رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري - استلمت الأم سائدة نصر ابنها عمرو خيفو (10 أشهر) كالمعتاد من حضانته الواقعة في مدينة نابلس، لكنها لاحظت بأنه يبكي دون توقف، فسألت المربيات عن السبب فلم يجبن عليها فحسبت الأمر بأنه عادي.
لكن عندما وصلت منزلها ازداد بكاء طفلها فالتبس عليها الامر، عرضته على أفراد أسرتها ومن ثم على طبيب، ليتبين بعدها بأن هناك كسرا في الفخذ، حدث ذلك داخل حضانة الطفل عمرو، التي نتحفظ على اسمها في هذا التقرير، وتأتي هذه القصة ضمن عشرات قصص الإهمال التي تجري داخل هذه الحضانات.
تقول السيدة سائدة من داخل المستشفى، وهي تعمل في إحدى الشركات الخاصة، بأنها صدمت كثيراً مما حدث، خاصة مع إصرار مديرة الحضانة والمربية إنكار الأمر، وزاد من صدمتها باكتشافها عدم وجود تأمين لابنها داخل الحضانة رغم أنها قد دفعت ثمنه.
وحول ما حدث تضيف: 'استلمت ابني كالمعتاد من مربيته، دون أن تذكر لي بأنه تعرض لحادث، واكتشفت الكسر الذي حدث له بالصدفة، وعالجته على حسابي الخاص رغم أنني دفعت ثمن تأمينه صحياً للحضانة.'
وعن وضع الطفل عمرو الصحي تقول الأم: 'اضطر الأطباء بان يقوموا بوضع الجبص على القدمين لتثبيتهما ولضمان التئام الكسر، وسيبقى ذلك مدة شهر كاملاً'.
في الوقت نفسه، اشتكت الأم من عدم تلقيها أي زيارة من إدارة الحضانة ولا حتى من وزارة الشؤون الاجتماعية، المسؤول الاول عن الحضانات ومتابعة أي تجاوزات تحصل فيها، هذه التجاوزات تشمل الإهمال بالدرجة الأولى والتي عانت منها سائدة، مرجعة ذلك لقلة عدد المربيات مقابل زيادة عدد الأطفال قائلةً: 'منذ فترة ألاحظ بأن هناك إهمالا كبيرا، اغراض طفلي تفقد، ملابسه دائما متسخة ومليئة بالحليب، فعدد الأطفال يصل تقريبا إلى 20، مقابل مربية واحدة فقط'.
وفي مدينة أخرى، وهي رام الله، والتي تعج بالحضانات، وداخل إحدى الشقق السكنية فيها، تعمل سيدة على رعاية مجموعة من الأطفال أكبرهم لا يتجاوز الرابعة من عمره، المكان لا يبدو كدار حضانة، فهي شقة في عمارة سكنية تصميمها كباقي شقق العمارة، رغم وجود لافته تشير إلى أنها حضانة أطفال، لكن الاختلاف هو أن الأوساخ مكدسة على ألعاب الأطفال الموجودة في الساحة المخصصة لهم والذين بدأ جلهم السير حديثا، وفي الداخل توجد مجموعة من الغرف العادية بها بضع أسرة، إلى جانبها حمامات، وغرفة أخرى مخصصة للمطبخ ولإعداد الطعام للأطفال، ولا يلاحظ وجود أي خصوصية للأطفال هناك.
لم يرق لصاحبة الحضانة أو إحدى العاملات فيها تقديم أي معلومات عندما علمت أنني صحفي، وعند سؤالها عن عملها في الحضانة والجهة المسؤولة عن الرقابة على تلك الحضانات، قالت إنها وزارة الشؤون الاجتماعية وإنهم يحضرون للرقابة على الحضانة مرة واحدة في العام عند الترخيص فقط، ويحضر كذلك مراقب من وزارة الصحة لفحص الأغذية في بعض الأوقات، بينما يحضر الدفاع المدني لتفقد وسائل وآليات السلامة في الحضانة، وعادة ما يوجهون نصائح حول النقص الموجود في الحضانة.
