الهند وباكستان على عتبة الحرب

poster.jpg

منذ استقلال شبه الجزيرة الهندية عام 1947، وخوض الهند وباكستان ثلاث حروب، كان إقليم كشمير المتنازع عليه، وذو الأغلبية المسلمة، محط صراع بين المستعمرتين البريطانيتين السابقتين، لينذر أي حادث أو توتر فيه بتصعيد، على غرار ما جرى عقب هجوم جامو وكشمير في الشطر الهندي من الإقليم المضطرب الواقع بين جبال الهمالايا، الثلاثاء الماضي، والذي أودى بحياة 26 شخصاً في منطقة سياحية، إذ تبادلت الهند وباكستان سريعاً الاتهامات والتهديدات بعمل عسكري.

وتدحرج التصعيد بين الهند وباكستان خلال 24 ساعة، ليشمل إجراءات اقتصادية ودبلوماسية ويهدد معاهدات استراتيجية، قبل أن يحضر التلويح بعمل عسكري بين الجارتين اللتين خاضتا ثلاث حروب كانت تنتهي بمزيد من تقسيم المنطقة. مع العلم أن جماعة تُدعى "مقاومة كشمير" أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في رسالة على مواقع التواصل الاجتماعي. وعبّرت الجماعة في رسالتها، عقب الهجوم، عن استيائها من توطين أكثر من 85 ألف "أجنبي" في المنطقة، ما يحدث "تغييراً في التركيبة السكانية".

وفي بيان لاحق، أمس الأربعاء، قالت الجماعة إن "الأفراد المستهدفين لم يكونوا سائحين عاديين، وإنما لهم صلات بأجهزة أمن هندية وهم تابعون لها". وأضاف البيان: "لم تكن مجموعة سياحية عادية، بل كانت جهازاً سرياً مكلفاً بالبحث"، مشيراً إلى أن الهجوم "ينبغي أن يكون جرس إنذار ليس فقط لدلهي بل أيضاً لأولئك الذين يدعمون استراتيجيات دلهي المشكوك فيها".

وكان مصدران أمنيان في الهند قالا، أمس، لوكالة رويترز، إن قوات الأمن بالمئات هرعت إلى منطقة باهالجام بعد الهجوم بفترة وجيزة، وبدأت عملية تمشيط واسعة النطاق في الغابات هناك. وأضافا أنه تم استدعاء حوالي 100 شخص يشتبه في أنهم كانوا متعاطفين مع المتشددين في الماضي إلى مراكز الشرطة واستجوابهم. وتقول الأجهزة الأمنية الهندية إن جماعة "مقاومة كشمير" واجهة لمنظمات متشددة تتخذ من باكستان مقراً لها مثل "عسكر طيبة" و"حزب المجاهدين".

رهان استبعاد الحرب

وعلى الرغم من التصعيد بين الهند وباكستان إلى جانب تبادل الاتهامات، اليوم الخميس، يبقى الرهان على استبعاد الحرب الشاملة بين البلدين في ظل الردع النووي القائم بينهما، إذ بينما كانت الهند تملك حتى عام 2024 حوالي 172 رأساً نووياً فإن باكستان لديها 170 رأساً.

كما أن حرباً شاملة بين البلدين ليست لمصلحة أي طرف في ظل أوضاع متوترة عالمياً وإقليمياً، سواء في الشرق الأوسط أو المحيطين الهندي والهادئ، حيث تتصارع أقوى قوتين اقتصاديتين، الصين والولايات المتحدة، وحلفاؤهما. لكن تلويح البلدين بالمواجهة العسكرية اليوم واحتمال اندلاع حرب رابعة، أعاد الحديث عن قوة البلدين العسكرية.

وتظهر مقارنة سريعة بين جيشي الهند وباكستان وأسلحتهما، بحسب موقع "غلوبال فاير باور" المتخصص في الشؤون العسكرية، أن باكستان، وعدد سكانها نحو 252 مليوناً، تتفوق على جارتها المقدر عدد سكانها بـ1,4 مليار نسمة، لجهة القوة البرية المتاحة، إذ ما أخذ بعين الاعتبار عدد المدافع ذاتية الحركة ومدافع الميدان وراجمات الصواريخ. في المقابل، تتفوق الهند بالقوة الجوية بامتلاكها أكثر من 2200 طائرة حربية، بينها 500 طائرة مقاتلة فإن عدد طائرات باكستان المقاتلة لا يتخطى 330. كما تتفوق الهند على باكستان لجهة القوات البحرية فضلاً عن الميزانية العسكرية، إذ تبلغ نحو 75 مليار دولار بالنسبة للهند فيما تقتصر على نحو 7.7 مليارات دولار في باكستان.  وسبق أن خاضت الهند وباكستان حربهما الأولى التي انتهت عام 1949 بتقسيم كشمير، فيما لم تغير الحرب الثانية عام 1965 من هذا الوضع. أما حرب عام 1971 فانتهت بانفصال باكستان الشرقية وتأسيس جمهورية بنغلادش.