في عام 2008.. صنع مرشح الحزب الديمقراطي، باراك أوباما، جزءا مهما من تاريخ الولايات المتحدة، حين أصبح أول رئيس في التاريخ الأمريكي بشرته سمراء.
وبعد غد الثلاثاء.. ربما تكتب المرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة، هيلاري كلينتون، سطراً جديداً في هذا التاريخ، بأن تصبح أول سيدة على كرسي الرئاسة الأمريكية.
وتتنافس كلينتون (69 عاماً) مع المرشح الجمهوري رجل الأعمال الملياردير دونالد ترامب (70 عاماً)، على من يفوز بولاية رئاسية من أربعة أعوام، ليخلف أوباما في المكتب البيضاوي، ويصبح الرئيس رقم 45 للولايات المتحدة.
ورغم ما واجهتها خلال الحملة الانتخابية، من مشاكل عدة، بداية من قضية الهجوم الدموي على السفارة الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية عام 2012، وصولاً إلى قضية الرسائل الإلكترونية، إلا أن كلينتون تتميز عن ترامب بخبرتها في "إدارة الدولة" و"الدبلوماسية الدولية".
- البداية في الحزب الجمهوري
في عام 1947 ولدت هيلاري في ولاية شيكاغو، ثم انتقلت أسرتها 1951 إلى ولاية إلينوي، حيث عاشت لسنوات.
وللمفارقة بدأت كلينتون حياتها السياسية في صفوف حزب الجمهوريين، وعملت كمتطوعة في حملة الجمهوريين للانتخابات الرئيسية عام 1964، ثم لعبت أدوارا مختلفة داخل الحزب خلال حياتها الجامعية.
لكن عقب مقتل "مارتن لوثر كينج"، أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في تاريخ الولايات المتحدة، بدأت في التقرب من الحزب الديمقراطي.
ومع الانتخابات الرئاسية عام 1968، قطعت صلتها تماما بالحزب الجمهوري، عندما رأت مرشحه نيلسون روكفيلر، يتبنى ما اعتبرته "نهجا عنصريا".
وبعد تخرجهما من كلية القانون في جامعة "ييل"، تزوجت هيلاري من بيل كلينتون، ثم أصبحت خلال فترة وجيزة أحد أهم الأسماء المدافعة عن حقوق المرأة في البلاد.
وفي عام 1980، ولدت "تشيلسي"، وهي الابنة الوحيدة لهيلاري وبيل كلينتون.
- سيدة أولى ثم وزيرة خارجية
مع فوز زوجها بالرئاسة عن الحزب الديمقراطي عام 1992، وصلت هيلاري إلى البيت الأبيض، وأصبحت السيدة الأولى.
وبعد ست سنوات، واجهت فضيحة كبيرة؛ إثر الكشف عن علاقة بين زوجها ومتدربة في البيت الأبيض، تدعى مونيكا ليونسكي.
في هذه المحنة، قررت السيدة الأولى الوقوف بجانب زوجها في مواجهة هجوم سياسي وإعلامي شرس، حتى تمكنا من تخطي الأزمة.
وواصلت كلينتون حياتها السياسية، لتنجح في الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك بين عامي 2000 و2006.
لكن بعد عامين، فشلت في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، فأعلنت دعمها لمنافسها بارك أوباما الذي فاز بالفعل بانتخابات الرئاسة، على حساب منافسه الجمهوري، جون ماكين.
وبعد فوزه، أسند أوباما إلى كلينتون حقيبة وزارة الخارجية بين عامي 2009 و2013، لتكتسب خبرات سياسية عريضة.
غير أنه في المقابل، واجهت المرأة تهماً بالإهمال جراء هجوم مسلحين على القنصيلة الأمريكية في بنغازي، وسقوط قتلى، بينهم سفير بلادها كريس ستيفنز، يوم 11 سبتمبر/ أيلول 2012، حتى أنها تعرضت للمساءلة في الكونغرس.
ولم يكن الهجوم على القنصيلة الأمريكية هو الحدث الوحيد الذي أرّق كلينتون خلال الحملة الانتخابية أمام ترامب، حيث واجهت مشاكل عديدة جراء استخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي في تداول معلومات سرية أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية.
- سياسة كلينتون.. داخليا وخارجيا
وخلال الحملة الانتخابية، نجحت كلينتون في استثمار كونها أول سيدة تترشح للرئاسة عن أحد الحزبين الكبيرين في بلادهما.
وتحظى بدعم واسع بين النساء والمسلمين والسود واللاتينيين، إضافة إلى الناخبين من متوسطي العمر الذين يظهرون رضا عن سياستها الداخلية والخارجية.
فداخليا، تعهدت كلينتون بمعالجة أوجه القصور في نظام الرعاية الصحية الذي نجح أوباما في إقراره، إضافة إلى بتخفيض نفقات الرعاية الصحية المطلوبة من العائلات ذات الدخل المنخفض.
وتدعم المرأة زواج المثليين، وما تسمى بـ"عمليات الإجهاض القانونية"، وتأكيد على ضرورة زيادة الرقابة على الأسلحة النارية في البلاد.
وتعتزم كلينتون زيادة الضرائب على الأغنياء، مقابل اقتراح ضريبة أقل على الأشخاص والعائلات ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
وتعد مسألة المهاجرين غير الحاصلين على تصريح إقامة في الولايات المتحدة إحدى أهم القضايا التي تجادل حولها مرشحا الرئاسة، حيث ترفض كلينتون طرد هؤلاء المهاجرين.
أما خارجيا، وبشكل عام، تتشابه السياسة الخارجية لكلينتون مع المسار الذي يتبعه أوباما، حيث ترفض مشاركة جنود أمريكيين في عمليات برية بالعراق وسوريا، وتؤكد على أهمية فرض منطقة آمنة محظورة الطيران شمالي سوريا.