للوالدة ولم يتوصلوا إلى نتيجة حتى اللحظة، وهم يدرسون الحالة الصحية من أجل تحويلها إلى مستشفى آخر، حتى يتم التوضيح للمستشفى الجديد قبل التحويل إليه عن طبيعة حالتها الصحية".وأكد النجار، أن وزارة الصحة قامت بتحويل المواطنة فعلاً إلى مستشفى إسرائيلي بعد تشخيص حالتها الصحية.
وقال النجار إن نفس المواطنة أجرت قبل 7 سنوات عملية قلب مفتوح في مجمع فلسطين الطبي. وأوضح النجار، أنَّ الدكتور الذي أصيب خلال المشاجرة لا علاقة له بالحالة الصحية للمريضة أو عائلتها، وهو ما كانت قد أكدته أيضاً المحامية أبو عبسه.
وحول باقي التفاصيل أفاد النجار أنَّ مدير مجمع فلسطين الطبي الدكتور أحمد البيتاوي على اطلاع كامل بها، وبالإمكان الاستيضاح أكثر منه، وأنَّ وزير الصحة الدكتور جواد عواد على اطلاع كامل بالحادثة.
وقالت وزارة الصحة أن الأطباء أبلغوا العائة منذ البداية بالحالة الصحية للوالدة أنها خطيرة للغاية ومعقدة، والتشخيص جاري قبل تحويلها إلى مستشفى آخر، وبعد ذلك تم فعلاً تحويلها، بحسب المصدر الرسمي.
الوالدة في المستشفى خلافاً لما تقول وزارة الصحة
المحامية نفين أبو عبسه وأكدت أنَّ والدتها حتى اللحظة تخضع للعلاج في مجمع فلسطين الطبي داخل قسم العناية المكثفة وهي في غيبوبة، وحياتها مهددة بالتوقف في أية لحظة، ولم يتم تحويلها إلى أي مستشفى آخر، لتنفي بذلك ما ذكره الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية.
وأردفت أيضا، أنهم منذ البداية لم يشخصوا الحالة الصحية لوالدتها كما يجب، ولم يبلغوهم أن حالتها خطيرة بل على العكس أبلغونا "أمك ما فيها اشي".تساءلت أبو عبسه: "حتى اللحظة إخوتي في السجن وأمي في غيبوبة، فماذا لو توفيت والدتي؟".
الشرطة
يبدو أن الأمور باتت أكثر وضوحاً حول الوضع الصحي للمواطنة نهاية أبو عبسه وكيفية تعامل الأطباء مع حالتها في مجمع فلسطين الطبي، إلا أننا حتى اللحظة لم نتوصل لتفاصيل المشاجرة التي أدت إلى إصابة الدكتور مصطفى عزام، واعتقال 6 مواطنين من بينهم أولاد المريضة، وكل هذا لدى الشرطة الفلسطينية.
المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات أفاد أنَّ الشرطة تلقت بلاغاً يوم السبت الماضي حول وجود مشاجرة داخل مجمع فلسطين الطبي.وأكد ارزيقات ، أن "قوة من الشرطة تحركت للمكان وتم إلقاء القبض على 6 أشخاص من بينهم فتاة، بشبهة قيامهم بالاعتداء على طبيب".وأضاف ارزيقات، أنه تم الإفراج عن الفتاة وشاب آخر، والإبقاء على أربعة أشخاص بعد أن تم تحويل ملفهم للنيابة العامة وفق الأصول.
ضحيفة الحدث -محمد غفري