رام الله الإخباري
نشر معهد راند ورقية بحثية بعنوان "المصالح والخيارات الإسرائيلية في سوريا"، وتحظى هذه الورقة بأهمية كبيرة لأنها جاءت لتصف علاقة وتصرف إسرائيل تجاه الصراع الدائر في سوريا، وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تعاني كثيراً من الاضطرابات بسببه على العكس من تركيا والأردن والعراق.
وألمحت الورقة إلى أن الصراع السني – الشيعي في سوريا يعد الوضع الأفضل لإسرائيل حيث تنشغل فيه الأطراف بمحاربة بعضها البعض دون استهداف إسرائيل.
وتؤكد الورقة إمتلاك إسرائيل تأثيراً قليلاً على نتائج الحرب الأهلية السورية، ولا تولي سوى اهتمام محدود في التدخل في الصراع السوري المحصور فقط عبر بعض الضربات الاستباقية أو للرد على الهجمات التي تستهدف أراضيها، ظهرت إسرائيل على شكل فاعل سلبي خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلاد الشام.
ومع ذلك، تملك إسرائيل مصالح أمنية حساسة تسعى للمضي قدماً باتجاهها في سوريا، والتي تتمثل بشكل أساسي في تقليل النفوذ الإيراني والروسي في سوريا، ومنع نقل أسلحة متطور إلى حزب الله ومنع سوريا من تشكل تهديد عسكري ذا مصداقية لإسرائيل أو السماح لإيران بذلك، بالإضافة إلى تقويض شرعية المزاعم السورية تجاه مرتفعات الجولان وأخيراً منع المسلحين السنة من إنشاء بنية تحتية أو قواعد للعمليات على طول الحدود الإسرائيلية.
وما لم تتغير طبيعة الصراع بشكل جذري، فمن المرجح أن تستمر سياسة إسرائيل على ما هي عليه في رصد الأحداث بدقة، والحفاظ على التعاون مع موسكو للحد من احتمالية أي صدام غير مقصود مع روسيا واتخاذ عدد قليل من الإجراءات المباشرة التي تراها إسرائيل ضرورية لحماية أراضيها ومواطنيها.
ونظراً لعدم استساغة أي “حل” ممكن للصراع السوري الدائر فإن الوضع الأكثر عرضة للاستمرار يتمثل في تركيز هذه الأطراف في استهداف بعضها البعض بدلاً من استهداف إسرائيل – وهذه هي النتيجة الأكثر ملاءمة لإسرائيل.
وتخلص الدراسة إلى عدة نتائج هامة متعلقة بإسرائيل ودروها في سوريا، حيث حددت الدراسة خمسة أهداف رئيسية تسعى إسرائيل لتحقيقها عبر الصراع الدائر في سوريا والتي يمكن إجمالها بالشكل التالي:
الحد من النفوذ الإيراني والروسي في سوريا.
منع نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله في لبنان.
منع سوريا من تشكيل تهديد حقيقي لإسرائيل أو السماح لإيران بذلك.
وفيما يتعلق بهضبة الجولان، تؤكد الورقة على سعي إسرائيل لتقويض المزاعم السورية المتعلقة بالحق في مرتفعات الجولان
ولعل النقطة الأهم كانت في منع المسلحين السنة من إنشاء بنية تحتية أو قواعد للعمليات على طول الحدود الإسرائيلية. وهو ما يعني منع تواجد مسلحين سنة على طول الحدود الاسرائيلية – السورية أو السماح بتواجد قوات النظام هناك دون أن تشكل تهديداً لإسرائيل.
وفيما يتعلق بالإجراءات التنفيذية التي قامت بها إسرائيل، فقد قامت الورقة بتصنيفها إلى أربعة مجالات رئيسية:
تتمثل في الدفاع عن الأراضي التي تسيطر عليها ورد أي غارات قد تتعرض لها عبر الحدود
استهداف عناصر حزب الله وتقويض عملية نقل السلاح لهم.
بالإضافة إلى توفير الدعم السري لبعض الجماعات المناوئة للنظام السوري
وبطبيعة الحال تحقيق تشاركية وتعاون عال مع موسكو.
وتوضح الورقة أن بإمكان إسرائيل منع وصول المساعدات الإيرانية لحزب الله عبر قصف مخابئ السلاح وشحنات المواد المتجهة للمجموعة. ومع ذلك، يبقى التأثير الإسرائيلي محدوداً، وهو ما يعني عدم قدرة إسرائيل على التحكم او مجاراة النفوذ الإيراني أو الروسي، او التأثير على قدرة نظام الأسد في الاستمرار أو التأثير بنجاح أي من الأفراد أو الجماعات التي تحاربه.
وبشكل عام، ركزت الجهود السياسية والعسكرية والسرية على إبقاء المقاتلين المتطرفين الإيرانيين ومقاتلي حزب الله والسنة بعيداً عن المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية بحيث لا تشكل أي تهديد محتمل للأمن الإسرائيلي.
وبشكل عام، تسعى إسرائيل إلى إظهار ضعف نظام الأسد دون السماح بسقوطه، وعليه فإن سياسة المحافظة على الوضع الحالي تعد الخيار الأمثل لإسرائيل، بحيث يبقى نظام الأسد حاكماً في سوريا دون أدوات حكم حقيقية أو سيطرة تعزز من قوته، ويتم في الوقت منع وصول إي طرف سني متشدد لمقاليد الحكم في سوريا وهو ما يضمن أمن إسرائيل على المدى المنظور.
وكالات