تباينت آراء السياسيين والخبراء في الولايات المتحدة بشأن مدى تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قرارات الإقالة التي طالت مؤخرًا عددًا من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، وسط الحديث عن حملة تطهير يديرها الرئيس في الخفاء.
جاء ذلك على خلفية تحقيق داخلي يتعلق بتسريبات، أبرزها ما عُرف بـ"فضيحة سيغنال"، والتي تضمنت معلومات حول ضربات عسكرية استهدفت الحوثيين، وتسريبات أخرى تتعلق بالصين، دار حولها شبهات تورط فيها الملياردير الأمريكي المقرب من ترامب، إيلون ماسك.
ويرى خبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذه الإقالات تعكس نمطًا متبعًا في عدد من المؤسسات الأمريكية، يهدف إلى إقصاء كل من يعارض سياسة ترامب أو لا يُظهر ولاءً مطلقًا له، في إطار ما يمكن وصفه بتطبيق غير معلن لنظرية "إن لم تكن معي فأنت عدوي وغير مرغوب فيك".
في المقابل، اعتبر آخرون أن ترامب لم يتدخل في قرار الإقالة، وأن ما جرى يُعد إجراءً إداريًّا طبيعيًّا يأتي ضمن صلاحيات وزير الدفاع، بعد تحقيق داخلي أفضى إلى هذه النتيجة في أعقاب تسريب المعلومات.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت أن 3 من كبار مسؤولي البنتاغون أُقيلوا مؤخرًا على خلفية اتهامات بتسريب معلومات سرية، وهي اتهامات وصفها المسؤولون بأنها "لا أساس لها من الصحة". وأكدوا، وهم من الذين خدموا في إدارة ترامب، أنهم لا يعلمون السبب الحقيقي وراء فتح تحقيق ضدهم، معبرين عن خيبة أملهم من الطريقة التي أُنهِيَت بها خدمتهم.
من جانبه، يرى الدكتور ماهر عبد القادر، عضو الحزب الديمقراطي، أن إدارة ترامب تسعى إلى إقحام البنتاغون في اللعبة السياسية، وتعمل على تصنيفه من المعارضين لتوجهاتها، وهو ما ظهر في بضع مواجهات يقودها ترامب داخليًّا.
وبيّن عبد القادر في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، أن وزارة الدفاع الأمريكية أقالت 3 مسؤولين كبار، هم: دان كالدويل، كبير مستشاري وزير الدفاع، ونائب رئيس كبير الموظفين دارين سيلنيك، وكبير موظفي نائب وزير الدفاع كولين كارول، وقد أشار هؤلاء المسؤولون إلى أنهم لم يُبلغوا بأسباب الإقالة بشكل واضح، رغم التحقيقات التي سبقتها.
ويؤكد عبد القادر أن هذه الإقالات تندرج في إطار نهج تتبعه مؤسسات عدة في ظل رغبة ترامب بإبعاد كل من يعارضه أو من عُينوا خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، أو من يُعتقد أنهم مقربون من الحزب الديمقراطي.
وأضاف أن ترامب معروف بانفراده في اتخاذ القرار، سواء في الشؤون الداخلية أو الخارجية، ويشترط الولاء التام من المسؤولين المعينين، حتى وإن خالف ذلك المنطق أو أسس العمل المؤسسي.
ووصف عبد القادر ترامب بأنه "متقلب المزاج"، ويتصرف بطريقة خارجة عن المألوف في إدارة شؤون الحكم، حيث يعتمد على مبدأ "إن لم تكن معي فأنت عدوي".
على الجانب الآخر، قدّم المحلل السياسي أحمد محارم وجهة نظر مغايرة، مؤكدًا أن ترامب لم يتدخل في قرارات الإقالة الأخيرة داخل وزارة الدفاع، لافتًا إلى أن القضية تتعلق بثلاثة موظفين متهمين بتسريب معلومات لوسائل إعلام، وهو ما تطلب فتح تحقيق داخلي من قبل وزارة الدفاع، انتهى إلى إقالتهم.
ويُشير محارم في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن القرار كان إداريًّا ومهنيًّا، حتى وإن لم يكن لتلك التسريبات تأثير مباشر على ملفات سياسية أو اقتصادية، مثل الأزمة الأوكرانية، أو الحرب في غزة، أو العلاقات التجارية مع الصين.
ويُقيّم محارم الجدل المثار حول هذه الإقالات على أنه "شو إعلامي"، معتبرًا أن تعامل وزارة الدفاع كان مهنيًّا، وأن الإجراء اتخذ في سياقه الإداري الطبيعي، بعيدًا عن الحسابات السياسية.