وتضيف صاحبة الحضانة التي رفضت الكشف عن اسمها، أنها واجهت صعوبة عن ترخيص الحضانة، لكن بعد ذلك بدت كل الأمور سهلة ولم يعد أحد يراقب عملها بشكل جدي.
وفي حضانة أخرى بمدينة رام الله، تسمى حضانة 'كندا' تبدو أكثر ترتيبا ونظافة وتزينها الصور الخاصة بالأطفال، تقول صاحبة الحضانة ريما سويطي، إن الشؤون الاجتماعية لا تحضر للرقابة على الحضانة سوى مرة في العام، رغم أنها هي المسؤولة بشكل مباشر عن متابعة الحضانات، وعادة ما تحضر مراقبة من وزارة الصحة لتفقد الأغذية والمياه، كما يحضر مراقب من الدفاع المدني لفحص السلامة في الحضانة، وأن الرقابة ليست دورية.
وتقول سويطي: نلتزم بالترخيص بشكل دوري وبكل ما تطلبه الجهات المختصة في حين تعمل بعض الحضانات دون ترخيص وتأخذ من الأهالي نفس التسعيرة للحضانات المرخصة، لذا يجب التأكد من ترخيص وتأمين جميع الحضانات وفق الأصول.
ويشير قانون تنظيم دور الحضانة إلى أن الإدارة العامة لشؤون الأسرة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في كل محافظة يقع على عاتقها الفحص والتحري وتفقد مدى التزام دور الحضانة بما هو منصوص عليه في لائحة تنظيم دور الحضانات الصادرة عن مجلس الوزراء للعام 2011.
إلى ذلك، قالت المواطنة تسنيم عمرو، وهي أم لبنتين، إنها واجهت إهمالا ولا مبالاة من الحضانة (محفوظ اسمها لدى التحرير) تجاه ابنتها الصغيرة يمنى، وقد عرض هذا الإهمال ابنتها للإصابة بالمرض، وعند ذلك قررت ان تتوجه لوزارة الشؤون الاجتماعية بصفتها الجهة المختصة المسؤولة عن متابعة الحضانات، لم تحصل على أي رد ولم تغلق تلك الحضانة.
وقالت إن الأطفال في الحضانة وبينهم ابنتاها كانوا يتعرضون للحبس لساعات خلال اليوم لمدة 3 أشهر في أماكن ضيقة، بسبب إقامة مخيم صيفي في الحضانة، عبر إحضار عشرات الأطفال من طلاب رياض الأطفال في العطلة الصيفية بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية لتحقيق الربح المادي، كما أنها طلبت مرارا من المربيات تجنب إطعام طفلتيها أنواعا معينة من الأغذية تسبب لهم التحسس لكنهن خالفن ذلك، وكانت الحضانة تدعي أنها تشغل التدفئة في الشتاء بينما كان الأطفال يمرضون من البرد.
وتحدثت عمرو أيضا عن إطعام الأطفال طعاما مخالفا لما هو موجود في التقرير اليومي الذي ترفقه الحضانة لذوي الطفل، إضافة لوجود مشرفات غير مؤهلات يقمن بالإشراف على الأطفال، فأغلبهن كن طالبات يعملن بجانب دراستهن، مشيرة إلى أنها كانت تدفع 500 شيقل شهريا عن كل طفلة، وبعد عدم تجاوب وزارة الشؤون الاجتماعية توجهت بشكوى للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن 'ديوان المظالم'، ولكن لم يتغير شيء، فاضطرت لترك عملها والجلوس مع طفلتيها لحين تمكنها من إيجاد حضانة مناسبة.
قسط شهري يوازي القسط الجامعي
إلى ذلك، قالت عرين علان، الأم لطفلين إنها واجهت مشاكل كبيرة في الحضانات، لكن هناك مشكلة لا يتم مراقبتها بينها رسوم الحضانات المرتفعة، وأضافت: 'أنا كأم لطفلين أعاني من أقساط الحضانات، التي قد يصل بعضها إلى مبلغ مماثل للقسط الجامعي'.
