رام الله الإخباري
يطرح معرض “مستقبل الاختفاء” للفنان الفلسطيني وفا حوراني رؤى متعددة للماضي والحاضر والمستقبل من خلال أعمال فنية متعددة الأشكال بين منحوتات ومجسّمات ولوحات هي نتاج سنوات من العمل والتفكّر.
يعيد حوراني في أعماله الفنية الجمهور إلى أماكن لم تعد موجودة من خلال عمل مجسمات لها وأخرى لما ستكون عليه بعد عشرات السنين في محاولة تحاكي الخيال العلمي.
وفي إحدى المعروضات، يقدم حوراني عملاً تركيبياً متعدّد الوسائط لقاعة سينما “دنيا” التي كانت الأولى في رام الله، وهدمت قبل سنوات وأقيم مركزٌ تجاري على أنقاضها وسط المدينة.
ويقف المشاهد أمام نموذجٍ مصغر لسينما “دنيا” ويمكنه من خلال النظر من نافذة صغيرة مشاهدة فيلم بالأبيض والأسود من الأرشيف يعرض على شاشة صغيرة داخلها.
ويتخيل حوراني في عمل فني آخر ما سيكون عليه مخيم قلنديا الواقع بين مدينتي القدس ورام الله بعد 100 عام من النكبة، من خلال مجسم لبنايات جميلة تقف أمامها سيارات فارهة.
وكتب حوراني عن العمل، “هذه الصورة مليئة بالفكاهة على الرغم من أنها بالتأكيد ليست خالية من المرارة”.
ويضم المعرض الذي يستمر حتى 23 يونيو/حزيران القادم في مجمله 13 عملاً فنياً مختلفاً يستخدم فيها النحت والتصوير والرسم.
تصوير المستقبل للحديث عن الواقع
يقول حوراني (37 عاماً) لرويترز خلال افتتاح معرضه في رام الله وسط حضور كبير من الفنانين والمثقفين، “يضم هذا المعرض أعمالاً مختارة تعبر عن رحلتي الفنية في الـ 15 عاماً الأخيرة. الحديث عن المستقبل هو طريقة مؤدبة للحديث عن الحاضر. أحاول تحفيز المشاهد على التجرّد من الوقت”.
ويبرز في أعمال حوراني استخدام الأسلاك في عمل مجسمات للإنسان بحجمه الطبيعي وغيره من الأشياء ليكون لكل عمل حكاية، ويشكل حوراني في أحد الأعمال قارباً من الأسلاك على متنه رجلٌ يحمل صنارة يصطاد بها سمكة.
وقال الفنان الفلسطيني إن هذا العمل يرمز “إلى محمد الأسود الذي يعرف بجيفارا غزة الذي استشهد في معركة شرسة مع قوات الاحتلال في 9 مارس/ آذار من العام 1974”.
وأضاف “هذا قارب مصنوع من الأسلاك المعدنية وهو قارب يستحيل أن يطفو في أي بحر عدا بحر الفن حاملاً محمد في رحلة الخيال العلمي إلى خمسينيات القرن الـ 20 حين صنع قارباً وتوجه إلى كوبا دعماً للثورة”.
ويعيد حوراني إلى الأذهان الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي كان سلاح الفلسطينيين فيها الحجر من خلال عمله الفني “فنون القتال الفلسطيني”، الذي يستخدم فيه الأسلاك في عمل مجسمات بحجم الإنسان الطبيعي وهو يلقي الحجارة باستخدام يده أو غيرها من الأدوات.
”مقبرة الأشياء” للتفاعل مع الجمهور
ويتيح حوراني في أحد أعماله “مقبرة الأشياء” للجمهور التفاعل معه من خلال وضع مكعبات ورقية صغيرة يمكن وضع ورقة صغيرة فيها بعد كتابة سرٍّ عليها ودفنها في مكان مجاور خصص لذلك في ساحة الحديقة في مركز خليل السكاكيني.
ويكتب حول هذا العمل، “فيلكن للسر قبرٌ وللقبر شاهد على جوهر الغموض ومستقبل الاختفاء ولندفن أسرارنا كما يدفن الشهداء فيصبح الفن مقبرة الأشياء مقبرة مقدسة وأبدية. ليبقى المشاهد محدقاً في اللامرئي فينا فلا يرى سوى سره فيبوح به لنفسه ويفكّر بغيره”.
وبدأ حوراني مشواره الفني بعد دراسته السينما التجريبية في تونس في إخراج الأفلام، قبل أن يتحوّل إلى الفنون المتعددة الوسائط في العام 2003.
رويترز