الطلاق يُسجل نسبة عالية في مصر.. ومختصون: 360 حالة يومياً

501304557472002411

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري - استحوذت نسبة الطلاق في مصر على المرتبة الأولى عالمياً بحسب إحصاءات أصدرتها الأمم المتحدة نهاية 2015، تشير إلى أن النسبة فاقت الـ170 ألف حالة خلال العام الأخير.

وبحسب خبراء فإن نسبة الطلاق ازدادت في مصر في الآونة الأخيرة، وتنتشر بين فئة الشباب لا سيما بين الطبقات الاجتماعية المرتفعة، في حين أرجع بعضهم ارتفاع نسبة الطلاق إلى الظروف الاقتصادية المتردية، وعدم قدرة الطرفين على تحمل المسؤولية.

- النسبة تزداد

مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، أحمد هارون، أكد أن آخر الإحصاءات الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء كشفت عن أن هناك حالة طلاق تقع كل أربع دقائق في مصر.

وأشار في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أنه وفق تلك الإحصاءات فإن حالات الطلاق تزيد بنسبة 30% في السنة الأولى للزواج، وأن هناك ازدياداً في حالات الطلاق التي تتم من خلال المحاكم.

ولفت هارون إلى أن القوانين التي صدرت للحد من الطلاق لم تؤد الدور المنوط بها، بل كان لمكاتب حل النزاعات الزوجية التي أُنشئت وفق القانون رقم 10 لسنة 2004 دور في زيادة تلك النسبة.

- أسباب الظاهرة

ولفت الخبير النفسي إلى أن هناك ستة أسباب رئيسية تدفع إلى الطلاق في السنة الأولى من الزواج؛ وهي فقدان المسؤولية، وعدم وعي الشاب الذي أقبل على الزواج أن له القوامة، وأن مسؤولية البيت تقع على عاتقه، وأن تلك القوامة تكليف وليست تشريفاً.

وتابع قائلاً: "كذلك الزوجة الشابة يكون لديها فقدان للمسؤولية؛ إذ إنها لا تعي أنها تحولت من الفتاة المُدللّة في بيت والدها إلى زوجة، ولديها مسؤوليات في بيتها الجديد".

ولفت هارون إلى أن هناك "أزمة فكر" يقع فيها الطرفان فيكون لدى كل منهما توقعات مغايرة حول الزواج، متابعاً: "عدم قدرة الطرفين على التلاقي في نقطة وسط تدفعهما دفعاً نحو الطلاق كحل لتلك الأزمة".

وأشار إلى أن أزمة المشاعر أو العاطفة قد تكون سبباً في الطلاق؛ إذ تعاني منها السيدات بنسبة 3 إلى 1 مقارنة بالرجال، قائلاً: "فالسيدة تنتظر من الزوج قليلاً من الشهوة، وشيئاً من الحب والكثير من الإحساس بالمسؤولية، على عكس الرجل الذي لديه الكثير من الشهوة والقليل من المسؤولية".

وألمح الخبير النفسي إلى أن "الأزمة الجنسية" تكون غالباً سبباً قوياً في انتشار حالات الطلاق، وأن "أغلب الحالات تقع بسببه"؛ موضحاً أن "الجنس في علم النفس يعني الاحتواء والرعاية والاهتمام، على عكس ما يفهمه الرجل عنه أنه الممارسة التناسلية فقط".

كما أكد هارون أن المشكلة الاقتصادية وتردي الأوضاع الاقتصادية تدفع المرأة إلى النزول للعمل والمشاركة في المنزل، ما يضع داخل المرأة أفكاراً أن زوجها انتهازي.

وتابع قائلاً: "وهناك أسباب اجتماعية كتدخل أهل الزوجين، إلا أن ذلك العامل ليس أساسياً في وقوع حالات الطلاق"، بحسب قوله.

وحول الأساليب التي يجب اتباعها لعلاج تلك الظاهرة، لفت هارون إلى ضرورة التوعية النفسية وزيادة الوعي النفسي؛ ومنها الفحص الجسدي والنفسي قبل الزواج، ومعرفة مدى مناسبة كل منهما للآخر.

وأشار إلى أهمية الدورات الخاصة فيما قبل الزواج لتعريف الطرفين بمهامهما، لافتاً إلى ضرورة الدور الإعلامي للتركيز على أن القوامة للرجل تكليف وليست تشريفاً.

- ينتشر في الطبقات المرتفعة

في السياق ذاته، أكد أستاذ علم النفس، أنور حجاب، أن الطلاق والخلع في مصر أصبحا ظاهرة ومنتشرة بشكل كبير.

وأرجع في حديثه لـ"الخليج أونلاين" انتشار تلك الظاهرة إلى عدم تحمل الطرفين المسؤولية، لا سيما في الزيجات الجديدة، لافتاً إلى أن الشباب والفتيات ينظرون إلى الزواج كماديات ومظاهر خارجية، بعيداً عن البحث عن التكافؤ والتوافق بين الزوجين.

