رام الله الإخباري
موقع رام لله الاخباري
لا شيء يمكن أن يعوض الشاب مصطفى سلامة من قرية عين يبرود شمال رام الله، عن تلك اللحظة الفارقة في حياته التي فقد فيها حاسة السمع بعد أن تم حقنه بـ "مصل فاسد"، ولا تحدث التعويضات التي انتظرها منذ سنوات فارقا في حياته!
كان طالب الصف السادس في مدرسة عين يبرود في حصة الفن حين وصل الى المدرسة فريق من وزارة الصحة لاجراء تطعيمات ضد مرض "ابو دغيم" عام 2005، لتكون تلك الدقائق هي الاخيرة التي يسمع فيها سلامة اخر حديث في حياته.
يقول الشاب مصطفى سلامة (21 عاما) الذي تواصلت معه "القدس" دوت كوم بالكتابة انه "حين وصل الاطباء المدرسة طلب منا معلم الفن الخروج الى ساحة المدرسة والوقوف في طابور، وحين شاهدنا الحقن ضج الطلبة جراء الخوف حيث كنا نخشى من الحقن، ولكن سرعان ما ساد الصمت ونحن ننتظر دورنا لتلقي الطعم، الا ان الصمت الذي ساد في حينها ما زال يرافقني منذ 10 سنوات نتيجة خلل تبين بالطعم" !.
وفي تفاصيل الحادثة، فقد عاد مصطفى من المدرسة وهو يعاني من ارتفاع في درجات الحرارة وشعور بالضعف العام بعد تلقيه الطعم، وبدأ يستفرغ، واعطيت له المسكنات من قبل عائلته التي اعتقدت ان ما حدث معه شيء طبيعي وان ذلك جزء من الاعراض التي ترافق أي عملية تطعيم، ولكنه افاق صبيحة اليوم التالي فاقدا القدرة على السمع حيث اعتقدت والدته حين اخبرها بانه لا يسمع انها مجرد ممازحة أو حالة عابرة قد اصابته، فتوجهت بابنها الى مستشفى رام الله، وهناك اجرى له الاطباء الفحوصات وتم تحويله بشكل عاجل الى مستشفى في القدس حيث مكث 15 يوما يتلقى العلاج، وعاد الى المنزل فاقدا السمع والنطق السليم، ليتبين لاحقا ان الطعم تسبب بشلل العصب السمعي، واحدث له خللا في الاوتار الصوتية.
وقال علاء شقيق الشاب مصطفى "بدأت معاناة مصطفى الطويلة بالبحث عن علاج في المستشفيات الفلسطينية والاسرائيلية والاردنية، لكننا اصطدمنا بانكار وزراة الصحة مسؤوليتها عما حدث، فتوجهنا الى الوزارة بطلب تحويله لاجراء عملية زراعة قوقعة الا انهم رفضوا ذلك، فقمنا اثر ذلك بتوكيل محام وبرفع شكوى ضد وزارة الصحة".
واضاف "بعد اكثر من ثماني سنوات صدر قرار المحكمة بتعويض شقيقي مبلغ 600 الف شيقل" مشيرا الى قسما من هذه التعويضات جاءت من اجل زراعة القوقعة التي تكلف 130 الف شيقل، اضافة الى تعويض الوالد مبلغ 45 الف شيقل بدل تعطله فضلا عن التعويض عن الضرر الجسدي الذي لحق بمصطفى.
واوضح ان المحكمة اصدرت قرارها بتعويض مصطفى رغم اعتراض وزارة الصحة بدعوى "عدم مسؤوليتها عن الحادثة"، ما تطلب احضار الشهود من الاطباء والتقارير الطبية حتى تم اثبات الضرر، لكن وزارة الصحة استأنفت على الحكم الذي صدر وطالب بداية بتعويض قدره 700 الف شيقل، وبعد الاستئناف خفض القاضي مبلغ التعويض الى 600 الف، حيث تم تثبيت الحكم في 8-7-2015 وما زالت "وزارتا الصحة والمالية تماطلان في صرف المبلغ حتى هذه اللحظة".
ويقول مصطفى سلامة "المبلغ الذي أقر لا يمكن ان يعوضني عن خسارتي قدرتي على السمع والقدرة على النطق" مشيرا الى ان اجراء عملية زراعة قوقعة لتحسين قدرته على السمع قد تبوء بالفشل نتيجة تاخره في اجراء هذه العملية التي تتراجع نسبة نجاحها مع تقدمه في العمر حسب الاطباء.
ويقول مدير الطب الوقائي في وزراة الصحة د. ضياء حجيجية، بأنه "غير مطلع" على القضية التي حدثت قبل قدومه الى الوزارة، وان "الطعوم تخضع للرقابة والفحوصات المستفيضة، ولا يتم استيراد الا الطعوم التي تحددها منظمة الصحة العالمية".
واشار حجيجية الى ان وزارة الصحة "تنفق ما بين 8-10 مليون دولار سنويا على الطعوم، التي ساهمت بشكل واضح وملموس في خفض عدد من الامراض المزمنة واختفاء بعض الامراض من فلسطين".
ويقول سلامة بانه لم يكن "الضحية الوحيدة نتيجة الطعم"، وان احد زملائه "اصيب ايضا بفقدان السمع النسبي وبعد العلاج بالابر الصينية عاد له سمعه"، كما و"اصيبت طالبة من بيت لحم بالشلل النصفي وان المحكمة حكمت لها بحكم (بتعويض) مشابه قبل بضعة ايام".
وما تزال الحادثة التي مضى على وقوعها 10 سنوات (17-5- 2005) تسكن ذاكرة الشاب مصطفى سلامة، ويراوده ندم على فشله في الفرار من "الحقنة" بعد ان تم اغلاق جميع ابواب المدرسة في حينها!
القدس دوت كوم