لم يكن اعتراف المحلل السياسي المقرب من حركة حماس سعيد زياد في تصريحاته على قناة الجزيرة بسرقة حماس للمساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة، مفاجئا لجميع سكان القطاع، فهم يرونه ويشاهدونه على أرض الواقع يوميا، عندما يقوم عدد من عناصر "وحدة سهم" التابعة للحركة بسرقة المساعدات وهم يختبئون وراء اللثام.
وبينما تنفي حماس سرقة شاحنات المساعدات، يقول سعيد زياد: "كيف بأسير تحت الأرض سيصله الاكل بينما قررت إسرائيل منع حماس من سرقة المساعدات وبالتالي لن يصل الطعام لحماس وبالتالي لن يصل الى قوات التأمين تحت الأرض وبالتالي لن يصل إلى الاسرى الإسرائيليين تحت الأرض"، في اعتراف واضح أن الحركة وعناصرها يسرقون المساعدات وإن لم تكن كلها فجزء كبير منها.
ويذكر مسؤولون أمريكيون وعاملون بمنظمات إغاثية أن عمليات سرقة المساعدات "أكبر عقبة" أمام توصيل الغذاء إلى قطاع غزة الذي يعاني كل سكانه تقريبا من الجوع.
وفي تقرير لها، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مصادر مختلفة معلومات تؤكد أن عصابات منظمة تسرق المساعدات بغزة وتعمل بحرية، في إشارة الى عناصر حماس ووحدة سهم التابعة لها.
وبحسب تقرير للصحيفة، فإن منظمات إغاثة وشركات نقل أكدت أن العصابات المنظمة قتلت واختطفت سائقي شاحنات مساعدات بمحيط معبر زكيم ونيتساريم وكرم أبو سالم.
" طفح الكيل" حماس تنهب وتتاجر بالمساعدات الإنسانية ونحن نموت جوعا، عبارة قالها شاب نازح من شمال غزة إلى محافظة الوسطى، متهما الحركة وإسرائيل بأنهم السبب في خلق تلك الازمة المتعلقة بسرقة المساعدات.
ويضيف بأن أفرادا من حماس يشاركون يوميا في سرقة المساعدات، بدلا من حمايتها وايصالها إلى مستحقيها ممن يموتون جوعا يوميا ولا يجدون رغيف الخبز، مطالبا إسرائيل بحمياة المساعدات عن طريق تسيير طائرات استطلاع لمرافقة القوافل وحمايتها.
ويقول بعض المطلعين على عملية نقل المساعدات إن "المسلحين يوقفون الشاحنات باستخدام حواجز مؤقتة، أو عبر إطلاق النار على إطارات الشاحنة، ثم يطالبون السائقين بتغيير مسارهم، الى "بركسات" كبيرة تابعة لحماس التي تقوم بعدها بتوزيعها الى "عظام الرقبة" بشكل فوري.
وفي الوقت الذي بدأت فيه قوة "سهم" مؤخرا، حملة أمنية بهدف مطاردة اللصوص ومن تصفهم الحركة بالمتعاونين مع إسرائيل، وتقوم بتصفية وإعدام من ترصده منهم، بدأت هي فعليا القيام بما كان اللصوص وقطاع الطرق من سرقة المساعدات ونقلها الى أماكن خاصة بها.
وأدى شح المساعدات الواردة للقطاع ونهب معظمها من اللصوص وأفراد حماس ووقف منح أذون الاستيراد للتجار إلى أزمة متفاقمة وارتفاع ضخم في أسعار السلع واختفاء بعضها.
يقول الشاب خليل وهو أحد الشبان الذين يذهبون الى "زيكيم" للحصول على أي شيء يسكت فيه جوع أطفاله، إن أفراد وحدة سهم يقفون في المفترقات الرئيسية بانتظار عودتنا بكيس الطحين أو المعلبات ويأخذونها منا عنوة ويرفعون السلاح في وجوهنا، الأمر الذي زاد من استغرابنا، فالمفترض أن يكونوا حماة لنا وليس لصوص، وإلا فليفروا لنا الطعام في الأسواق بأسعار مناسية.
يقول أحمد أبو قمر، وهو محلل اقتصادي وخبير مالي وهو أيضا نازح من شمال غزة إلى حي النصر غرب مدينة غزة، إن خلق حالة الفوضى تزامنت مع تقليل عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة لقرابة 10% عما كانت عليه قبل الحرب، وهذا ما يدفع المواطن جراء الحاجة الماسة إلى الهجوم على الشاحنات وسرقتها.
ويضيف أبو قمر في مقال له عبر صفحته على "الفيسبوك": أن ذلك "خطط مدروسة من الجانب الإسرائيلي كما هي الحرب بالضبط".
وكانت تدخل إلى قطاع غزة قبل الحرب قرابة 350 إلى 400 شاحنة يوميا، وحاليا يعتقد أن متوسط الشاحنات التي تدخل يوميا لا تزيد على 70 شاحنة، معظمها تتم سرقته.
وبحسب أبو قمر، تتحكم السوق السوداء الآن بمجمل شرايين اقتصاد غزة فلا يوجد اقتصاد منظم ولا يوجد جهات حكومية تستطيع السيطرة على الأسواق وسط وجود أيادي خفية بسبب الحرب.
ويطالب أهالي غزة ومنظمات إغاثية دولية ومراقبون إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من شاحنات البضائع والمساعدات يوميا، وبالعمل على تأمينها من إسرائيل أو مجموعات تأمين موثوقة، وتطبيق القانون على السارقين، حتى تتوفر السلع بأسعارها وتقدم المساعدات للمحتاجين.