وتضيف: 'عندما قررت العودة للعمل بعد أن انجبت طفلي الأول، سمعت عن حضانة جديدة في منطقة عين مصباح، ومن صفحتهم الرسمية رأيتها نظيفة ونموذجية، لكن فاجأتني مديرة الحضانة بأن قسط الطفل الواحد هو ألف شيقل، وهو مبلغ عالٍ جداً، بمعنى أنني سأدفع 12 ألف شيقل سنويا، وعندما سألتها باستغراب لماذا، أجابتني هي أيضا باستغراب قائلة، بأنهم في الحضانة لا يعتمدون نظام الأكل والشرب وتغيير ملابس الطفل فقط، بل هناك نظام أميركي مختلف'.
وتتساءل المواطنة علان من المسؤول عن مراقبة أسعار الحضانات أيضا؟! فهناك حضانة أخرى ليست بعيدة عنها وموجودة بالمصايف، طلبت قسط الطفل 800 شيقل، وهو أيضاً مبلغ عالٍ جداً، وعندما استفسرت ما هو المميز قالت لي بأن المربيات انهين دراستهن في مجال رياض الأطفال في الولايات المتحدة.
وما يعزز المخاوف على حياة الأطفال هو تسجيل مجموعة من الحوادث بين الاطفال أنفسهم والتي أدت خلال السنوات الخمس الأخير إلى وفاة طفلين في إحدى حضانات رام الله، وإلى إصابة عدد من الأطفال الذين جرى تداول ما حصل معهم في وسائل الإعلام، وآخرهم الطفلة شام علاونة (23 شهرا) والتي تعرضت لعنف كبير من الأطفال الآخرين في الحضانة، دون انتباه المربية الموجودة، ما تسبب بإصابتها بكدمات ورضوض شديدة، وهو ما يدفع للبحث بشكل جدي عن طريقة عمل تلك الحضانات والرقابة الممارسة عليها من الجهات المسؤولة عنها، البحث عن مكمن الخلاف.
في هذا السياق، تشير لائحة تنظيم دور الحضانات إلى أنه يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى مديرية الشؤون الاجتماعية على النموذج الرسمي المعد لذلك، وهي المسؤولة عن ذلك.
وحسب المادة (3) من لائحة تنظيم الحضانات، فإن دور الحضانة تهدف إلى رعاية الأطفال وتهيئتهم اجتماعيا وأخلاقيا وتربويا ونفسيا وجسديا ونشأتهم النشأة السليمة. والعمل على تنمية مواهبهم وقدراتهم تهيئتهم للتعلم بما يتوافق مع أهداف المجتمع وقيمه، الدينية والاجتماعية، وتقوية الصلة بين دور الحضانة وأسر الأطفال. وزيادة نشر الوعي الاجتماعي بين أسر الأطفال والعمل على تعزيز ومراقبة النمو والتطور الجسدي الطبيعي للأطفال وفقا لبرامج وأنشطة الوزارة وبما لا يتعارض معها.
في حين تطرقت المادة (4) من نفس القانون الى واجبات الحضانة في تقديم خدمات الإقامة المؤقتة للأطفال حسب حاجة الأسرة، وتوفير العناية الصحية والأمان والرفاهية الكاملة للأطفال، وتقديم الوجبات الغذائية اللازمة للأطفال. تدريب الأطفال على عادات صحية واجتماعية سليمة.... تقييم الطفل من خلال الأهل وبمشاركة مع مربيات دور الحضانة، وذلك عن مدى تطوره كل ستة أشهر مرة'.
وزارة الصحة: وصولنا ليس متاحا للحضانات بشكل كبير
إلى ذلك، أكد مدير دائرة صحة البيئة في وزارة الصحة إبراهيم عطية، وهي الجهة المسؤولة عن الرقابة على الحضانات، أن وزارة الصحة يقع على عاتقها دور صحي وبيئي كبير في الحضانات، وطواقمها تتابع المياه الموجودة في الحضانات ورياض الأطفال والمدارس، و'نحرص أن تكون المياه نظيفة عبر أخذ عينات من المياه وفحصها، ويجري التفتيش على نظافة المكان ووجود التهوية والإضاءة المريحة للطفل'.
