لم تعد الحرب في سوريا مجرد نزهة بالنسبة الى قيادة \"حزب الله\" وعناصرها.أكثر من خمسة الاف عنصر بين قتيل وجريح سقطوا لغاية اليوم من الحزب. عائلات يُتمت وبعضها تشرد نتيجة غياب الاب او الشقيق. والمؤسسة المعنية بعوائل \"الشهداء\" لم تعد قادرة على تسديد النفقات خصوصا وان المساعدات المالية الايرانية قد توقفت بشكل شبه كلّي حتى ان رواتب العناصر المتواجدة في سوريا لم تعد تصل بإنتظام، الامر الذي زاد من غضب هؤلاء وادى الى تمنعهم عن الالتحاق بمراكزهم. اليوم تجمع عناصر \"حزب الله\" وقادته على ان الحرب السورية هي من اكثر الحروب التي خاضوها ضراوة وأشرسها على الاطلاق لدرجة أن هؤلاء العناصر يصفونها أنها أشرس وأصعب من تلك التي خاضوها سابقا في مواجهة اسرائيل على مدى اكثر من ثلاثين عاما والحديث هنا يدور حول التكتيكات العسكرية والتحضيرات اللوجستية التي تتميز بها فصائل الجيش الحر التي أصبحت تتقن فنون كافة انواع القتال العسكري وتحديدا تنفيذ العمليات المباغتة والكمائن. يقول عدد كبير من عناصر \"حزب الله\" أن سوريا ليست \"ستالينغراد\" ولا \"فيتنام\" بل هي أقسى وأصعب. وهنا يستعيد (حسين منصور) ابن احدى القرى في جنوب لبنان شريط ذكريات أليمة حصلت معه في الغوطة الشرقية اثناء قتاله هناك والذي يرفض اليوم العودة الى ساحة المعركة بعدما شفى من اصابة كان تعرذ لها منذ اشهر قليلة في كتفه الايسر متذرعا بمرض والده الطاعن في السن. منذ فترة اسبوع تقريبا جاء عدد من عناصر \"حزب الله\" الى منزل حسين للإطمئنان على وضعه الصحي فسأله احدهم إن جرى إبلاغه بضرورة الإستعداد للمرحلة المقبلة والإلتحاق بنقطة عمله قبل نهاية الشهر لكن حسين نفى ان يكون تبلّغ بهذا الامر. وفي اليوم التالي زاره مندوب من قيادة \"حزب الله\" يطلب منه التحضّر للتوجه الى سوريا في اقرب وقت وقد وصل كلام المندوب إلى مسامع الوالدة فبادرت وعلى وجه السرعة الى القول \"لن أرسله مرّة ثانية إلى هناك وليفعلوا بنا ما يشاؤون\"، \"بيكفي دم وبيكفي قتلى وجرحى\"، وأضافت \"إسألوه عن المشاهد التي رآها في الغوطة، إسألوه عن الخيانات والسرقات التي كانت تحصل هناك من قبل العناصر العراقية وتلك التابعة لبشار الأسد، واسألوني عن النوبات العصبية التي تنتابه أثناء نومه ليلا\". ولحسين صديق يُدعى (عامر جواد) عنصر في \"حزب الله\" رفض هو الاخر العودة الى مكان خدمته في القلمون فيقول \" لن اعود الى هناك فنحن نُقتل في كل يوم واعدادنا تتضاءل واصبحنا نعاني من نقص شديد في العناصر البشرية وبدل ان نهاجم المعارضة اصبحنا نتلقى الضربات منهم واصبح عملنا يقتصر فقط على المراقبة والرصد، وقد لجات قيادتنا الى هذا الخيار بعدما تأكدت بأنه لن يكون بإستطاعتنا الانتصار نظرا للاعداد البشرية الهائلة التي يتفوّق بها المقاتلون وبعدما ارتفعت خسائرنا في الارواح الى ما يُقارب الألف وخمسائة قتيل واكثر من خمسة الاف جريح معظم اصابتهم خطرة\". ويُخبر هذا العنصر عن رصاصات غدر كانت تطلق عليهم من الخلف مصدرها عناصر شبيحة النظام، أما بالنسبة الى السرقات التي كانت تحصل على مرأى من الجميع فحدث ولا حرج، سرقات متعددة ومتنوعة كان يرتكبها عناصر النظام وشبّيحته لدرجة أنه في كثير من الأحيان، كانت تقع بينهم معارك ضارية بسبب ما يعتبرونه غنائم حرب كانت تُسفر عن قتلى وجرحى في صفوفهم. ولأجل هذا كله لن أعود الى سوريا من اجل الدفاع عن نظام يقتلنا غدرا. وأخطر ما اخبر عنه العنصر عامر جواد كان التنبه من استسلام عناصر من الجيش النظامي أنفسهم للمعارضة والاوامر جائتهم بقتل أي عنصر يشعرون بميله للإنشقاق او يحاول الفرار. ومن بين صفوف العائدين من حرب في سوريا لم تكن حالتي حسين وعامر الفريدتين من نوعهما، إذ تؤكد الأول بأن العديد من أمهات العناصر كانت طلبتن اكثر من مرّة مسؤولين في \"حزب الله\" لقاء حسن نصرالله لإبلاغه رفضهن مشاركة أبنائهن في الحرب السورية إلا أن طلباتهن لم تؤخذ على محمل الجديّة. ووسط هذه الجراح تُضاف مشكلة اخرى تتعلق برواتب العناصر وهنا يقول عامر جواد: يبخلون علينا بمرتباتنا التي انقطعت فجأة ولم تعد تصلنا. يبخلون علينا بالعتاد العسكري وبالمال مع العلم ان عناصر حماية امن نصرالله يتزوّدون بأهم انواع الاسلحة الاسرائيلية ويُصرف عليهم ميزانية تصل الى حد ملايين الدولارات شهريا من تدريب ومخصصات ومساعدات، ويُضاف اليها ملايين اخرى تُصرف على رواتب القياديين والمسؤولين من وزراء ونواب بالرغم من ان معظمهم يملكون اعمال وشركات خاصة تدر عليهم اموال طائلة\". ويعتبر ان الازمة المالية التي تضرب حزبه اليوم هي من جرّاء الهدر والسرقات في سدة موقع القيادة والتي يبدو انها ستنعكس ازمة كبيرة خلال الفترة المقبلة على مصير \"حزب الله\" الذي بات مهددا الى حد كبير\". وما يُعزز الكلام عن الازمة المالية يمر بها \"حزب الله\" تقرير امني كانت نشرته شبكة ال CNN أعده المجلس الوطني السوري منذ شهرين تقريباً اتهم فيه الحزب بالتورط في تجارة أعضاء اللاجئين السوريين بعد المشاكل المالية الكبيرة التي يعانيها بسبب تدخله الواسع عسكرياً في الحرب السورية حيث أن كلفة العمليات هناك باتت تستهلك ثلاثين وأربعين في المائة من موازنته ومن دون اغفال الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به إيران. وحده االجريح في \"حزب الله\" يُدعى \"جهاد\" والذي يرفض دعوات مسؤوليه للإلتحاق بجبهة الغوطة الشرقية استطاع ان يختزل الحرب التي يخوضها حزبه في سوريا ضد الشعب السوري عندما قال \"المعركة ليست لنا ونحن نقاتل من اجل النظام السوري وايران وليس من اجل معتقداتنا كما أقنعونا. لقد زرت مقام \"السيدة زينب\" عدة مرّأت لكني لم الاحظ طلقة واحدة أصابته، مع العلم انه بإمكان المعارضة تدميره بالكامل فيما لو أرادت ذلك\".