تحركات إسرائيلية لافتة داخل مخيم نور شمس وسط مخاوف من محاولات لطمس آثار الهدم
تشهد منطقة مخيم نور شمس شرق طولكرم تحركات إسرائيلية متسارعة، بعد أن استقدم جيش الاحتلال صباح اليوم عددًا كبيرًا من الشاحنات، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على إدخال معدات ثقيلة إلى داخل المخيم.
وتأتي هذه التحركات في وقت نفّذ فيه الاحتلال عمليات هدم واسعة داخل المخيم طيلة تسعة أشهر متتالية.
وقال مواطنون من داخل المخيم إنهم تساءلوا عن سبب إدخال هذه الآليات والشاحنات، وإن كان الهدف هو تأهيل الشوارع التي شقّتها الجرافات خلال الاقتحامات السابقة أو إزالة الركام من محيط المنازل المهدّمة.
ويثير دخول آليات تعبيد ثقيلة في هذا التوقيت مخاوف حقوقية وقانونية بشأن الهدف الحقيقي من هذا النشاط الهندسي، خصوصًا في ظل استمرار عمليات الهدم حتى الأسابيع الأخيرة.
يرى مختصون في التوثيق الميداني أن هذا السيناريو وارد الحدوث، مشيرين إلى أن إعادة تأهيل الطرق بعد الهدم قد تساهم في طمس آثار التفجير والجرافات، مثل: علامات العجلات الثقيلة، الحفر الناتجة عن التفجير، بقايا الركام في محيط المنازل المهدّمة.
ويؤكد خبراء قانونيون أن إعادة تشكيل المكان ميدانيًا قد يُضعف لاحقًا من قيمة الصور والأدلة التي تعتمد عليها الجهات الحقوقية عند توثيق الانتهاكات أو تقديم الملفات للهيئات الدولية.
كما قد تُستخدم هذه التحركات في تعزيز رواية إسرائيلية مضادة، تزعم أن ما جرى لم يكن “عقابًا جماعيًا”، بل جزء من “مشروع بنية تحتية” أو “تنظيم عمراني”، وهي رواية سبق استخدامها في مناطق متعددة، خصوصًا في القدس.
وفق متابعات لمراكز حقوقية، يعتمد الاحتلال على خطاب متكرر لتبرير عمليات الهدم، ثم تمرير أعمال التعبيد كجزء من المشروع ذاته، ومن أبرز هذه الأساليب:
1. اعتباره إجراءً أمنياً وقائياً
بتصوير المنازل أو المنطقة على أنها “تشكل خطرًا أمنيًا” أو “تستخدم لعمليات مسلحة”، فيما يُقدَّم التعبيد كخطوة “لتسهيل حركة القوات ومنع الكمائن”.
2. الادعاء باستهداف بنية تحتية مسلحة
حتى إذا كانت المباني سكنية بالكامل، تُستخدم مصطلحات مثل غرفة عمليات، مخزن أسلحة،بنية إرهابية، لتبرير الهدم وإعادة تأهيل المكان.
3. تغليف العملية بخطاب التنظيم والبناء
من خلال الادعاء بأن المنازل “غير مرخصة” أو “مقامة على أراضٍ عامة”، وتقديم التعبيد باعتباره “خدمة للسكان”، رغم أن القانون الدولي الإنساني يسمو على أي تشريعات محلية يفرضها الاحتلال.
4. استخدام لغة تقنية مبهمة استبدال كلمة هدم بمفردات مثل إزالة، تفكيك، اعادة تأهيل، وإظهار التعبيد كجزء من مشروع هندسي.
5. الادعاء بأن التعبيد لحماية السكان بالقول إن الطرق كانت “غير صالحة” أو “تشكّل خطرًا على السلامة”، في محاولة لإضفاء طابع خدمي على تحركات عسكرية.
وبينما تُستخدم هذه التبريرات في الإعلام والمحافل الدولية، يكون الاحتلال قد أعاد تشكيل المشهد الميداني بالكامل، بطريقة تُعقّد أي محاولة لاحقة لإثبات الانتهاكات أو الطعن القانوني.
وفقًا للقانون الدولي الإنساني: الهدم الجماعي داخل مخيمات اللاجئين بدون ضرورة عسكرية حقيقية يُعد عقابًا جماعيًا محظورًا بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.
تدمير الممتلكات المدنية دون مبرر يُعد انتهاكًا واضحًا للمادة 53 من الاتفاقية ذاتها.
وقد يرقى هذا الفعل إلى جريمة حرب وفق المادة 8 من نظام روما الأساسي.
أما أعمال التعبيد اللاحقة فقد تُستخدم، وفق خبراء التوثيق، في: إخفاء الأدلة الميدانية، تغيير مسرح الحدث، إعاقة أي تحقيق دولي أو حقوقي لاحق.