وقال إن الطواقم تقوم بعدد من الجولات التفتيشية، ولكن ليس سهلا الوصول لكل الحضانات في مختلف أرجاء الوطن، والحضانات في محافظة رام الله والبيرة مثلا بمعظمها نظيفة لكن هذا الوضع لا ينطبق على بقية الحضانات في مختلف أرجاء الوطن، فبعض الحضانات تأخذ رسوما شهرية لا تتجاوز 20 دينارا فكيف لها أن تطبق الشروط الصحية.
وأضاف عطية أن الملاحظات الموجودة لدى وزارة الصحة هو أنه توجد مشكلة نظافة شخصية لدى العاملات في الحضانات، وهي مشكلة عامة في المرافق الأخرى أيضا، فكثير من المربيات غير متخصصات في حضانة الأطفال، والمتخصصات عددهن قليل، ورواتب المربيات منخفضة جدا، وأكثر المشاكل تنتج عن نقص النظافة، ما يتسبب في سخونة للأطفال بعد انتقال الأمراض، وهذا ناتج عن عدم الوعي.
وتابع قائلا: رغم جولاتنا الكثيرة لم نلاحظ وجود معقم لليدين خاص للمربيات اللواتي يتنقلن بين الاطفال مثلا للتخفيف من انتشار الأمراض، وأنا أقول لك بصراحة نحن لا نتبع هذا الموضوع، فما نقوم بفحصه هو النظافة العامة ونظافة الأطعمة والمياه، وما يصلنا من ملاحظات من الأهالي هي ما ذكرتها آنفا'.
وقال عطية إن المربيات غير المدربات بهذا الخصوص يؤثرن سلبا على صحة الطفل ولا يسهمن بالتخفيف من انتشار الأمراض، ولا يلعبن دورا في توفير بيئة آمنة صحيا للأطفال.
وقال إن الشروط الصحية التي تقع على عاتق وزارة الصحة يجري إلزام الحضانات بها، وكثير من الحضانات التي لم تطبق الشروط قمنا بالاحتجاج عليها ووقف ترخيصها.
وقال: إن بعض حضاناتنا هي مثالية وبعضها الآخر متوسطة وبعضها سيئة، وحضانات المنازل يجب وضع حد لها ويجب ألا تكون موجودة أصلا، فحضانات المنازل من المستحيل اكتشافها لأنه يمنع منعا باتا دخول المنازل إلا بإذن نيابة.
الدفاع المدني: ضبطنا حضانات غير مرخصة ولم نصل لإجراءات سلامة كاملة في الحضانات
من جانبه، قال الرائد حسن ضراغمة مدير الإدارة العامة للوقاية والسلام في المديرية العامة للدفاع المدني، إن الدفاع المدني ومن خلال زيارته الميدانية اكتشف مجموعة من الحضانات التي لم يزرها أحد في السابق، حيث يعملون في الحضانة ويشغلونها دون علم الجهات المختصة، حيث تقوم صاحبة منزل بفتح حضانة صغيرة وتتسع رويدا رويدا دون ان تقوم بما هو مطلوب من توفير اجراءات الأمن والسلامة، لذلك نخطر أصحابها بضرورة التقدم للترخيص خلال 48 ساعة وإلا يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.
ويضيف: ووفق القانون يراقب الدفاع المدني الحضانات كأي منشأة أخرى، ونطلب منها إجراءات الوقاية والسلامة، وكل عام يجري تجديد الترخيص بعد التأكد من سلامة الإجراءات، وقبل افتتاح أي حضانة يحدد الدفاع المدني لصاحب الحضانة إجراءات أو مخططات للمبنى إذا كان قائما لكي يتناسب مع عمل الحضانة، ولا يحصل على التصريح إلا في حال توفر الشروط.
وقال الرائد ضراغمة أنه يجري مراعاة خصوصية الحضانة في فرض إجراءات السلامة، بالتشدد بشكل أكبر بتوفر كل ما هو مطلوب إضافة لإجبار الحضانة على رفع نقاط الكهرباء فوق 80 سم تكون من النوع المغلق لكي لا يستخدمها الأطفال، ويراعى وجود أبواب تمسك برداد، وعدم وجود حواف حادة يمكن ان تتسب في حوادث للأطفال، والأرضية يجب ان يجري تغطيتها بإسفنج وموكيت وغيرها من الأغطية التي تمص الضربات، والزوايا يجري تلبيسها بمطاط واسفنج وغيرها، كذلك يجب أن تكون الحضانة فقط في الطابق الأرضي لسهولة خروج الأطفال في حال حدوث حادث، وسهولة دخول الدفاع المدني للمكان للإنقاذ، وكذلك اسعاف أولي اساسي داخل الحضانة.
