رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخباري :
هنأ رئيس دولة فلسطين محمود عباس، اليوم الخميس، قادة وزعماء وملوك دول العالم والقادة الروحيين الذين يسيرون حسب التقويم الغربي، لمناسبة حلول عيد الميلاد المجيد.
وأعرب الرئيس في رسالة بعثها لهم، عن تمنياته أن يحمل العام الجديد الاستقرار والنجاح والتقدم للدول، وأن ينعم شعبنا الفلسطيني في العام المقبل بالحرية والاستقلال وبدولته المستقلة وعاصمتها القدس، وفيما يلي نص الرسالة:
إنها لبركة إلهية أن نحتفل في هذا العام بالمصادفة بعيديّ ميلاد السيّد يسوع المسيح والنبيّ محمد– عليهما السلام - للمرّة الأولى منذ قرون خلت. ففي هذا اليوم يحتفل المليارات من البشر في شتّى أرجاء العالم بمولد رسوليْن عظيميْن يبشران بالمحبة والرجاء والعدل والسلام.
إن يسوع رمز للفلسطينيين جميعا. وتعتزّ فلسطين وشعبها بكونها مهد المسيحية وبأنها تحتضن أقدم الجماعات المسيحية في العالم.إن عيد الميلاد يبعث رسالة الرجاء الذي ينبغي أن يسود دائما حتى خلال الأوقات الصعبة التي يشهدها شعبنا والعالم.
ففي بيت لحم خلال هذا العام يحتفل الفلسطينيون بعيد الميلاد المجيد في الوقت الذي تحيط بهم ثمانية عشر مستوطنة غير قانونية وجدار ضمّ يستولون على أرضهم. وخلال الشهور الخمسة الماضية، شهدنا كيف واصلت الحكومة الإسرائيلية تعزيز نظام الفصل العنصري، من خلال تسريع وتيرة سياساتها التي تقوّض حل الدولتيْن. ولكن يواصل الفلسطينيون تحدّي الظلم اليومي الذي يفرضه المحتَّلُ عليهم، من خلال صمودهم على أرضهم ومحبّتهم لبلدهم.
لقد تمكّنا في عام 2015 من الانتهاء من وضع اتفاقية تاريخية بين الكرسي الرسولي ودولة فلسطين، حيث تتميّز هذه الاتفاقية بكونها فريدة من نوعها في منطقتنا. ففي هذه الاتفاقية صادقنا على الوضع الراهن التاريخي الخاص بالكنائس في فلسطين واحترامنا لمبادئ حريّة العبادة. ويعلم الكرسي الرسولي جيدا بأن المسيحيين ليسوا أقليّة في فلسطين، بل يشكّلون جزءا لا يتجّزأ من نسيجنا الاجتماعي.
ونسعى من خلال هذه الاتفاقية لتمكين العمل الذي تضطلع به الكنيسة المحلية بكهنتها وراهباتها ورهبانها الذين يعدّون المئات والذين كرّسوا حياتهم من أجل تقديم التعليم للشعب الفلسطيني والاعتناء بصحّته ورفاهه. وأود أن أخص بالذّكر البطريرك الفخري ميشيل صبّاح الذي يعد رمزا وطنيا والذي قلّدته دولة فلسطين بوسام نجمة القدس.
وفي عام 2015، حُبيَت فلسطين بتطويب راهبتيْن فلسطينيتيْن، ألا وهما ماري ألفونسين-غطّاس، ومريم بواردي اللتيْن نفخر بهما لا لكونهما ابنتيّ شعبنا فحسب، بل للإسهام الذي قدّمته طائفتهما في مجتمعنا الذي يتمتّع بالثراء والتنوّع.
لقد شهدنا في هذا العام تزايد عدد الكنائس التي أبدت دعمها للدعوة بالاعتراف بدولة فلسطين في شتّى أرجاء العالم، وشهدنا أيضا تزايد عدد المجموعات المسيحية التي أطلقت حملات لسحب الاستثمارات من الشركات التي تتربّح من الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا. ونودّ أن نغتنم الفرصة لنعبّر عن تقديرنا وشكرنا لهذه الكنائس والجماعات بأسرها.
