تُعرف المناظر الطبيعية الوعرة القريبة من مدينة ورزازات جنوب وسط المغرب، بأنها كانت موقع تصوير لأشهر الأفلام والمسلسلات مثل "لعبة العروش"، أما الآن فهي تستقطب اهتمامات أخرى.
فقد تركز الاهتمام هذه المرة في المدينة التي يسكنها عدد قليل جدا من السكان، على تطبيق مشروع الطاقة الشمسية، وتبلغ ميزانيته حوالي 9 مليارات دولار، حيث كان قيد الإنشاء منذ عام 2013 إلى أن افتتح في وقت سابق من عام 2016.
ويهدف مشروع الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء من أشعة الشمس، باستخدام مجموعة من المرايا بدلا من الألواح الشمسية الأكثر انتشارا حول العالم.
وعند الانتهاء من العمل على هذا المشروع بحلول عام 2018، ستعمل محطة الطاقة الشمسية "نور" على تغطية أكثر من 5 آلاف فدان وسيكون لها القدرة على توليد 580 ميغاوات من الطاقة، أي ما يكفي لتلبية احتياجات حوالي 1.1 مليون مواطن مغربي من الكهرباء، وفقا للبنك الدولي المشارك في تمويل المشروع.
هذا وستكون محطة "نور" واحدة من أكبر محطات توليد الطاقة الشمسية في العالم، لتنافس مشروع BHE Renewables Solar Star في جنوب كاليفورنيا، حيث يُقال أنه قادر على إنتاج 586 ميغاوات.
وقال علي حجي، المتخصص في مجال الهندسة والطاقة الشمسية في معهد الحسن الثاني بالرباط :"هذا المشروع سيجعل المغرب من رواد مجال الطاقة الشمسية في المنطقة العربية والقارة الأفريقية، ويمكن أن يجعلها الرائدة بين العديد من الدول الأخرى حول العالم التي تعتمد على الواردات الأجنبية للحصول على الطاقة".
وتتوقع دولة المغرب التي تعتمد حاليا على الواردات لتوفير أكثر من 90% من احتياجاتها في مجال الطاقة، بما في ذلك النقل، أن تلعب الطاقة الشمسية دورا رئيسيا في محاولة إنتاج 50% من الطاقة المحتاجة عن طريق مصادر متجددة بحلول عام 2030.
يذكر أن المرحلة الأولى من المشروع كانت قد بدأت في فبراير/شباط من هذا العام، وكانت قادرة على إنتاج ما يصل إلى 160 ميغاوات.
وتستخدم محطة "نور" الطاقة الشمسية المركزة أو CSP لتحويل أشعة الشمس إلى كهرباء، في الوقت الذي تعتمد فيه مشروعات الطاقة الشمسية الأخرى على خلايا الطاقة الشمسية.
هذا وتقوم المرايا المنحنية بتركيز أشعة الشمس على أنابيب ممتدة إلى الأسفل وسط أحواض، ليتم تسخين الزيت الاصطناعي بداخلها، حيث يتسبب السائل الساخن بغليان الماء ويتولد البخار الذي يقوم بتدوير التوربينات من أجل توليد الكهرباء.
كما يتم تخزين الحرارة الزائدة المتبقية من السوائل في الملح المنصهر، بحيث يمكن للمحطة الاستمرار في توليد الكهرباء على مدار ساعات طويلة بعد غياب أشعة الشمس.
وعلى الرغم من أن جزءا صغيرا من الطاقة المتجددة يُستخدم خلال هذه الأيام، إلا أن استخدام CSP سوف يسهم في توفير 11% من احتياجات الكهرباء حول العالم بحلول عام 2050، وفقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية.
ويشكك بعض الخبراء في جدوى تطبيق مشاريع الطاقة الشمسية المركزة على نطاق واسع، في أعقاب تراجع أسعار الألواح الشمسية والبطاريات المتوقع اقتصار استخدامها على التخزين المتدرج المنفعة في نهاية المطاف.
هذا ويقول أنصار الطاقة الشمسية المركزة أن إمكانية إنتاج الطاقة عندما لا تكون الشمس ساطعة، تعتبر ميزة رائعة وهامة بالنسبة لتوفير التكلفة وتعويض ارتفاع الأسعار.
ويقول مايكل تايلور، أحد كبار المحللين في الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومقرها أبو ظبي: "سيعمل تخزين الطاقة الشمسية المركزة على خفض تكاليف البطاريات الكهربائية، وهو يشكل أحد أكثر الألغاز المثيرة للاهتمام في ما يتعلق بالتقنيات التي بإمكانها تحقيق التوازن الأفضل بين المرونة والتكاليف في نظم الكهرباء المستدامة".
وبغض النظر عن تكنولوجيا الطاقة الشمسية المستخدمة، يرى خبراء الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن ثمة مكانا هاما لمشروعات الطاقة الشمسية مثل محطة "نور"، حيث تتوافر أشعة الشمس بكثرة، مما يجعل تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية منخفض التكلفة لتكون لهذه المشروعات جدوى اقتصادية أكبر.
وتوجد مشاريع أكثر طموحا بالإضافة إلى محطات توليد الطاقة الشمسية الموجودة في أبو ظبي والسعودية الغنيتين بالنفط، مثل مشروع حديقة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، والذي يهدف إلى توفير ألف ميغاوات من الطاقة في البداية، و3 آلاف عند الانتهاء.