وقال إن الحديث عن إجراءات السلامة في الحضانات تامة، 'فنحن بحاجة لكثير من العمل أيضا، ففي بداية عمل الدفاع المدني كانت الحضانات تعمل وفق آراء اصحابها أما اليوم يجري تنظيم عملها بنظام دولي هندسي وبإجراءات عالمية، ولكنها ليست مطبقة على كل الحضانات، فنحن نقنع الناس بإجراءات السلامة والتي هي مكلفة بالنسبة لأصحاب الحضانات، ولا يقتنعون بها ونحن نطبق إجراءات السلامة بشكل تدريجي كل سنة يجري طلب إجراءات سلامة محددة'، مؤكدا أن إجراءات السلامة في الحضانات وصل إلى 80% مما هو مطلوب، وبقية 20% نصل إلى مصاف الدول المتطورة في إجراءات السلامة الخاصة بالحضانات، وهذا ينطبق على الحضانات التي قام الدفاع المدني بفحصها.
وقال: 'إننا لا نعلم عدد الحضانات المرخصة، وهي تتفاوت من محافظة لأخرى فمثلا عددها قليل في محافظة رام الله في حين تزيد في المحافظات الأخرى، ومشاهدة بعض الحضانات كان مفاجئا لنا فبعض الأماكن لا تصل لسكن الكبار فكيف يجري وضع حضانات فيها؟!
الحضانات البيتية خطر داهم بحاجة لمتابعة
إلى جانب الحضانات المرخصة والمنتهي ترخيصها يظهر إلى السطح ما يسمى بالحضانات البيتية، حيث تقوم ربة منزل برعاية مجموعة من الاطفال داخل منزلها، مقابل مبالغ مالية زهيدة، ويلجأ الأهالي بسبب ارتفاع أسعار الحضانات لوضع أبنائهم لديها، ولا تتم مراقبة كيفية رعاية الأطفال هناك أو مدى التزامها بالقوانين الخاصة برعاية الأطفال وحضانتهم.
في هذا السياق، قال الرائد ضراغمة، إنه أثناء الجولات التفتيشية العادية للدفاع المدني جرى ضبط مجموعة من الأطفال داخل شقق ببنايات، تعرضوا لأخطار بسبب وجودهم في أماكن غير آمنة، حيث إنه من غير الممكن أن تتمكن سيدة واحدة من رعاية عدة أطفال في بيت عادي، أو من حمايتهم في حال حدوث حوادث أو أخطار.
وقال إن معظم تلك الحضانات البيتية والحضانات المتخصصة أيضا تفتقر لإجراءات السلامة، حيث يوضع الغاز داخل مطبخ الحضانة وتتذرع ربة الأسرة بأنها هي من يستخدم الغاز فقط، ولكن هذا لا يمنع من قيام أحد الأطفال بالوصول إلى المطبخ واستخدام أنبوبة الغاز بشكل يتسبب بكارثة.
وناشد ضراغمة المواطنين بشكل عام التأكد من ترخيص وتأمين الحضانة وتوفر إجراءات السلامة في الحضانات قبل وضع أطفالهم فيها، و'كل من يلاحظ حضانة أو روضة بها مشاكل أن يبلغ الدفاع المدني والجهات المختصة ويجري الكشف عنها وإخطار صاحبها باتباع الإجراءات المختصة، لأنه لا يمكن أيضا البحث بشكل دائم عن الحضانات غير المرخصة والحضانات البيتية وهذا يجب أن يساعد فيه المواطنون'.
إلى ذلك، قال عطية، إنه 'يصعب القيام بفحص صحي للحضانات البيتية فهي حضانات غير معروفة لنا ويصعب الوصول إليها والكشف عن عملها، ما يشكل مخاطر صحية كبيرة على الأطفال فيها، وأغلب المشاكل للأطفال تنتج من الحضانات البيتية، فكيف لربة منزل أن ترعى أسرة وأطفالا أيضا في منزلها وتوفر لهم احتياجاتهم.