لقد أوصت برلمانات عديدة، بما فيها البرلمان اليوناني مؤخرا، حكوماتها بأن تعترف بدولة فلسطين. لذا فإننا نعبّر عن امتناننا لكافة البلدان التي اتّخذت الخطوة البنّاءة المتمثّلة بالاعتراف بدولة فلسطين، وندعو تلك البلدان التي لم تعترف بدولتنا بعد بأن تفعل ذلك كاستثمار في السلام. ونتيجة للتضامن الدولي مع فلسطين، تمكّنا خلال عام 2015 من رفع علمنا على مقرّ الأمم المتحدة على غرار ما حدث في الكرسي الرسولي.
يحلّ عيد الميلاد خلال فترة عصيبة بصفة خاصة تستدعي فيها الحاجة الماسّة حماية الشعب الفلسطيني، إذ يواصل المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون مهاجمة الفلسطينيين - بما في ذلك المساجد والكنائس - من خلال ارتكاب أعمال التخريب والإرهاب. وتمّ الفصل بين المدينتيْن التوأم القدس وبيت لحم للمرّة الأولى خلال ألفي عام من المسيحية، ما ألحق أضرارا لا تُحصَى بالمجتمع والثقافة والاقتصاد الفلسطيني. ولا يُسمَح لملايين الفلسطينيين والعرب المسيحيين والمسلمين من باقي أنحاء المنطقة بزيارة القدس جرّاء الاحتلال الإسرائيلي. ولا يمكن إقامة دولة فلسطينية دون ان تكون عاصمتها القدس الشرقية، بحيث تكون قد أعيد دمجها مع بيت لحم وباقي أرجاء فلسطين.
وعلى الرغم من الصلوات التي يرفعها المسيحيون الفلسطينيون في بيت جالا والأشكال الأخرى من الاحتجاج السلمي التي ينتهجونها ضد المخططات الاستعمارية الإسرائيلية، فقد أجبروا على مشاهدة القوات الإسرائيلية وهي تبني جدار الضم غير القانوني على أرضهم وتقتلع أشجار الزيتون المعمّرة في منطقة الكريمزان. ومؤخرا صدرت أوامر جديدة تقضي بمصادرة أراضي تعود لأهالي مدينة بيت لحم في ضوء الإعلان عن مخططات لإقامة بنية تحتية للمستوطنات في منطقة بيت لحم الغربية. في ضوء ذلك، فإننا نتعهّد بأن نواصل استخدام أدواتنا المشروعة من أجل إنهاء الاحتلال، حيث أننا لا نطلب ما هو أكثر أو أقل ممّا يمنحه القانون الدولي لشعبنا.
نكرّر ادانتنا للإرهاب الذي ترتكبه 'داعش' والمجموعات الإرهابية الأخرى، وندعم الإجراءات التي يجري اتّخاذها ضد هذه المجموعات. ونعرب عن تضامننا مع الشعوب التي تضرّرت من الأعمال الشريرة التي ارتكبتها هذه المجموعات، سيّما ملايين اللاجئين الذين أُرغِموا على مغادرة بيوتهم بحثا عن الأمن. إن استخدام الدين – أيا كان - لأغراض سياسية هو أمر غير مقبول على الإطلاق ويتعيّن التصدّي له. وفي السياق الفلسطيني، ندعو المجتمع الدولي لوضع حدٍّ للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تحويل قضية سياسية صعبة يمكن حلها إلى حرب دينية مستحيلة.
ونصلي مرّة أخرى أن يزول الاحتلال ونظام الفصل العنصري من أجل إحياء العدالة في بلدنا المقدّس، إذ لا بدّ من إنهاء عقود من التشرّد والظلم لكي يحلّ السلام في منطقتنا. وبمناسبة عيد الميلاد المقدّس، أود أن أحيّي الفلسطينيين جميعهم - أينما كانوا - آملا أن يحلّ هذا اليوم الذي يتمكنون فيه من الحياة والعبادة والتمتّع بالحرية في وطنهم.
وفا