رام الله الإخباري
موقع رام الله الاخبا ري - شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعاً في نبرة التحذير من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية بسبب انغلاق فرص السلام وحل الدولتين وبروز قوى متشددة مثل داعش لملء الفراغ سواء كانت مرتبطة بالتنظيم بشكل مباشر أو مبايعة له.
ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً بهذا الاتجاه لكاتب العامود الأسبوعي في الصحيفة جاكسون ديهل تحت عنوان "سيناريو كارثي في الشرق الأوسط"، استهله الكاتب بالقول: "إن الحروب الجارية في سوريا والعراق والهجمات الإرهابية في الغرب تطمس تهديداً آخر في الشرق الأوسط: احتمال أن يدمر العنف المتصاعد ببطء الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي إحدى المناطق القليلة المتبقية التي تنعم بهدوء نسبي، وكذلك واحدة من آخر الحكومات السنية العلمانية المعتدلة".
ويزعم ديهل أن الهجمات التي يشنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين" أصبحت تشن بشكل منتظم منذ أن بدأت في مدينة القدس في ايلول/سبتمبر الماضي، إذ وقعت 5 هجمات خلال الأيام الأربعة الأولى من الأسبوع الماضي وحده، وانه ورغم الاختلاف الكبير بين أعمال العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإراقة الدماء في سوريا، الا انه يصاحب المستوى المتواضع لأعمال العنف في الأراضي الفلسطينية عواقب هائلة محتملة".
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد حذر يوم 5 كانون الأول الجاري في منتدى حاييم صبان الذي نظمه مع معهد بروكينغو في واشنطن من الاوضاع المتصاعدة في الاراضي الفلسطينية واحوال السلطة الفلسطينية وهو ما دفع ديهل للاستنتاج بأنه إذا حدث ذلك "فسينهار التنسيق الأمني وتحل أجهزة الأمن التي دربتها الولايات المتحدة، والتي تعاونت بشكل وثيق مع إسرائيل ضد الجماعات الجهادية في السنوات الأخيرة".
ويضيف ديهل "على أسوأ تقدير، يمكن أن يفتح ذلك الطريق أمام تنظيم داعش للانتقال إلى الأراضي الفلسطينية وشن هجوم مباشر ضد إسرائيل وهو سيناريو كارثي بالنسبة للدول السنية في المنطقة، وكذلك بالنسبة لإسرائيل نفسها".
وكان كيري قد تحدث بلهجة شديدة عن احتمال حل السلطة الفلسطينية في منتدى صبان قائلاً إن "هناك تساؤلات صائبة حول مدة بقاء السلطة الفلسطينية حال استمرار الوضع الراهن... ولا يمكن لأحد معرفة البديل في عالم يعج بداعش وحماس والجهاديين".
ويشير ديهل إلى أن كيري "كان متفائلاً دوماً بشأن إمكانية تسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لدرجة أن بعض المنتقدين يصفونه بأنه واهم، ولذا فإن اللهجة المتشائمة الجديدة تعتبر ملفتة للنظر".
ويعتقد المراقبون أنهم لمسوا هذا التشاؤم في كيري بعد زيارته الأخيرة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية في أواخر شهر تشرين الثاني الماضي والتي كانت "مثيرة للإحباط "
ويقول ديهل "لم يكن الغرض من الزيارة هو التوسط في إقامة دولة فلسطينية، إذ رضخ كيري والرئيس باراك أوباما في النهاية لحقيقة أنه لا رغبة ولا قدرة لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إبرام مثل هذا الاتفاق، مما اضطر الإدارة الأميركية اتخاذ مسارا أكثر تواضعاً وواقعية كان يتعين أن يتبناه أوباما منذ سنوات وهو: الضغط من أجل تحسينات عملية في الاقتصاد الفلسطيني والحياة اليومية، بما يقلل من حدة التوتر ويساعد مستقبلا على إرساء الأسس لقيام الدولة في نهاية المطاف".
ويدعي ديهل "ان جميع الأطراف تستطيع قبول هذا النهج، على الأقل من الناحية النظرية" مستشهداً باقتراح نتنياهو خلال زيارته إلى واشنطن الشهر الماضي عن استعداد إسرائيل تقديم تنازلات اقتصادية للفلسطينيين وأن كيري تماشى مع ذلك وأبدى استعداده لمواصلة هذا النهج ، ولكن نتنياهو لم يقدم شيئاً ذا قيمة في القدس، على الأقل من وجهة نظر الجانب الأميركي".
وبالتالي فلم يجد المسؤولون الأميركيون الكثير لتقديمه إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عندما ذهب كيري لزيارته في رام الله.
ويدعي ديهل أن عباس أعطى الوفد الأميركي انطباعاً بأنه تخلى تماماً عن المبادرات الدبلوماسية وأن عباس البالغ من العمر 80 عاماً والذي يهدد منذ سنوات بحل السلطة الفلسطينية وإجبار إسرائيل على إدارة الضفة الغربية بشكل مباشر، أقنع كيري في زيارته الأخيرة بأن هذا الاحتمال حقيقي".
يشار إلى أن خطاب كيري في منتدى صبان أثار حفيظة كبار المسئولين الإسرائيليين، الذين يعتقدون أن عباس ومساعديه يحرضون على أعمال العنف المستمرة.
ويرى الإسرائيليون أن كيري وأوباما يضغطان على حكومة نتنياهو لتقديم تنازلات بينما لا يطلبون الكثير من الفلسطينيين على الرغم من أن "معظم أعمال العنف قد بدأت من قبل المهاجمين الفلسطينيين" حسب قولهم.
يذكر أن كيري عبر لمجلة "نيويوركر" في عددها الأخير (ينشر يوم 21/12 الجاري) عن خشيته من انهيار السلطة الفلسطينية حيث قال: "الأمر سيجلب مزيدا من أعمال العنف والفوضى، لا سيما عندما يجد 30 ألف رجل أمن فلسطيني أنفسهم بلا عمل أو رزق يعتاشون منه" معرباً عن غضبه وإحباطه تجاه إسرائيل وقال بأنه " بكل بساطة لا يمكن لإسرائيل مواصلة البناء في الضفة الغربية (المستوطنات) وهدم منازل أناس (الفلسطينيين) ترغب في التوصل إلى تسوية سلمية معهم".
القدس