المد الاستيطاني يقسم فلسطين جغرافياً

مستوطنات

حولت المستوطنات المنتشرة بشكل كبير في المنطقة الجنوبية لمحافظة نابلس، عددا من القرى إلى جزر، خاصة قريوت وجالود وقصرة والمغير، وبات التنقل بين قرية وأخرى أو الوصول إليها محفوفا بالمخاطر.

وتظهر قرية قصرة المحاطة بالمستوطنات واحدة من تلك الجزر، إذ تحيط بها ثلاث مستوطنات تتوسع يوما بعد يوم.

عبد العظيم وادي رئيس بلدية قصرة يقول، "تبلغ مساحة قصرة حوالي سبعة عشر ألف دونم، صادرت المستوطنات منها حوالي تسعة آلاف دونم جلها من الاراضي الزراعية والمزروعة بالزيتون".

ويضيف "يحيط بقصرة ثلاث مستوطنات من ثلاثة اتجاهات مختلفة كانت أولها مستوطنة "مجدليم" التي اقيمت عام 1981 على مدخل القرية الرئيسي". المد الاستيطاني بدأ بالتغول شيئا فشيئا، مستوطنات جديدة بدأت بالظهور على أراضي القرية وابتلعت الاراضي.

ويشير وادي 'كان أقسى الاعتداءات المتواصلة من المستوطنين هو ذاك الذي حصل في عام 2011 بعد أن اشتبكت مجموعة من المستوطنين مع أهالي البلدة، واستشهد في هذه المواجهات عصام بدران برصاص قوات الاحتلال'. وفي المرات التي هاجم فيها المستوطنون القرية اعتدوا على السكان وحرقوا الأشجار والحظائر وكبدوا المزارعين خسائر كبيرة.

وقال وادي، "لا يطيقون للحظة أن يروا مزارعا يعمل في أرضه إطلاقا". ويقول أهالي القرية "إنهم لم يعودوا يجرؤون على إنشاء مشاريع تعود عليهم بدخل وربح جيد لحياتهم اليومية، خاصة في الأراضي القريبة من هذه المستوطنات".

أما قرية جالود القريبة من قريوت فاستولت المستوطنات على ما يقارب من 35% من أراضيها التي تبلغ مساحتها 20 ألف دونم.

رئيس مجلس قروي جالود عبد الله حج محمد يقول، "تحيط بالقرية ثماني مستوطنات صادرت عددا كبيرا من الدونمات الزراعية وأشجار الزيتون". وفي هذه المستوطنات تشكلت جماعات "تدفيع الثمن"، التي يعمل اعضاؤها على الاعتداء على المواطنين والطلاب داخل المدرسة، وارتكبت هذه الجماعات جرائم عديدة منها حرق عائلة دوابشة ومنازل أخرى.

منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الاستيطان في جنوب نابلس بشار القريوتي، قال "صادرت المستوطنات ما ييقارب 14000 دونم من أراضي قريوت البالغ مساحتها 22000 دونم، إذ يحيط بقريوت ثلاث مستوطنات وأربع بؤر استيطانية".

وأضاف، 'جميع الاراضي التي تمت مصادرتها هي اراض زراعية واراض مشجرة بالزيتون'.

ومع نهاية العام الفائت أصدرت ما تسمى بالادارة المدنية قرارا بمصادرة 1200 دونم بالقرب من مستوطنة "عيليه" ضمن أراضي قرى قريوت والساوية واللبن الشرقية، وذلك للمصادقه على المخطط الهيلكي لمستوطنة "عيليه" وربطها مع مستوطنة "شيلو".

وتابع القريوتي، "ما تسمى بالادارة المدنية أصدرت ايضا قرارا بمصادرة 300 دونم في خربة سالون الواقعة جنوب قريوت، وذلك لتنفيذ مخطط سياحي في المنطقة وباشرت بتنفيذه على أرض الواقع. بالإضافة الى مخطط يتعلق بمستوطنة "شيلو" لتوسعتها ضمن اراضي قريوت وترمسعيا وجالود".

'منذ سنتين والمواطنون لا يستطيعون الوصول الى المنطقة الغربية من قريوت حتى لحراثة أراضيهم، وحتى أثناء تواجدهم هناك يتم الاعتداء عليهم' يشير القريوتي.

ويؤكد "القتل ينتظر كل من يقترب من أي أرض قريبة من المستوطنات كما حدث مع الشهيدين لبيب عازم ومحمد زغلوان، اللذين استشهدا بالقرب من مستوطنة عيليه".

"تقلص الموسم الزراعي بالكامل، وعدم تمكن المواطنين من زراعة أراضيهم القريبة من المستوطنات وضخ مياه الصرف الصحي باتجاه الاراضي الزراعية، وتدمير المحاصيل واشجار الزيتون من اهم السلبيات الناتجة عن هذه المستوطنات" يضيف القريوتي.

ويتابع: جميع الأراضي الزراعية الخصبة باتت إما داخل المستوطنات أو الاراضي المصنفة "c".

وأكثر من مرة اعربت وزارة الخارجية الفلسطينية عن استغرابها من الصمت الدولي على جرائم الاحتلال، وعلى تصعيد حربه الشرسة ضد الوجود الفلسطيني على أرض وطنه. وأدانت أيضا هذا التغول الاستيطاني المنفلت من أي اعتبار للقانون الدولي، وأي احترام لدعوات المجتمع الدولي بضرورة وقف الاستيطان وتداعياته الخطيرة على حل الدولتين والسلام في المنطقة برمتها".

ويقول الفلسطينيون إن إعداد المخططات الاستيطانية، وسرقة الأرض الفلسطينية هي سياسة يتبعها الاحتلال منذ احتلاله للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية في العام 1967، وتصاعدت بشكل ملحوظ وجنوني منذ تولي نتنياهو الحكم في إسرائيل في العام 2009.

ويشير الخبير في الشؤون الاستيطانية خليل التفكجي "إلى أن البؤر الاستيطانية التي يتم انشاؤها بمحاذاة التجمعات الفلسطينية ليست عشوائية أو تم إصدار قرارات جديدة بها، بل هي ضمن برامج تم إطلاقها في عام 1979 والعام 1994، وذلك بإحلال مليون مستوطن في الضفة الغربية مع نهاية العام 2022 ومشروع القدس لعام 2020".

ويشير مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس "إلى أن المناطق الجنوبية من نابلس تتعرض للكثير من المشاكل بسبب الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين من جهة ومن قبل ما تسمى بالادارة المدنية التي تسعى الى توسعة المستوطنات على حساب اراضي المواطنين، ولعل أخطر هذه المشاريع هو ربط مستوطنة "شيلو" بشارع "الون" في أريحا بطول 10 كيلومترات".

ويضيف، "إن هذا المشروع سوف يبتلع الكثير من الدونمات من اراضي المواطنين القريبة من مستوطنة "شيلو"، كما حصل في قرية جالود اذا تمت المصادقة على مصادرة 7000 دونم من أراضي القرية".

المد الاستيطاني على شواطئ الجزر الفلسطينية لا يجلب الخيرات معه، ولا يرتبط بظهور القمر كما يحصل بالمد البحري، بل هو يمتد في كل الأوقات مبتلعا الاراضي والاشجار وينشر الدمار في كل مكان كأنه تسونامي.