وأضاف أنه يتوجب على الأهالي أن يكونوا أكثر وعيا وأن يضعوا أطفالهم في حضانات نظيفة لتوفير حياة سليمة لهم، وأن يبتعدوا عن الحضانات البيتية والحضانات غير المرخصة لحماية أطفالهم.
من جانبه، رأى الأخصائي الاجتماعي إياد أبو بكر، أن انتشار ظاهرة الحضانات البيتية من الظواهر السلبية التي تنتشر في المجتمع الفلسطيني، خصوصا في المجتمع الحضري (المدني) وهذا ناتج عن عدة اسباب وعوامل ابرزها العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي.
المربيات من مسؤولية الشؤون الاجتماعية أيضا
وخلافا لرياض الأطفال التي تتوالى وزارة التربية والتعليم مسؤولية تعيين مربيات لها ووضع شروط لعملهن، نلاحظ أن لائحة تنظيم دور الحضانات لم تتح للتربية والتعليم تعيين المربيات اللواتي يشرفن على الرعاية والاهتمام بالأطفال في دور الحضانة.
ويشير الفصل الرابع وهو بعنوان: 'شروط ومهام مربية الأطفال' من قرار مجلس الوزراء رقم (11) لسنة 2011 بلائحة تنظيم دور الحضانات، في المادة 27 إلى أنه يشترط في مربية الأطفال أن تكون حاصلة على مؤهل علمي في إحدى مجالات تنمية الطفولة المبكرة أو التخصصات المشابهة، أو حاصلة على توجيهي ناجح مع مؤهلات تدريبية في إحدى مجالات تنمية الطفولة المبكرة، وأن تجتاز فترة عمل تجريبية، وتقيّم عملياً لتثبيتها أو عدم تثبيتها بناءً على كفاءتها، وان تتوفر شهادة خلو من الأمراض من مركز طبي معتمد وكذلك شهادة عدم محكومية، وأن تكون متفرغة وبشكل كامل للعمل في دار الحضانة، وأن تحافظ على النظافة الشخصية، وأن تظهر بمظهر لائق مع ضرورة التزامهن بارتداء الزي الموحد أثناء عملهن مع الأطفال.
وفي هذا السياق، قالت خلود ناصر، مدير عام التعليم العام في وزارة التربية والتعليم العالي، إنه لا يوجد لوزارة التربية والتعليم أي دور في تحديد من هم المشرفون الموجودون في الحضانات، ولا يوجد لوزارة التربية والتعليم أيضا أي رقابة على الحضانات بالمطلق، وكل الرقابة هي مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية من جميع النواحي.
وأضافت: نحن مسؤولون في وزارة التربية والتعليم فقط عن رقابة رياض الأطفال، الحضانات هي لرعاية الطفل وليس لتعليمه، ويمكن ان يستعينوا بنا من باب الاستشارة كون الاطفال يذهبون لرياض الاطفال والمدارس بعد الحضانة من أجل تربيتهم بشكل أفضل.
وأشارت ناصر إلى أنه جرى عقد اجتماعات قليلة مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة والوزارات ذات العلاقة، من أجل البحث في كيفية تطوير عمل الحضانات أو الحصول على استشارات مختلف الوزارات في هذا المجال.
إلى ذلك قال د. أبو بكر إن المربيات في هذه الحضانات يدرن حضانتهن بطريقة تقليدية وغير ممنهجة، ويفتقدن إلى الأساليب التربوية والسلوكية الحديثة أو حتى السليمة، وبالتالي يمارسن الاساليب التلقائية والعفوية والتي غالبا ما تكون اساليب يمارس فيها الزجر والعنف اللفظي، وقد يصل الى بعض الاحيان الى العنف الجسدي ( الضرب).
وأضاف د. أبو بكر، أن المربيات في هذه الحضانات في كثير من الاحيان لا تربطهن بالأطفال علاقة دموية وبالتالي يفتقرن الى العلاقة الحميمية معهم، خصوصا لأهمية هذه العلاقة في هذه المرحلة، وهذا بطبيعة الحال ينعكس على تعاملهن معهم.
