رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
أثار الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد الذي أعقب على إعدام الشيخ نمر باقر النمر المعارض الشيعي المعروف موجة من الانتقادات الواسعة في العالم، إذ أقدمت
أغلبية دول الخليج العربي على قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران تضامناً مع السعودية التي بادرت بهذه الخطوة، ولحقت بها دول مختلفة مخفّضة تمثيلها؛ ما يشير إلى صعوبة التعاطي مع إيران من جهة، ويذكرّ بالبيئات الاستراتيجية القاسية التي تواجهها الأخيرة من جهة ثانية، بحسب موقع "ناشونال إنترست" الأميركي.
اعتمدت طهران استراتيجية ألفتها تل أبيب، قاعدتها مصادقة عدو عدوي التي تُعرف بـ"عقيدة المحيط" أو "Periphery Doctrine" بالانكليزية، وفيما نجحت إسرائيل في تطبيقها، تخسر إيران عبر هذا التطبيق، من دون أن تلوح استراتيجية أخرى في الأفق.
عقيدة المحيط الإسرائيلية
لفت الموقع إلى أنّ صمود "دولة إسرائيل" من خميسنيات وحتى سبعينيات القرن الماضي، بالرغم من المخاطر العربية المحدقة بها، تحقق بفضل اعتمادها عقيدة المحيط.
وبعد أن انقلب الاتحاد السوفياتي على تل أبيب، بعد صداقة دامت لعقود، لأنها وطدت علاقتها مع الغرب، سعت إسرائيل إلى ترجيح كفة التوازن الاستراتيجي لصالحها بدءاً من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا التي زودتها بالتكنولوجيا النووية.
غير أنّ الصداقات والأسلحة الفتاكة لم تكن كافية، فلجأت إسرائيل لبناء أحلاف في المنطقة وتعاونت مع دول غير عربية، كتركيا وإيران الشاه.وكما أشار يوسي ألفر، الخبير الاستراتيجي والضابط السابق في المخابرات الإسرائيلية، بَنَت إسرائيل علاقات مع السودان وأثيوبيا وعُمان والمغرب والأكراد في العراق والموارنة في لبنان.
إلاّ أنّ هذه الاستراتيجية لم تحقق غايتها، فلم تتمكن إسرائيل من الاعتماد على هذه الدول الضعيفة أو الأفرقاء الذين تعاونت معهم، لأنّ تحالفاتها بُنيت على أسس متزعزعة، بحسب ألفر.
وأضاف إنّ الدعم الذي قدّمته تل أبيب للأقليات ساهم في قمع العرب العدائيين بثمن بخس جداً، لافتاً إلى أنّ إسرائيل تمكنت في العام 1967 من تغذية عقيدتها، بعد استيلائها على أراضٍ في مصر وسوريا والأردن.
في المقابل، أدى سقوط حلفاء المحيط، ومنهم شاه إيران كما إبرام معاهدتي السلام مع مصر والأردن إلى جعل القضية الفلسطينية محوراً لمخاوف إسرائيل الأمنية، مُسقطاً عقيدة المحيط التي كانت تتبعها.ولسخرية القدر، تُشبه اسراتيجية إيران، التي باتت عدوة لإسرائيل منذاك، تلك التي اتبعتها الأخيرة في العقود الماضية.
عقيدة المحيط الإيرانية
لا تشبه إيران إسرائيل في عزلتها التامة عن جيرانها، على الرغم من أنّ الدول العربية الواقعة إلى جنوبها تعتبرها عدوة كإسرائيل. كما وتتمتع الدول العربية هذه تلك بعلاقات ممتازة مع أكثر دولة تخشاها إيران: الولايات المتحدة الأميركية.
وتدعم إيران "حزب الله" اللبناني الذي خاض حروباً عديدة مع إسرائيل، كما وتدعم المقاتلين في العراق وسوريا واليمن في مواجهة آخرين تدعمهم السعودية، ما يهدد بتعميق الانقسامات الطائفية بين السنة والشيعة، وفقاً لمحللين في شؤون الشرق الأوسط.
وبالإضافة إلى ذلك، عملت طهران على تطبيق عقيدة المحيط عبر دعمها الحوثيين في اليمن و"حركة الجهاد الفلسطيني" و"حركة حماس"، ولجأت إلى السودان وجيبوتي وجزر القمر وكوبا وفنزويلا وبوليفيا.
استراتيجية طهران في خطر
في ظل دعم الدول الأفريقية السعودية عبر قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ووصول المعارضة إلى الحكم في دول أميركا اللاتينية واستمرار مشاركة طهران في القتال في سوريا والعراق، يمكن اعتبار عقيدة المحيط الإيرانية مهددة.
وبما أنّ إيران تخسر أصدقاءها وتسوء علاقاتها مع جيرانها، بالإضافة إلى أنّها غير قادرة على بناء تحالف استراتيجي مع دول عظمى تتمتع بسلاح نووي مثلها كما فعلت إسرائيل سابقاً، سيؤثر هذا كلّه في علاقاتها مع الدول الأخرى، ذات الأغلبية السنية من ناحية، والكبرى من ناحية أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الذي تصنف "حزب الله" إرهابياً.
وعلى الرغم من أنّ تطبيق الاتفاق النووي الذي أبرم خلال الأشهر الماضية سيخفف مما تعانيه إيران، أقلّه اقتصادياً، أمورها لن تحل قبل أن تقدم على إحداث تعديلات استراتيجية في سياساتها الإقليمية والدولية.
ترجمة لبنان 24