وتابع حجاب قائلاً: "أغلب تلك الزيجات تخرج من أسر إمكاناتها المادية مرتفعة، وتُوفر للشاب تكاليف الزواج ولا تُحمله الأسرة مسؤولية تكوين بيت، وتحمل مشقة تسديد تكاليف الزواج".

وأوضح أستاذ علم النفس أن "الزواج الديلفري"؛ أي الزواج السريع الذي ينتشر بين الطبقات الاجتماعية العالية، ساهم في ارتفاع نسبة الطلاق، فلا تتوفر الفرصة للطرفين ليدرس كل منهما الآخر بدقة.

كما لفت إلى أن "الفتيات يبحثن الآن عن الاستقلالية حتى بعد الزواج، لا سيما بين الفتيات اللاتي لم تُزرع فيهن القيم، وخاصة في الطبقات الاجتماعية المرتفعة".

وتابع قائلاً:" في حين نجد أن حالات الطلاق بسيطة جداً في الطبقات المتوسطة وما دونها، حيث يُتاح للطرفين التعارف بشكل جيد وبناء بيتهما معاً".

- تأثير الأسرة والإعلام

وألمح حجاب إلى أن هناك عدة جهات مسؤولة عن تلك الظاهرة؛ وهي الأسرة التي تقع على عاتقها المسؤولية الكبرى؛ إذ تعتبر البيئة الأولى التي يستقي الطرفان منهما معلومتهما.

وأردف قائلاً: "الابن يتقمص شخصية والده وطريقة تعامله مع والدته، ويُقلد والده في التعامل مع زوجته، لذلك في حالة تفكك الأسرة يكون لها تأثير سلبي على أبنائهم وصورتهم الذهنية عن الزواج".

وتطرق أستاذ علم النفس إلى دور الإعلام والدراما في تشكيل وعي الشباب عن طريق النماذج التي تُقدم فيه، مشيراً إلى أن "الشباب يقعون ضحايا للإعلام والأسر المفككة".

وأوضح حجاب أن هناك ثقافة غربية دخيلة على المجتمع المصري ساعدت على تفكك الأسر، ملمحاً إلى أهمية دور رجال الدين في تصحيح قيم الشباب ومساعدتهم على تحمل المسؤولية وفهم العلاقة الزوجية.

- أزمة في نظام الزواج

من جانبها لفتت أستاذة علم الاجتماع، هدى زكريا، إلى أن أرقام حالات الطلاق كثيرة، وأن الظاهرة منتشرة في المجتمع المصري مقارنة بالسنوات السابقة، وليس عند المقارنة بالدول الأخرى.

ولفتت في حديثها لـ"الخليج أونلاين" إلى أن نسبة الطلاق مرتفعة في الدول الغربية والدول العربية ومنها مصر؛ ما يدل على أن هناك أزمة في نظام الزواج، وأن الطلاق به نسبة زائدة ولكنها ليست بتلك النسبة التي صدرت عن الأمم المتحدة.

وتابعت زكريا قائلة: "حدث تحول في الحياة الزوجية في مصر، فلم تعد العناصر القديمة التي كانت تضمن سلامة الزواج وبقاءه بخير موجودة؛ لذلك لا بد أن تُعيد المجتمعات النظر في موضوع الزواج والنهوض به".

وأكدت أستاذة علم الاجتماع أن الطلاق مشكلة عالمية، وتنتشر في المجتمع المصري لعدة أسباب؛ منها المعرفة الضعيفة بالعناصر الأساسية لقوة الزواج، وتعويل كثيرين على فكرة أن الحب يُديم العلاقات الزوجية استقاء من السينما التي قدمت الزواج بصورة سينمائية.

- تدخل الآخرين في الزواج

كما أوضحت أن البيئة المحيطة بالزوجين في السابق كانت بيئة داعمة للزواج ويدعمون الأسرة الوليدة، لكن الآن هناك درجة عالية من التدخل من الآخرين، بالإضافة إلى عدم نضج الشاب والفتاة المُقبلين على الزواج حتى بات البحث عن ماديات الحياة هو المسيطر.

وشددت زكريا على ضرورة تدريب الزوجين على طبيعة الحياة الزوجية، وإعادة النظر في ما يُطلب من الحياة الزوجية، متابعة: "لا بد من إدخال التنمية البشرية للنهوض بحالات الزواج، بالإضافة إلى الخطاب الديني".

- قصور من رجال الدين

وألمحت أستاذة علم الاجتماع إلى أن "رجال الدين في مصر يتحدثون بلغة العصور الوسطى، وحديثهم ينصب على فكرة تعدد الزوجات، والتركيز على دور الزوجة تجاه زوجها"، متابعة: "الخطاب لا يكون على درجة عالية من التطوير الثقافي لمن يتعرض لمشكلات عصرية".

وأشارت زكريا إلى أن غياب الحديث الأسري أدى إلى تفاقم تلك الظاهرة، قائلة: "لا يوجد نقاش جدي للمشكلات الحيوية للمجتمع ومنها السعادة الزوجية، مع ضرورة انتهاج منهج جديد ومُبهج بعيداً عن السلبية للبحث عن سبل السعادة".

وكالات