الوزيرة السابقة المصري: هناك تقصير وملف حضانات رام الله هو الأصعب
من جانبها، لم تنكر وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، ماجدة المصري، بأن هناك تقصيرا من قبل الوزارة في متابعة ملف الحضانات خاصة في مدينة رام الله.
وتقول: 'في الفترة التي استلمت فيها الوزارة، كان هذا الملف من أكثر الملفات تحدياً، خاصة في مدينة رام الله، فالحضانات ففي المدن الأخرى استطعنا أن نسيطر ولو بشكل نسبي عليها، لكن في هذه المدينة كان الوضع أصعب لكثرة عدد الحضانات وقلة عدد المشرفين والمربيات فيها، وكنا نعتمد على شكاوى الأهالي للتبليغ عن الحضانات غير المرخصة'.
وتشير المصري، إلى أن هناك رضى من قبلها عن اداء الوزارة في متابعة هذا الملف باستثناء مدينة رام الله، موضحة أسباب أخرى بالقول: 'دائرة الطفولة داخل الشؤون الاجتماعية حجمها صغير مقارنة بالملف الذي تتابعه، فعدد المراقبين قليل جداً وغير قادر على رقابة كل الحضانات، فالأمر بحاجة أولاً لزيادة عدد الموظفين في هذه الدائرة وتدريبهم أكثر على الموضوع'.
من ناحية أخرى، تقول المصري أن دور الوزارة كان يقتصر على الترخيص، مضيفةً: 'إحدى المشكلات الأخرى التي تزيد من قضية الإهمال داخل الحضانات، دور الوزارة الرقابي، فالوزارة تراقب لغايات الترخيص فقط، أما فيما يتعلق بالأداء الداخلي فكنا نتركه لإدارة الحضانات، لذلك يحصل المزيد من الإهمال والحوادث للأطفال ما دون الرابعة'.
ودعت المصري القائمين على الموضوع الآن، إلى تشديد الإجراءات فيما يتعلق بمراقبة الحضانات، والأخذ بالتوصيات التي تركتها، حتى لو شمل ذلك إغلاق حضانات بشكل كامل.
بريغيث: نقر بوجود ضعف في الرقابة ولكن الإمكانيات محدودة
من جانبه، أقر بريغيث بريغيث مدير دائرة الحضانات في الإدارة العامة للأسرة في وزارة الشؤون الاجتماعية، بوجود ضعف في الرقابة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعي، ويعزو ذلك لنقص الإمكانيات والكوادر البشرية في الوزارة والقصور في لائحة تنظيم دور الحضانات لعام 2011م.
وقال إن لدى الشؤون الاجتماعية 12 مشرفا موجودا في الميدان للرقابة على 130 حضانة مرخصة في فلسطين، حيث يقوم مشرف واحد في كل حضانة بمراقبة الحضانات، وأنا أعلم أن العدد غير كاف للإشراف على هذه الحضانات، خصوصا أن المشرف على الحضانات يعمل في ملفات أخرى في الوزارة، وعليهم عبئ كبير، كذلك لا تتوفر سيارة للمشرفين للتنقل بسهولة.
وقال إن المشرف يفترض ينفذ قرابة 280 زيارة سنويا على الحضانات، ففي مدينة مثل رام الله 50 حضانة بحاجة لزيارات، كذلك يجب متابعة الشكاوى المقدمة للوزارة من قبل المشرف، وهذه الزيارات بحاجة لتنقل يومي، لكن السيارة تمنح لمشرف الحضانات فقط يوم واحد في الشهر ليقوم بهذه الزيارات، وهذا صعب جدا.
وبين بريغيث أن عدد الحضانات المرخصة 130 حضانة في فلسطين، هم يجددون ترخيصها، و'نتوقع أن يكون قرابة 500 حضانة أكثر أو أقل، ولكن نحن الآن طلبنا طاقم للقيام بمسح شامل للحضانات في فلسطين ونتمنى أن يتوفر تمويل لهذا المسح، لنعرف عدد الحضانات ووضعها إذا أمكن ترخيصها ترخص وإذا لا، يجري اغلاقها فيما بعد'.
