قصفت طائرات روسية أو سورية مستشفيين في القطاع الخاضع للمعارضة بمدينة حلب، الأربعاء، وكثفت القوات البرية هجومها في معركة وصفتها الأمم المتحدة بأنها جعلت المدينة أسوأ من "مجزر".
وتوفي مريضان في أحد المستشفيين، وقتل ستة آخرون، في قصف خلال اصطفافهم لشراء خبز، وسط حصار يهدد بنفاد المؤن الغذائية لدى المحاصرين، البالغ عددهم نحو 250 ألف فرد.
وقتل المئات في الهجوم المستمر منذ أسبوع، الذي أحرقت فيه القنابل المباني، فانهارت فوق ساكنيها. ولم يعد في الداخل سوى 30 طبيبا يتعاملون يوميا مع مئات الجرحى.
وقال محمد أبو رجب، وهو طبيب أشعة في مستشفى ميم 10، إن طائرة حربية حلقت فوقهم، وبدأت في إسقاط صواريخها حوالي الساعة الرابعة صباحا.
وأضاف: "سقط الركام على المرضى في غرفة العناية المركزة".
وقال عاملون في المجال الطبي بالمستشفى ذاته إن الضربات أصابت أيضا مولدات الأكسجين والكهرباء، وإن المرضى نقلوا إلى مستشفى آخر في المنطقة.
وأظهرت صور أرسلها عامل بالمستشفى مخازن ألحقت بها أضرار، ومنطقة مغطاة بالأنقاض، وسقف منهار فوق ما قال العامل إنه وحدة كهرباء.
ولم ترد تقارير عن وقوع ضحايا، لكن منظمة أطباء بلا حدود قالت إن مريضين قتلا في المستشفى الثاني في القصف الذي أخرجه من الخدمة، لتصبح شرق حلب بسبعة أطباء فقط لإجراء جراحات.
وقال كارلوس فرانسيسكو، مدير عمليات المنظمة في سوريا: "يأتي ذلك في وقت تعاني فيه حلب من الحصار منذ يوليو، وتتعرض لأعنف قصف عشوائي منذ بداية الحرب".
وشنت حكومة بشار الأسد، مدعومة بقوة جوية روسية وقوات برية إيرانية، ومقاتلين شيعة من إيران والعراق ولبنان، هجوما كبيرا؛ لسحق آخر معاقل المعارضة الكبيرة في مناطق الحضر.
وقسمت حلب، التي كانت أكبر المدن السورية قبل الحرب، منذ سنوات، إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة، وأخرى يسيطر عليها المعارضون. وقد يحقق سحق المعارضة المسلحة في المدينة أكبر نصر للأسد وحلفائه حتى الآن في الحرب.
واستعادة السيطرة الكاملة على المدينة ستعيد سيطرة الحكومة الكاملة على أهم المدن في غرب سوريا، التي كان كل السكان تقريبا يقيمون فيها قبل بدء الصراع، الذي شرد نصف سكان سوريا، وتسبب في أزمة لاجئين، وساعد في ظهور تنظيم الدولة.
قصف لم يسبق له مثيل
وبدأ الهجوم بقصف لم يسبق له مثيل الأسبوع الماضي، أعقبته حملة برية هذا الأسبوع، ما أنهى وقفا للقتال جاء نتاج جهود دبلوماسية استمرت شهور بين واشنطن وموسكو.
وتقول واشنطن إن موسكو ودمشق ارتكبتا جرائم حرب باستهدافهما مدنيين ومستشفيات وعمال إغاثة وشحنات مساعدات؛ لكسر إرادة السكان، وإجبارهم على التسليم، وتقول سوريا وروسيا إنهما لا تستهدفان سوى المقاتلين.
وعندما سأله أحد الصحفيين في الأمم المتحدة: هل قصفت سوريا المستشفيين الأربعاء؟ بدا على السفير السوري في المنظمة الدولية بشار الجعفري بوادر الضحك.
وقال الجيش السوري في بيان إن مقر اجتماعات لقياديين في جبهة فتح الشام، التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة، دمر في حي صلاح الدين في حلب اليوم في ضربات جوية مكثفة قرب المدينة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون، الأربعاء، إن الذين يستخدمون "أسلحة أكثر تدميرا" في سوريا يرتكبون جرائم حرب، وإن الوضع في حلب أسوأ من مجزر.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو، الأربعاء، إنه يعمل لطرح قرار على مجلس الأمن الدولي؛ لفرض وقف إطلاق النار في حلب السورية، وإن أي دولة ستعارض هذا القرار ستعد متواطئة في ارتكاب جرائم حرب.
وقال: "في هذه اللحظة نقترح مناقشة قرار لفرض وقف إطلاق النار في حلب.. هذا القرار سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم.. من لن يصوتوا له يخاطرون بمحاسبتهم للتواطؤ في جرائم حرب."
وأضاف قائلا: "سيجعل هذا القرار كل شخص يتحمل مسؤوليته، ومن لن يصوت يخاطر بتحمل مسؤولية التواطؤ في جرائم حرب".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يراقب الحرب، وسكان، إن مستشفى آخر هو مستشفى ميم2 ألحقت به أضرار في قصف على حي المعادي في حلب. حيث قتل ستة أشخاص على الأقل وهم واقفون في طوابير انتظارا لتسلم الخبز من مركز قريب لتوزيعه.
وإمدادات الغذاء محدودة للغاية في المنطقة المحاصرة، والمحاصرون في الداخل كثيرا ما يقفون في طوابير الغذاء منذ الساعات الأولى من الصباح.
ويترك انهيار عملية السلام السياسة الأمريكية إزاء سوريا في حالة تخبط، ويعدّ صفعة شخصية لوزير الخارجية جون كيري، الذي قاد المحادثات مع موسكو، على الرغم من تشكك مسؤولين كبار آخرين في إدارة الرئيس باراك أوباما.
وتحدث كيري إلى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأربعاء، وقالت روسيا لاحقا إنها مستعدة لمواصلة الدبلوماسية بشأن سوريا، وسترسل قريبا خبراء إلى جنيف لإجراء محادثات مع نظرائهم الأمريكيين بشأن تطبيع الموقف في حلب وغيرها من المناطق.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الأربعاء، إن الإدارة الأمريكية ناقشت خيارات غير دبلوماسية للرد على العنف في سوريا، بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي دعمته واشنطن، لكنه رفض الإفصاح عن هذه الخيارات.