" زفة منخفض " .....تفاعل المواطنين مع المنخفضات الجوية وخاصة اذا كانت ثلجية

image-MEI8TYCKL3TA7Q5O

رام الله الإخباري

موقع رام الله الاخباري : 

الوجوه جادّة متجهّمة، نتوقّع خبرا جللا وننتظرعلى أحرّ من جمر كانون.. تعلن حالة الطّوارئ! يتعرّض البلاد والعباد الى اجتياح كبير من... منخفض جويّ مدجّج بعشرات الغيوم والصّواعق الصّوتيّة والضوئيّة. تصدر وسائل الإعلام مفعمة بصورلغرف عمليّات لمتابعة ومواجهة ومكافحة هذا الزّائر الذي نرغب بمائه ولا نرغب به, وتتتابع

وتتوالى التصريحات والمناشدات عن الخطر القادم الدّاهم، يحّذرون ويتحلّفون لمن هم على ضفاف أنهرنا( الدافقة) وودياننا الهادرة أن يبتعدوا عنها، ولمن يملك مركبة أن يبيّتها، وضرورة اللجوء الى المنازل، أقفال كل المنافذ والمتنفّسات ثمّ...يطمئنون المواطن بأنّ كل شيء (أندركونترول) حيال «الغزو» القادم من السّماء.

موجة برد أو منخفض جوّي (سيجتاح) البلاد خبرعادي، فبلادنا والمنطقة عرضة دائما لمنخفضات ومرتفعات بأشكال والوان شتى خاصة الجوية منها، بعضها بحمل كاذب (فشنك) وبعضهاعنيف بمقياسنا و(شويّة هواء) بمقياس حوض البلطيق والحزينة نيو أورلينز (ملطشة) مئات الأعاصير المتوحّشة، ولكنّها تعيش وسكّانها لا يرحلون. فلماذانحن نهوّل ونحذّرثمّ نلوم حتّى.. نلام.

تقوم الدّنيا ولا تقعد و(الغايب) يعلم الحاضرفالمسؤول أدرى, ويختلط الحابل بالنابل ويتحوّل المنخفض الطفولي بالتوصيل والتهويل الى إعصار مدمّر سيستمطر السّماء سمكا وحيتانا.

تبدأ (اقتصادية المنخفضات) بالتّفاعل: غارات واكتساح للأفران ومحال الحلوى و(الخضرجيّة واللحامين والقضمنجية)، ننظّف كلّ شيء: الصالح والطالح، الطّازج و(البايت) الأخضر واليابس, نجبرعنهم، طوابير وخناقات على الدّور والميزان نخرج الى مركباتنا كلّ اثقاله بيمينه ويساره وعلى جنوبه,لا ترى وجوهنا، كوم من أكياس بألوان الطّيف يسير ويتحرّك.

طريقك الى محطّات المحروقات مسدود.. مسدود، العديد سيملأ خّزان سيارته حتى تطفح، يدفقون مرّة واحدة بصفوف مزدوجة ورباعيّة, (هم)سيبقون في منازلهم ويقفلونها بالـ (ترباس) يأكلون ويشربون و(يمسّجون ويفيسبكون) ويشاهدون استعراضات ممجوجة لحكام في مسابقات غنائيّة ترفع الضغط وتوجع الظّهر, ولكن: أن كانوا (سيكرّجون) لماذا يجهدون لملء خزانات مركباتهم بوقود يوصلهم حتى موزمبيق.

البعض يكتشف أن صهريج الوقود في منزله لا يحوي الّا على 100 لتر, وآخرون على 5000 لتر فقط, ينتابهم الرّعب والفزع يهرعون ويتّصلون ب العم (أبي العبد) يسترحمونه (دخيلك), ينتظرون في دوريّات و(شفتات) مراقبة لحين يهلّ (التنك) الذي يهدر بوقار

ربّما مع آذان الفجر، لا ينامون ولا يهدأ لهم بال إلا بعد أن تتخم وتمتلئ معدهم وثلّاجاتهم وخزائن طعامهم وصهاريج سياراتهم ووقود مراجل منازلهم عن آخرها. آخرعلى(قدّ حاله) يتدلّى داخل (حقّ) كازه ليستكشف (هويعرف عدد غنماته، أثنتان, النائمة والقائمة)، ويعرف طبيعة المشهد: كقعر آبارمياهنا (أمنفّض) وبه رواسب وبقايا من قطرات.

نبدأ الطقوس بوصل مزاريبنا الى شبكات مياه المجاري, (لا نعرف ما الحكمة طالما توجد شبكة خاصّة بها)، فتطفح وتنحشر لتعودالى داخل المنزل فنسارع لأنتزاع ابواب مناهلها ووضعها على (سيفها) لتسترجع كلّ مياه المطر ممزوجة بكلّ (بلاوينا) لتتراكض في الطّرقات ترشّها سيارات هوجاء على عباد اللّه فتدنّسهم. بعضنا يهوى(يقنّي) لمسار الماء في الشارع ليتسبب

بخناقات وببحيرات في غير مكانها تغوص بها الأرجل والسّيارات، ثمّ نصبّ جام غضبنا على البلديّات, التي تحاول العلاج وغالبا ما تنجح, و(أحيانا) تتأخّر ولا تعطي المنخفض الهمام حقّه(تستصغر من شأنه) فيستعصي عليها، لتنتشر سياحة الـ(كروز) في أعالي مستنقعاتنا وأنفاقنا، ذلك.. (موضوع آخر).
في الموعد المنتظر لوصول (الأعصار) تشرئبّ الأعناق نحو غرب المدينة، قد يكون (فشنك) فيزورون بما امتلأ به البيت من طعام وشراب، ليصبّوا جام غضبهم على الأرصاد، حمّال الأسيّة.

وأحيانا يهلّ الخير عميما مدرارا فيهرع العديد زرافات ووحدانا الى الشوارع والساحات في مهرجانات (لزفّ) المنخفض العائلة والجيران وأبناء الحي, بنا يتعطل السير وتتعطّل الحياة وتنقلب الفرحة والمشوار الى سجن داخل علب من صفيح (بارد) ولساعات, نكتئب و(نعصّب)ونصبّ جام غضبنا على بعضنا ودوائر السيرو البلديّات والتي لن تستطيع كوادرها الوصول لمعالجة خطأ ما، أومعالجة الورم الناجم عن أنسداد وأنحشار غير طبيعي نتيجة لمنخفض به الرّحمة, فحوّلناه الى مأساة.
المطر رزق وخير، فيه بشرى ورحمة، هو مدعاة للفرح والفرج ليس للاكتئاب والهدر و(النّكد).

الكاتب : م. باهر يعيش