رئيس الوزراء : التنمية المستدامة في ظل الاحتلال مستحيلة

14691952_1252398701489346_8647918322640191531_o

 أكد رئيس الوزراء، د. رامي الحمد الله، اليوم الثلاثاء، على أن التنمية المستدامة في ظل الاحتلال مستحيلة، وأن أية إنجازات للحكومة لن تكتمل أو تحقق أهدافها إلا بتدخل فاعل وموحد ومؤثر من المجتمع الدولي بكافة قواه ومنظماته المتخصصة، لإلزام إسرائيل بتنفيذ الاستحقاقات المطلوبة منها، ولجم عدوانها على أبناء شعبنا ومقدراتهم، ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وإعادة فتح وتشغيل معابره وإنهاء التصنيفات المجحفة لأراضينا.

 

جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الدولي لفاعلية الحكومة تحت الاحتلال، اليوم الثلاثاء في جامعة بيرزيت، بحضور رئيس الوزراء السابق د. سلام فياض، ورئيس جامعة بيرزيت د. عبد اللطيف أبو حجلة، وعميد كلية الحقوق والإدارة العامة في الجامعة د. ياسر عموري، وعدد من الشخصيات الاعتبارية والباحثين والخبراء.

 

وشدد د. الحمد الله على أن تداخل مساري التنمية الاقتصادية والتسوية السياسية، يحتم على شعوب ودول العالم دعم جهود قيادتنا الوطنية، في وقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وفق برنامج وجدول زمني واضح، فالاستقلال الوطني وحده، سيوفر فرص تحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، وسينهض بطاقات وإمكانيات شعبنا الصامد.

 

وأضاف د. الحمد الله "لقد أحاطت إسرائيل العمل المؤسساتي الفلسطيني في البناء والتطوير، بالكثير من الصعوبات والمعيقات على الصعيدين السياسي والاقتصادي، واستمرت في تصعيدها لانتهاكاتها التي تقوض تطلعاتنا الوطنية في إقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة. نعم، إن الحكومة الإسرائيلية تستبيح أرضنا ومواردها التي هي مقدرات الشعب ومقومات الدولة، وتحول بلادنا إلى معازل و"كنتوتات" ممزقة تحيط بها الجدران والمناطق العسكرية والمستوطنات، وتشدد من حصارها الظالم على قطاع غزة وتحرم أبناء شعبنا فيه من حقوقهم الطبيعية في الحياة والكرامة الإنسانية، بل وتعيق إعادة إعماره. يأتي هذا في وقت لا يزال فيه شعبنا يواجه ببسالة مخططات التهجير والاقتلاع، في القدس والأغوار، كما في سائر المناطق المسماة (ج)، التي تشكل نحو 64% من مساحة الضفة الغربية، تمنع فيها إسرائيل التنمية والاستثمار والبناء، وتهدم بيوتها ومنشآتها ومدارسها، فقد أقدمت قواتها، منذ مطلع العام الحالي، على هدم أكثر من تسعمائة وستين منزلا ومنشأة، حوالي 68% منها ممولة من المجتمع الدولي نفسه."

 

وأعرب د. الحمد الله عن أمله بأن تخرج عن هذا المؤتمر نتائج عمل مثمرة وقادرة على المساهمة في عملية صنع السياسة العامة بما يسهم في تطوير عمل المؤسسات، والقطاع العام. وأضاف أنه على الرغم من أن المؤتمر يأتي في ظل ظروف صعبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إلّا أنه يُشكل فضاءً رحباً لتذليل القيود والمعيقات التي تعترض المسيرة التنموية، والمأسسة وعملية بناء الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

من جهته، أكد د. أبو حجلة أن هذا المؤتمر يأتي التزامًا من الجامعة بالعمل عن قرب مع كافة شرائح المجتمع ومؤسساته العامة والأهلية والخاصة، لتدارُسِ المشكلات ذات العلاقة بالإدارة والسياسات العامة والحكم الرشيد، ومحاولة اقتراح حلول من شأنها أن ترقى بمجتمعنا ومؤسساتنا نحو المزيد من المأسسة والحداثة.

 

وشدد على حرص جامعة بيرزيت بأن تسهم في قيادة جهود التحرر، مبيناً أن واجب المؤسسات الأكاديمية والتربوية أن تقدم الخبرات وتبني الشراكات مع المجتمع المحلي والدولي، الأمر الذي من شأنه أن يُظهر صورة فلسطين الحضارية وقدرات أبنائها على التفاعل مع الحضارة والمعرفة الإنسانية، من خلال احتضان مؤتمرات ولقاءات علمية مهمة.

