سفير فلسطين بواشنطن: أمريكا لن تطرح أي مبادرة سلام قبل الانتخابات الرئاسية

السفير الفلسطيني بالولايات المتحدة

رام الله الإخباري

استبعد سفير فلسطين لدى واشنطن، معن عريقات، قيام الولايات المتحدة بطرح أي مبادرة لحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، معربا في الوقت ذاته عن خيبة أمل الفلسطينيين جراء انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، دون تحقيق السلام.

وفي مقابلة مع مراسل "الأناضول"، قال عريقات: "لن يحصل أي شيء قبل الانتخابات الأمريكية؛ فهناك حرص وقلق من الإدارة بالولايات المتحدة من أن أي موقف أو مبادرة ربما تؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية في البلاد، وقد تدعم المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، مقابل مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون".

ويتوجه ملايين الأمريكيين يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل إلى صناديق الاقتراع لاختيار خليفة أوباما في البيت الأبيض، ويتنافس فيها المرشحان الجمهوري، دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون.

واعتبر عريقات أن المساعدات الضخمة التي قررت أمريكا تقديمها لإسرائيل، مؤخرا، ستزيد الأخيرة "تصلبا وغرورا وعنجهية" و"ستبعد فرص الحل السياسي".

وأبرمت الولايات المتحدة وإسرائيل، في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، اتفاقية للمساعدات العسكرية "غير مسبوقة" في تاريخ البلدين؛ حيث وصلت قيمتها إلى 38 مليار دولار، على مدار 10 أعوام.

وتوقفت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في إبريل/نيسان 2014؛ بسبب استمرار إسرائيل بالاستيطان، ورفض الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وفي الفترة الآخيرة، قدمت عدة دول بينها فرنسا وروسيا، مبادرات لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وفيما يلي نص المقابلة التي أجراها مراسل "الأناضول" مع السفير الفلسطيني على هامش مشاركة الأخير ضمن الوفد الرئاسي الفلسطيني في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك:

** كيف تقيم العلاقة الفلسطينية - الأمريكية؟

للأسف الشديد فإن الولايات المتحدة تجعل العلاقة الفلسطينية - الأمريكية ترتكز على العلاقة الفلسطينية - الإسرائيلية وسير العملية السياسية.

طالبنا ونطالب الإدارة الأمريكية بفصل علاقتنا معهم عن علاقتنا مع إسرائيل والتطورات في المسيرة السياسية، وأن تتعامل مع الجانب الفلسطيني كند، وعلى الرغم من أن الفترة الأخيرة شهدت نوعا من التفهم الأمريكي لمطلبنا هذا، لكن نريد أن يكون التغير واسعا وشاملا وأن يتضمن الكثير من القضايا التي تهم الجانب الفلسطيني. 
 

** ما معالم التغير في تعامل الجانب الأمريكي مع الفلسطينيين؟

الولايات المتحدة قامت بعدة خطوات تجاهنا تشمل بعض التسهيلات؛ إذ سمحت برفع علم فلسطين فوق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، وبوضع اسم المكتب على البناية التي يتواجد فيها مقرنا، إضافة لبعض التسهيلات الأخرى (لم يفصح عنها).

هناك قوانين أمريكية (لم يوضحها) منذ الثمانينيات تُعقد طبيعة العلاقات ما بين الجانبين الفلسطيني والأمريكي، ونحن دائما نطالب الولايات المتحدة بإعادة النظر في هذه القوانين التي لم يعد لها قيمة ولا تعكس طبيعة العلاقة بين أمريكا والفلسطينيين.

 

** خلال فترة ولاية الرئيس أوباما تم للمرة الأولى رفع علم فلسطين على مقر مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، هل كنتم تأملون أكثر من ذلك؟

نعم، نحن نريد من الولايات المتحدة أن تعترف بالدولة الفلسطينية، وهذا ما قصدته تحديدا في الربط ما بين العلاقة الفلسطينية - الأمريكية وبين العلاقة الفلسطينية -الإسرائيلية؛ فأمريكا قد تكون راغبة في الاعتراف بدولة فلسطين، ولكن بسبب اعتبارات علاقاتها مع إسرائيل فإنها تمتنع عن ذلك.

 

** هل كانت خيبة أمل بالنسبة لكم، أن تنتهي ولاية الرئيس أوباما دون أن يحصل أي تقدم في مسار عملية السلام؟

نعم كانت خيبة أمل، لسنا من رفع سقف التوقعات وإنما الرئيس أوباما عندما ألقى كلمته في جامعة القاهرة بالعاصمة المصرية، بعد فترة وجيزة من فوزه في الانتخابات الرئاسية لأول مرة، تحدث عن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، وأكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

مع الأسف الشديد فإن الموقف الأمريكي تغير بسبب الضغوط والرفض الإسرائيلي إضافة للضغط الذي مارسته جهات موالية لإسرائيل خاصة في الكونغرس الأمريكي.

