رام الله الإخباري
تقضى الشابة نرمين الدمياطي (30 عاما) معظم ساعات نهارها يوميا داخل مشغلها الخاص لتصميم الأزياء لتستعين بالإبرة والخيط والمقص في نسج قصة نجاح تعد فريدة في مجتمع قطاع غزة المحافظ.
وتقول إنها بادرت إلى تأسيس مشروعها مع صديقات لها داخل شقتها السكنية قبل أن تتوسع في أعمالها لتتمكن من تأجير محل تجاري وتتوسع في مشروعها الذي كانت تحلم به منذ نعومة أظافرها.
والدمياطي حاصلة على شهادة بكالوريوس قسم تاريخ وآثار من الجامعة الإسلامية في غزة، لكنها قررت فور تخرجها الانتقال للمجال الذي تعشقه بدراسة دبلوم تصميم أزياء في معهد الكنائس المسيحية في غزة.
وتستقبل الدمياطي زبوناتها في مشغلها الذي يحمل اسم (Voile Moda) بمعني موضة الحجاب باللغة الفرنسية، وتعمل على تلبية طلباتهم بمنتجاتها التي تركز على ملابس المحجبات وتشمل كذلك فساتين السهرات وملابس الأطفال.
وهي تبدي اعتزازها بنجاح مشروعها في جذب متزايد للزبائن بسبب تلائم تصاميمها مع الذوق العام لهم عوضا عن أن الأسعار مناسبة للجميع وأقل تكلفة من المنتج المستورد كما تؤكد.
وتقول الدمياطي وهي تأخذ قياس إحدى زبائنها إن فكرة مشروعها راودتها منذ الصغر، بموهبة قص القماش وتغيير موديلات الملابس.
وتضيف وهي تقص قطعة قماش بعد أخذ المقاسات المناسبة "نمت الفكرة من خلال الصور وعالم الانترنت ومواقع الموضة العالمية".
وتشير إلى أنها سبق أن أنشأت معرضين خاصين بالمنتجات من أجل تسويقها في العام الماضي والعام الحالي بالإضافة إلى عرضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وعن طبيعة أعمالها تقول إنها تركز على التصاميم البسيطة بعيدة عن الموديلات الغربية بما يناسب نمط ملابس شريحة واسعة من الشابات في غزة، وتتبع في ذلك النظام الواسع (الكلوش) مع مزجها بين القديم والجديد بما لا ينافي أية عادات وتقاليد محلية.
وإلى جانب موهبتها وعشقها للتصميم فإن الدمياطي تعتبر أن مشروعها مبادرة فردية لتشجيع الاقتصاد المحلي ولتشغيل الأيدي العاملة كمهرب من البطالة.
ويضم المشغل إلى جانبها ست عاملات أخريات من خريجات الجامعات في قطاع غزة الذي يعاني من ارتفاع قياسي في معدلات البطالة وقلة فرص العمل.
وترتاد المشغل النساء وطالبات الجامعات من أجل تفصيل ما يحلو لهن من الملابس بسبب عدم تقبلهم لفكرة التوجه إلى محال الخياطة الخاصة بالرجال.
وتقول الطالبة الجامعية رجاء قويدر إن عمل الفتيات في المشغل دفعها للقدوم إليه من أجل تفصيل فستان سهرة لحفل زفاف شقيقتها.
وترى رجاء أن التعامل واللغة بين الفتيات سهل وسلس ويزيد الاقتناع بالتصميم على عكس التعامل مع مصممي الأزياء (الرجال).
كما تبدي الطالبة الجامعية هيام سعد حماستها لمشغل الدمياطي لتصميم الأزياء، مؤكدة أن مثل هذه المشاريع تخرج النساء من شريحة البطالة ليصبحن عناصر فاعلة في المجتمع لإعالة أسرهن وتوفير لقمة العيش.
وتشير هيام إلى أن فكرة إقامة مثل هذه المشاريع الخاصة بالنساء يعزز مكانتها في المجتمع المحافظ في قطاع غزة وعدم اقتصار الأعمال على الرجال.
وتوصف نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة بأنها من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى حوالي 42.7% من إجمالي سكانه بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن مشاركة الذكور في القوى العاملة المحلية مازالت تزيد بحوالي 4 أضعاف مشاركة الإناث، مع وجود فجوة في معدلات الأجرة اليومية بين الإناث والذكور.
وتعرب الدمياطي عن حلمها بالمشاركة في معارض عربية ودولية خارج حدود قطاع غزة للخروج من حيز العمل المحلي.
وتقول عن ذلك "أطمح أن تنافس تصاميمي دور العالمية وأن أصبح من أشهر المصممين العالميين خاصة أن لدى الموهبة والإرادة على التطوير وكسب الخبرات".
وحول نظرة المجتمع لها تقول "نحن أصبحنا في عام 2015 وعمل البنت أمر طبيعي حيث يشتغلن في كل المجالات وبالتالي على المجتمع أن يتقبل الفكرة بل ويشجعهن".
وبشأن الصعوبات التي تواجهها تقول "كثير من الأقمشة والأدوات التي تلزم غير متوفرة في القطاع"، معربة عن أملها أن يتم فتح المعابر ورفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة".
وتعمل الدمياطي مع مساعداتها حاليا على ابتكار تصميم جديدة تدمج بين التطريز الشعبي الفلسطيني والتطريز المدني الحديث وأيضا الأقمشة المزركشة "حتى يصبح التصميم ستايل فلسطيني ومواكب للموضة".
وتطالب الدمياطي المؤسسات المانحة والحكومة الفلسطينية، بدعم المشروع لديها ومساندتها حتى يتم استيعاب أكبر عدد من الخريجين للحد من مشكلة البطالة في صفوف النساء بقطاع غزة".
"بوابة اقتصاد فلسطين"