حصائر في غزة من مخلفات البلاستيك

البلاستيك-الناتج-من-مخلفات-المصانع

لم تتوقف عجلة الإنتاج داخل "مصنع حجازي للحصائر البلاستيكية"، مثل العديد من مصانع المنتجات الأخرى في قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، منذ نحو عشر سنوات، وصعوبة دخول أصنافٍ مختلفة من المواد الخام.

فأكبر وأقدم مصانع الحصائر في القطاع، تمكّن من إعادة تدوير البلاستيك، واستخدامه في صناعة الحصير، عوضًا عن البلاستيك الذي ارتفعت أسعاره من قرابة 600 دولار، إلى 2000 دولار للطن الواحد.

ويعتمد حامد حجازي، (69 عامًا)، صاحب المصنع، على البلاستيك المستعمل، بشكل رئيسي، في صناعة منتجه من الحصائر (مفروشات أرضية، تصنع من البلاستيك أو الخوص، أو أوراق نباتية).

ويقول حجازي، للأناضول: "ارتفاع أسعار البلاستيك، وصعوبة إدخاله إلى القطاع، عبر معبر كرم أبو سالم، الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، دفعنا للتفكير في بديل آخر، وكانت فكرة إعادة تدوير البلاستيك المستعمل".

وينتج قطاع غزة حوالي 500 ألف طن من النفايات المنزلية سنويًا، بواقع 1900 طن يوميًا، إذ ينتج الفرد الواحد ما يقدّر بكيلو جرام واحد من النفايات بشكل يومي.

وتقتصر عملية تدوير النفايات في غزة، ، مثل الأخشاب والعلب البلاستيكية، على مبادرات فردية محدودة من بعض الشباب.

ويتفق حجازي الذي افتتح مصنعه في عام 1988، مع عدد من جامعي القمامة في القطاع، لتوريد البلاستيك المستعمل له، حيث يقوم بفرزه وإعادة تدويره، داخل مصنعه، "لينتج من العدم شيئًا جديدًا"، على حدّ تعبيره.

وفي إحدى زوايا المصنع، الواقع شرق مدينة غزة، يلقي أحد العمال علبًا وصواني بلاستيكية، مختلفة الألوان والأحجام، داخل ماكينة تفتيت البلاستيك، التي تخرجه قطعًا صغيرة للغاية.

تلك الحبيبات الناتجة، يتم غسلها وتعقيمها وتجفيفها، ثم تبدأ عملية صناعتها على شكل عيدان رفيعة جدًا، ذات ألوان مختلفة، وتكون جاهزة لاستخدامها في صناعة الحصائر البلاستيكية.

وتحظى الحصائر بإقبال جيد من الفلسطينيين، لانخفاض أسعارها مقارنة بباقي المفروشات الأخرى، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها سكان القطاع، لعدة عوامل أبرزها الحصار والحروب الإسرائيلية، وفق حجازي.

ويقول حجازي: "أوضاع الناس المعيشية صعبة، لذلك يفضل الناس الحصير، بالإضافة إلى أنه سهل التنظيف والاستخدام".

وفي 22 مايو/أيار العام الماضي، قال البنك الدولي، في بيان، إنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43%، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80% من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر".

وانخفضت الطاقة الإنتاجية في مصنع حجازي إلى 20% فقط، بسبب أزمة الكهرباء والحصار، بعد أن كانت تعمل ماكيناته على مدار الساعة، وتصدر إلى الضفة الغربية وإسرائيل والأردن.

ويعاني قطاع غزة منذ 7 سنوات من أزمة كهرباء كبيرة، بدأت عقب قصف إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006.

واستغنى المسن حجازي، صاحب النظارات الطبية عن 30 من أصل 50 عاملا، لعدم قدرته على توفير رواتبهم الشهرية.

ويبلغ عدد مصانع الحصير في قطاع غزة خمسة مصانع، وفق تامر الزويدي، مدير دائرة تنمية وتشجيع الصادرات، في وزارة الاقتصاد الفلسطينية في قطاع غزة.

ويقول الزويدي، للأناضول:" يعتبر قطاع صناعة الحُصر، قطاعًا صناعيًا واعدًا، وإنتاجه مميز وسعره مناسب، وهو سلعة قابلة للتصدير، إلا أنه يصطدم بعدة عقبات، كأزمة الكهرباء، والحصار".

ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية يناير/كانون ثان 2006، تفرض تل أبيب حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران 2007.

ولم يعد يعمل مصنع الفلسطيني فؤاد عودة، للنسيج والحصير بطاقته الإنتاجية الكاملة، فقد توقفت 16 ماكينة عن العمل من أصل 32، بسبب أزمة الكهرباء أيضًا والحصار وعدم التصدير للخارج.

ويقول عودة (57 عامًا)، لمراسلة الأناضول: "السياسة الإسرائيلية تفرض تكلفة باهظة جدًا على تصدير الحصائر من قطاع غزة، لذلك امتنع تجاره عن تصديره للخارج، واكتفوا بالسوق المحلي".

وتعتبر المناسبات والأعياد وشهر رمضان، أوقات ذروة بيع الحصائر، كما يقول عودة، مضيفًا: "كنا نصدّر الحصير بكثرة إلى الضفة الغربية في موسم جني الزيتون، حيث يستخدم في عملية الحصاد".

ويستخدم عودة أيضًا البلاستيك المعاد تدويره في صناعة الحصير، لانخفاض تكلفته الإنتاجية إلى النصف، مقارنة مع استخدام البلاستيك الخام، وللمساهمة في تنظيف البيئة، وفق قوله.