لم يكن هناك تصميم قوي من الولايات المتحدة على التقدم في المسيرة السياسية، فقد كنا نتوقع أن تتقدم الأمور بشكل سريع بعد استلام الرئيس أوباما، ولكن في ظل التعنت الإسرائيلي وغض الطرف الأمريكي عن ذلك وعدم تفاعل المجتمع الدولي فإن إسرائيل رأت ضعفا في الموقف الأمريكي والدولي، واستمرت في سياساتها، وفي تكريس الاحتلال، وتوسيع الإستيطان.

 

** في الآونة الأخيرة، تحدثت تقارير إعلامية عن نية الرئيس أوباما طرح محددات لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي قبل مغادرته البيت الأبيض. هل تتوقع أي شيء على هذا الصعيد؟

هذه التقارير في أغلبها إعلامية تصدر عن أناس يصفون أنفسهم بأنهم مقربون من الإدارة الأمريكية، ولكن بالتأكيد لن يحصل أي شيء قبل الانتخابات الرئاسية، فهناك قلق أمريكي من أن أي موقف أو مبادرة قد تؤثر على نتائج الانتخابات، وقد تدعم المرشح الجمهوري مقابل المرشحة الديمقراطية.

الجانب الأمريكي سينتظر إلى ما بعد الانتخابات، وبحسب ما يتوفر لدينا من معلومات فإنه لا يوجد وضوح بشأن طبيعة أي توجه حتى بعد انتهاء السباق الرئاسي.

نحن لا يهمنا التوجه ولا الآلية وإنما يعنينا مضمون أي تحرك؛ بمعنى سواء أكان الحديث عن خطاب يلقيه الرئيس الأمريكي أو مشروع قرار يقدمه إلى مجلس الأمن الدولي أو مؤتمر دولي فإن ما يهمنا جوهر ما سيتم طرحه، وكيف سيتم تطبيق أي توجه، فقد شهدنا الكثير من الخطابات وقرارات مجلس الامن.

 

** في كل 4 سنوات يتم إشغال الفلسطينيين بالرئيس الأمريكي الذي سيدخل البيت الابيض وتوجهه بالنسبة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وفي النهاية تكون النتيجة نفسها، لا حل سياسي. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟

هذا صحيح، مع الأسف الشديد فبعد كل انتخابات نسمع أن الولايات المتحدة تعيد تقييم سياستها تجاه الشرق الأوسط. نحن لا نستطيع أن نتجاهل وزن ودور وثقل أمريكا وكونها الداعم الرئيس لإسرائيل سياسيا وماديا وعسكريا ومخابراتيا، ولكن مع الأسف فإن اعتماد الوطن العربي وانتظاره لنتائج الانتخابات هو انعكاس لعدم وجود استراتيجية واضحة لدينا للتعامل مع القضايا المطروحة.

يجب أن نكون نحن الذين نؤثر؛ وذلك من خلال توحيد الصف والموقف والكلمة، وليس انتظار من سيفوز بالانتخابات الأمريكية حتى نحدد سياستنا.

منذ بدء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ونحن نتخذ موقف الإنتظار لما سيحدث في أمريكا، ونتوقع أن تأتي التغييرات من هناك. يجب أن نؤثر نحن على الموقف الأمريكي، ولدينا الكثير من عوامل القوة من أجل تحقيق ذلك (لم يحددها).

 

 كيف تقيمون توقيع الولايات المتحدة، مؤخرا، مذكرة تفاهم مع إسرائيل منحتها بموجبها مساعدات بقيمة 38 مليار دولار لمدة 10 سنوات، في مقابل وجود حجز أمريكي على أموال مساعدات للفلسطينيين؟

هذا انعكاس لإنحياز السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل؛ فالولايات المتحدة تدعي دائما أنها حكما نزيها، ولا اعتقد أنها ستكون كذلك في يوم من الأيام؛ فمنح إسرائيل 38 مليار دولار هو مبلغ هائل لم يحصل أن قدمته أمريكا في التاريخ لأي من حلفائها.

ويعتقد الكثيرون أن الحكومة الإسرائيلية هي التي تؤثر على الولايات المتحدة وتضغط عليها، ولكن هذه المساعدات الضخمة تثبت بأن الجانب الإسرائيلي يخدم مصالح أمريكا في الشرق الاوسط، وهناك مصلحة أمريكية بأن تبقي إسرائيل متفوقة نوعيا على جميع الدول العربية المجاورة.

إن تقوية إسرائيل بهذا الشكل لن يؤدي إلى مرونة في الجانب الإسرائيلي للتعاطي مع أي افكار سواء أكانت أمريكية أو دولية لحل الصراع، وإنما سيزيدها تصلبا وغرورا وعنجهية وسيبعد فرص حل سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين.

الاناضول