 

ودعا المتحدث الرئيسي في المؤتمر، د. فياض، إلى تحقيق "وحدة الحال"، التي تقوم على تقبل الآخر وتوقع الاختلاف، الذي سيؤدي بدوره إلى توحيد الشعب الفلسطيني الذي انقسم مُشكلا معيقاً إضافياً لعملية التنمية وبناء المؤسسات. وناقش د. فياض في ورقته التجربة الفلسطينية في إصلاح الإدارة العامة، مشدداً على ضرورة ردم الهوة بين المبادئ والشعارات التي يتحدث بها صناع القرار وبين واقع الممارسة.

 

واقترح د. فياض أن يتم بحث موضوع إنهاء الإنقسام على أسس علمية وأكاديمية بحتة، من قبل أساتذة، وباحثين وطلبة، ليتم طرح أوراقهم لتحديد المتطلبات المنهجية، والخطوات العملية اللازمة لإنهاء الانقسام وتتحقيق الوحدة، وهو المنطلق الأساسي لتحديد معالم النهوض بمؤسسات الدولة الفلسطينية، ومكوناتها وحدود عمل أشخاصها.

 

بدوره، ثمّن د. العموري جهود القائمين على المؤتمر والمشاركين فيه، وشدد على ضرورة تنظيم مؤتمرات تجمع خبراء أكاديميين، وباحثين، ومحللين من مختلف القطاعات بشكل دوري، من أجل إغناء تجربة الجامعة الأكاديمية والبحثية، لا سيما في عملية صنع السياسات العامة التي تُشكل أساساً لقيام دولة ذات أسس متينة ومترسخة. وأكدَّ أن هذا المؤتمر يأتي من حرص كلية الحقوق والإدارة العامة بشكل خاص، وجامعة بيرزيت بشكل عام على بناء شراكات حقيقية بين مختلف مكونات المجتمع وشرائحه، للخروج بنتائج من شأنها أن تغني تجارب صناع القرار الرسميين وتساعد على الارتقاء في الوضع الفلسطيني العام.

 

وقالت مندوب المكتب النرويجي هيلدا هرالدستاد إن بلادها تعي جهود الحكومة الفلسطينية لتحقيق التنمية وبناء المؤسسات، التي تعترضها سياسات الاحتلال والقيود التي يفرضها عليها.

 

وأشارت إلى أن الحكومة النرويجية تؤمن بأهمية تضافر الجهود بين القطاع الخاص، والعام، والمدني والأكاديمي، بالإضافة إلى المجتمع المدني من أجل الخروج بنتائج استراتيجية تعود بالنفع على آليات الحكم، وصناعة السياسات وبناء المؤسسات بشكل مستدام، وواضح وشفاف.

 

أما ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) نادر عطا، فأوضح أن الأمم المتحدة تضع نصب أعينها المساهمة في عملية التخطيط الاستراتيجي وصنع القرارات بما يساعد الحكومة الفلسطينية على تحقيق ما تصبو إليه في عملية التنمية التي تواجه العديد من المعوقات بفعل الاحتلال والانقسام وغيرها من المشاكل الداخلية والخارجية. ونظم المؤتمر بدعم من مكتب الممثلية النرويجية في فلسطين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وبالتعاون مع اتحاد البلديات الهولندية للتعاون الدولي VNG International. ويهدف إلى جمع الباحثين والخبراء والطلبة والإداريين من بلدان مختلفة لمناقشة مواضيع نظرية وتطبيقية في حقل الإدارة العامة والسياسات العامة والحكم المحلي بالتركيز على حالات دراسية ونماذج عاشت ظروف حروب وأزمات واحتلال مثل الحالة الفلسطينية، بالإضافة إلى السعي لتطوير وتحويل الأوراق المتميزة إلى مقترحات سياساتية يمكن الاستفادة منها في إصلاح وتطوير القطاع العام الفلسطيني.

 

وناقش المؤتمر عملية صنع السياسة العامة، والتخطيط الاستراتيجي ومدى تأثير سياسات الاحتلال القمعية، والانقسام السياسي الفلسطيني على عملية التخطيط والتطبيق. وفي هذا السياق، قدّمت الجلسة الأولى التي أدارها مدير برنامج ماجستير الدراسات الدولية د. علي الجرباوي، تحليلات حول أثر الاحتلال على عملية صنع ومخرجات السياسة العامة، وانعكاس تغير الحكومات الفلسطينية على استدامة عملية صنع السياسة العامة، إلى جانب تناول أثر الإجراءات القمعية للاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ استراتيجيات وسياسات وزارة التربية والتعليم العالي.

 

كما تناول المؤتمرون في الجلسة الثانية التي ترأسها أستاذ القانون في جامعة بيرزيت د. عمار الدويك تجارب دولية مختلفة في الإدارة العامة ومشابهة للظرف السياسي الذي تعيشه فلسطين، كجنوب إفريقيا، ويوغسلافيا واستونيا التي اعتمدت على مبدأ المواطنة، ومشاركة الفرد في الحكم وتقديم أفضل خدمات للفرد، وأشاروا إلى الأدوات الحديثة المستخدمة في تلك الدول لسياسة التطوير في الهيئات المحلية.