رام الله الإخباري
إن زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، لاسرائيل تشير الى أحد الانجازات السياسية المركزية لبنيامين نتنياهو كرئيس حكومة في السنوات الاخيرة. لقد نجح نتنياهو في الحفاظ على اتفاق السلام مع مصر رغم الانقلاب الذي حدث في الدولة في 2011 وخلال حكم الاخوان المسلمين وعزز العلاقة بشكل دراماتيكي منذ الانقلاب العسكري في 2013 وصعود عبد الفتاح السيسي الى الحكم.
إن قدوم شكري لزيارة علنية في القدس بعد مرور تسع سنوات على زيارة سابقه، احمد أبو الغيط في المرة الاخيرة، هو انجاز سياسي بحد ذاته. في السنتين الاخيرتين كانت اتصالات مكثفة بين القيادة المصرية والقيادة الاسرائيلية – محادثات هاتفية دائمة بين نتنياهو والسيسي، تنقل المبعوثين الاسرائيليين والمصريين بين القدس والقاهرة. إلا أن ذلك قد تم حتى الآن على نار هادئة. وفي حالات كثيرة بسرية تامة.
ومن اجل أن نفهم خلفية زيارة شكري للقدس، يجب العودة الى 17 أيار، حيث قرر الرئيس السيسي في حينه استغلال خطاب ألقاه في مراسيم افتتاح محطة جديدة للطاقة من اجل الطلب من جميع الاحزاب في اسرائيل التوحد حول خطة السلام مع الفلسطينيين. وقال إن على الدول العربية المساعدة في ذلك. إن من حث الرئيس المصري على قول ذلك هو رئيس الحكومة البريطاني، طوني بلير، الذي يعتبر أحد مستشاريه المقربين.
خطاب السيسي حاول أن يشكل المادة اللاصقة بين بنيامين نتنياهو واسحق هرتسوغ للتمكين من اقامة حكومة وحدة وطنية في اسرائيل تركز على دعم عملية السلام مع الفلسطينيين. وفي المقابل كانت مصر مسؤولة عن اطلاق مبادرة لضم دول عربية الى عملية السلام. هذه الخطوة فشلت في أعقاب قرار نتنياهو عدم الاستجابة لمطالب المعسكر الصهيوني في الموضوع السياسي وضم حزب اسرائيل بيتنا للحكومة وتعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع.
بعد خطاب السيسي بيومين وبعد يوم من قرار اعطاء وزارة الدفاع لليبرمان، اتصل نتنياهو مع الرئيس المصري. في تلك المحادثة تعهد نتنياهو بالتزامه في دعم مبادرة السيسي وأن ليبرمان لن يؤثر في ذلك، بل سيساعد. وأوضح ايضا أنه بعد أداء ليبرمان لليمين سينشر اعلانا ايجابيا حول مبادرة السلام العربية.
أكد السيسي في المكالمة أنه من اجل الاستمرار في مبادرته فان على نتنياهو اتخاذ خطوات حقيقية ميدانية نحو الفلسطينيين. تجميد البناء في المستوطنات هو مثال واحد على خطوات كهذه، اعطاء الفلسطينيين صلاحيات في مناطق ج في الضفة الغربية هو مثال آخر. وقد سعت زيارة شكري الى أخذ الدين من تلك المحادثة الهاتفية.
أشار مصدر اسرائيلي مطلع الى أن مصر حصلت على “ضوء اخضر” من القيادة في السعودية ودولة الامارات. ولكن من اجل ذلك يريدون رؤية ما سيحضره نتنياهو معه الى الطاولة في الموضوع الفلسطيني. خلق نتنياهو لدى المصريين الانطباع بأنه مستعد لفحص خطوات حقيقية كجزء من مبادرة اقليمية تعطيه محادثات مباشرة مع دول عربية بالتوازي مع المحادثات مع الفلسطينيين.
المصريون لم يحطموا الادوات أمام نتنياهو بعد تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع، وهم على استعداد للاستمرار في مبادرتهم.
وأحد اسباب ذلك هو أن مصر وفي ظل ابتعاد مجلس الامن التابع للامم المتحدة عن الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني، تريد البحث عن بديل. وليس لها ما تخسره. وفي اسوأ الحالات ستقول إنها حاولت ونتنياهو هو الذي رفض.
إلا أن ما كان في استطاعة نتنياهو أن يفعله في 17 أيار مع هرتسوغ والمعسكر الصهيوني، تصعب رؤية كيف يمكنه أن يفعله مع ليبرمان واسرائيل بيتنا ومع نفتالي بينيت والبيت اليهودي. وطالما أن نتنياهو لم يجد الحل لذلك، فان الانجاز السياسي الذي حققه أمس سيكون مشروطا. زيارة شكري يمكن أن تكون بداية انطلاقة سياسية بين اسرائيل والدول العربية، لكنها يمكن أن تكون ايضا حدث لمرة واحدة لن يؤدي الى أي شيء وسيُنسى سريعا.
هارتس