رام الله الإخباري
منذ 15 عاماً من الإبعاد عن مسقط رأسه في بيت لحم لم يلتق المبعد إلى قطاع غزة فهمي كنعان بعائلته، ولم يأكل من كعك والدته، ولا من الحلويات التي تُجيدُ صناعتها، وأمام تلك الحالة القسرية يقضي كنعان عيده على مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تروي ظمأ الشوق إلى عائلته.
العيدُ بالنسبة للمعبد كنعان ليس سوى ذكرى وحسرة تفتح الجراحات وتنكأ الألم في كل عام، فيحاول جاهداً أن يتظاهر أمام أولاده وزوجته ووالده ووالدته أنه على ما يرام، ويجتهد كثيراً لإخفاء دموعه.
ويُعد عيد الفطر هذا العام هو العيد الخامس عشر لإبعاد "مبعدو كنيسة المهد" عن مدينتهم التي لطالما عاشوا في كنفها، رغم تلقيهم العديد من الوعود من قيادات السلطة الفلسطينية بحل قضيتهم في أقرب وقت ولكن دون جدوى، وإنما مجرد وعودات أقرب إلى الشعاراتية منها إلى العملية.
كنعان: يوم العيد يفتح الجراح وينكأ الألم
ويفتح الإبعاد فصلًا جديدًا من الحزن والحسرة للمبعد كنعان، الذي وصف فرحة العيد بـ "المنقوصة" جراء عدم لقائه بعائلته وخاصة والده ووالدته واشقائه المغتربين في اسبانيا، وإذا ما احتسبنا السنوات التي قضاها كنعان في سجون الاحتلال إلى جانب حياة المطاردة نجد أن تلك العائلة المكلومة لم تلتق بمجموعها منذ 30 عاماً.
قصة المبعد فهمي كنعان والتي تمثل معاناة بدأت فصولها منذ أن اعتقل في الانتفاضة الأولى في سجون الاحتلال ومن ثم انتقل من مرحلة الاعتقال إلى مرحلة الإبعاد حيث سيدخل في العاشر من الشهر القادم العام 15 عاماً للإبعاد دون أن يتمكن من الاجتماع بالأهل والأحبة.
بعد طول غياب اجتمع المبعد بشقيقة الأكبر صالح الذي قدم من اسبانيا لزيارته في غزة، وحال الإبعاد دون اجتماع الإخوة مرتين الأولى في العام 1987والثانية خلال فترة الإبعاد، وقال كنعان: "لم اجتمع مع شقيقي منذ 16 عاما لان شقيقي عندما كان يأتي لزيارة بيت لحم لم أتمكن من رؤيته بسبب وجودي في سجون الاحتلال في الانتفاضة الأولى بين العام 1987 وحتى العام 1996، وكذلك لم أشاهده للمرة الثانية على التوالي وأنا في الإبعاد في قطاع غزة منذ العام 2002".
وأضاف كنعان قائلا: "أسرتنا لم تجتمع في بيت واحد منذ 30 عاما بسبب وجود شقيقاي صالح وناصر في اسبانيا منذ العام 1984، حيث كان الاحتلال يرفض إعطائهم تصريح لزيارتي سواء داخل السجن أو في فترة الإبعاد في غزة، وكذلك منذ أن تزوجت شقيقاتي وانتقلن للعيش في مدينة القدس لم استطع أن اجتمع مع شقيقاتي منذ 15 عاما بسبب رفض الاحتلال إعطائي تصريح لزيارتهم".
ويستذكر كنعان كيف كان يزور بيت عائلته في الأعياد ابان مطاردته من الاحتلال في بيت لحم، "كنا نقتنص في الأعياد 10 دقائق لنزور فيها العائلة على عجلٍ وترقب وكنت أقبل جبين أبي وأمي، وبعدها أذهب إلى المخبأ".
كما ويستذكر الأعياد في مدينة بيت لحم، يقول "للعيد في بيت لحم طعم ومظاهر خاصة، كنا نذهب في صبيحة اليوم الأول من العيد على شكل جماعات لزيارة أسر الشهداء والجرحى والأسرى، وبعدها نتفرغ نحن والوالد لزيارة ارحامنا".
كنعان: بسبب حياة الغربة والاعتقال لم نجتمع أنا وأخوتي تحت سقف واحد منذ 30 عاماً
وفي غزة على الرغم من حفاوة أهلها بمبعدي كنيسة المهد، يقول: نزور بعض الأصدقاء والجيران، ولكن الفرحة لا تزال منقوصة، مبينًا أنهم ومن باب السعي للفرحة يزورون بعضهم بعضًا - أي المبعدين-.
وأشار إلى أن يوم العيد أصبح لديه مع باقي المبعدين "يومًا عاديًا"، يخلو من مظاهر البهجة والسعادة التي اعتاد عليها، حيث يقوم المبعدون بالصلاة في ساعات الصباح الباكر، والانطلاق إلى البيت والمكوث فيه وبصورة معاكسة لما اعتاد عليه على مدار سنوات حياته، ويتفرغ للحديث مع عائلته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن ازمة انقطاع الكهرباء تعكر صفو حديثه ومعايدة على العائلة.
وما زاد من وحشة الأيام وغربتها على المبعد كنعان هو انتقال عائلته المكونة من 7 أفراد إلى مسقط رأسها في بيت لحم؛ فيقول: كان هناك ما يؤنس وحشتي ولكن اليوم لا أحد، فأنا أسكن وحيداً في شقتي.. اشتقت لأطفالي واهلي كثيراً.
ولا يطالب كعنان سوى بحقه كإنسان ويتمثل طلبه في أن يعود إلى مسقط رأسه، قائلاً: الإبعاد القسري جريمة حرب دولية، وفي كل عام نرسل إلى الأمم المتحدة رسائل حول إبعادنا القسري غير أنها لا تحرك ساكناً في قضيتنا
كما وطالب الفصائل والسلطة بضرورة إنهاء معاناتهم والعمل الجاد والحقيقي لإعادتهم لمسقط رأسهم ليعيشوا بين أحضان عائلاتهم.
يذكر أن الاحتلال قام بإبعاد كنعان بالإضافة إلى 25 محاصرا إلى قطاع غزة و13محاصرا إلى الدول الأوروبية من كنيسة المهد في بيت لحم ضمن صفقة عرفت بصفقة "إبعاد كنيسة المهد" بعد حصار الكنيسة الذي استمر 39 يوما في العام 2002.
فلسطين اليوم