وقال إن 'الوزارة تعتمد على الشكاوى المقدمة من المواطنين بشكل مباشر ويتم متابعتها واتخاذ إجراءات بها إذا سجلت مخالفات من قبل الحضانات، وقد قمنا بمخالفة وإغلاق 30 حضانة جرى مخالفة 15 وإغلاق عدد مماثل، وآخر حضانة جرى إغلاقها هي الحضانة التي كانت بها الطفلة شام علاونة في حي الطيرة بمدينة رام الله'.
وناشد بريغيث الأهالي عدم تسجيل أبنائهم في حضانات غير مرخصة والتأكد من ترخيص وتأمين الحضانة قبل تسجيل أبنائهم فيها.
وبين أن المطلوب من أجل تفعيل الرقابة على الحضانات هو توفير طاقم كاف للمراقبة على الحضانات وتوفير وسائل نقل لهم في مختلف المحافظات، قائلا 'حاولنا تخطي صعوبة التنقل بالتعاون مع الشركاء حيث وفرت البلديات سيارات نقل المختصين بالرقابة على الحضانات مثل بيت لحم، وكذلك نعاني من عدم وجود مشرفين في بعض المحافظات نتمنى توفير مشرفين فيها ليجري الـتأكد من سلامة الحضانات وصلاحيتها لرعاية الأطفال من سن يوم حتى أربع سنوات'.
رقابة ملفات المربيات والقانون لا يتيح الرقابة على الحضانات البيتية
في سياق متصل، قال بريغيث إنه يجري الرقابة على ملفات الموظفين العاملين في الحضانات، وأن تكون المربيات قد استوفين الشروط المحددة في لائحة تنظيم دور الحضانة، ويجري التأكد عند كل زيارة من هذا الأمر، كذلك يجري التأكد من وجود سجل لكل طفل في الحضانة بعد القيام بفحص طبي له فور دخوله للحضانة.
وقال إن 'ملفات التجديد والترخيص للحضانات يجري فحص تخصص المربيات وموائمة أوراقهن لما هو مطلوب في اللائحة التنفيذية، ونأخذ تعهد خطي من أصحاب الحضانات بالالتزام باللائحة الخاصة بتنظيم عمل دور الحضانة'.
وفيما يتعلق بالحضانات البيتية التي تديرها ربات بيوت قال بريغيث، إنه لا يوجد شيء يسمى الحضانات البيتية، ففي لائحة تنظيم دور الحضانات لا تتضمن مراقبة الحضانات البيتية، وهذا جزء من النقص في اللائحة'، مشيرا إلى أنه في السابق كانت الشؤون الاجتماعية تراقب هذه الحضانات وتقوم بترخيص بعضها وإغلاق بعضها الأخر أما اليوم فلا يوجد في القانون مادة تتيح مراقبة هذه الحضانات وتنظيم وضعها.
وبين أن الوزارة أصدرت تعليمات بالتركيز على زيارة الحضانات وتفقدها أيضا في المناطق المهمشة والمناطق 'ج'، لتصويب وضع الحضانات هناك، لكن المشكلة في الإمكانيات رغم أن الطاقم العامل في الرقابة يبذل جهدة فكيف لمحافظة مثل الخليل بها قرابة 800 ألف مواطن يوجد فيها مراقب واحد على الحضانات.
وبين أن عددا من أصحاب الحضانات 'قاموا بتهديد الموظفين العاملين في الشؤون الاجتماعية في الرقابة على الحضانات لانهم قاموا بعملهم بالرقابة على الحضانات، وقد تعرضت لتهديد شخصي من أحد أصحاب الحضانات في مدينة رام الله'.
وسط هذا الوضع القاتم للحضانات التي ترعى أطفالنا يظهر جليا أن القانون ليس صارما في معاقبة مخالفي لائحة تنظيم دور الحضانات، ويظهر أن الطواقم العاملة في هذا المجال غير قادرة على القيام بالدور المطلوب منها على أكمل وجه، ما يستدعي أن يولى هذا الملف اهتماما أكبر من الجهات المختصة في مختلف الجهات صاحبة العلاقة، من أجل منع كوارث كالتي سجلت قبل سنوات قلية وأودت بحياة طفلين في إحدى حضانات رام الله.
وفا