رام الله الإخباري
أكد خبراء ومختصون في العلاقات الدولية، أن أسهم الوصول الى اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة مع نجاح مرحلتين من المحادثات في مسقط وروما ترتفع، في ظل تحكم "رجال الصفقات" بالجانبين في المباحثات، سواء أكان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو الإصلاحيين في حكومة الرئيس مسعود بزكشيان.
وتناول الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أهمية الأدوات الدبلوماسية، كونها فاصلة في المرحلة المقبلة ويجب أن تكون حاضرة من جانب المفاوضين الأمريكيين والإيرانيين، ابتداءً من الجولة الثالثة التي ستجمع الخبراء الفنيين من طهران وواشنطن لتحديد مستقبل النووي الإيراني والوقوف على المواقع النووية السرية والعلنية والبرنامج البديل وملفات المدى الصاروخي والطائرات المسيرة، وهي تفاصيل فنية بحتة تحتاج توافقًا تقنيًّا وفرقًا دبلوماسية تعمل على التقارب.
وكان أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، يوم الأربعاء المقبل، في سلطنة عُمان، على مستوى الفرق الفنية، بعد جولتين في أسبوع واحد، الأولى في مسقط والثانية في روما، وخرج عنها مؤشرات من التفاؤل حول الوصول إلى مفاوضات تأتي باتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بين واشنطن وطهران.
ويؤكد الخبير في العلاقات الدولية أحمد الياسري، أن طبول الحرب حتى الآن قائمة من أجل الوصول إلى الاتفاق، فدون الضغط على طهران بالترسانة العسكرية التي اتجهت نحوها، ما كانت حضرت في المحادثات القائمة، مشيرًا إلى أن الإيرانيين جلسوا 9 مرات في مفاوضات مباشرة بجنيف في عهد الرئيس السابق جو بايدن ولم يتوصلوا إلى اتفاق، ولديهم استراتيجية النفَس الطويل في التفاوض وهي التي لا يؤمن بها ترامب ولا تخدمه.
وبين الياسري في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ترامب يريد تحقيق اتفاق استراتيجي خاطف يستطيع أن يصرفه في الداخل الأمريكي بعد أن عزل الأوروبيين والروس والصينيين وسط انزعاجهم جميعًا، لأن الأهم من الاتفاق مع إيران، ما يتعلق بالمكاسب الاقتصادية التي ستحصل عليها الأطراف المشاركة.
وأوضح الياسري أن الظروف الاستراتيجية للاتفاق موضوعية، وأن ما يخص الحرب غير موضوعي بالوقت الحالي في ظل الذهاب إلى المحادثات، خصوصًا مع انكفاء طهران على ذاتها بالتزامن مع خريف النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط مع سقوط أذرعها.
ويرى الياسري أن وجود ترامب والإصلاحيين بقيادة مسعود بزكشيان في السلطة بإيران يرجح بقوة الوصول إلى اتفاق نووي، موضحًا أن الرئيس الجمهوري هو رجل الصفقات السريعة والإصلاحيين قادة الصفقات ويجيدونها بتفوق ونجاح، لكنهم يريدون ضمان حماية مقدراتهم النووية وفك الحصار الاقتصادي.
وتابع "الوضعية الحالية تؤكد أن حظوظ الحرب الحاضرة أقل موضوعية بكثير من الحاجة إلى الاتفاق، ولكن الأمر يعتمد على المفاوض الفني بعد أن نجحت المحادثات السياسية حتى هذه اللحظة في جلستين مع عدم حدوث صدام".
واستدرك قائلًا "لكن شفرة الوصول إلى اتفاق ستكون مرهونة بالجلسات الفنية بين الجانبين؛ لأن النقاش التقني سيعتمد على فتح ملفات تخص مستقبل المواقع النووية السرية والعلنية وكيفية إدارتها والبرنامج البديل والمدى الصاروخي الإيراني وبرنامج تطوير الطائرات المسيرة وهي تفاصيل فنية بحتة، لذلك فإن التوافق التقني هو ما سيحسم المفاوضات سواء أكان بالذهاب إلى اتفاق أم لا".
وأردف الياسري قائلًا إن "الحوار الإيراني الأمريكي يحمل ثنائية، إما التفكيك وإما التدمير، حيث يسير مثل القطار على قضيبين، الأول يخص الاتفاق والتموضع في منطقة اللاحرب، والثاني المواجهة بالضربات العسكرية الخاطفة باستهداف البنى التحتية للمواقع النووية والقدرات العسكرية الإيرانية" .
ويعتقد الخبير الاستراتيجي راغب رمالي، أن انتهاء جولتين في أيام معدودة والذهاب إلى أخرى ثالثة، بمثابة تحول كبير في الملف النووي الإيراني وهو ما توضحه نبرة التفاؤل بين الجانبين، وهو ما يعكس أن الكلمة تميل إلى الدبلوماسية مع تراجع مؤشرات الحل العسكري.
وأضاف رمالي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن "مسار الدبلوماسية يجب أن يكون حاضرًا في الجولات القادمة لأنها الفاصلة وهي التي سيتحدد على إثرها الوصول إلى اتفاق نووي تاريخي من عدمه في ظل مرحلة سيكون الملعب فيها للخبراء التقنيين، وسط ملفات مفخخة لا ينزع فتيلها سوى الدبلوماسية من الجانبين".
ويقول إن التعامل مع هذه المرحلة مرهون بمدى قبول إيران بأن يكون برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط وأن يتم التعامل بضوابط وبشفافية كاملة، ولا سيما ما يخص نسب التخصيب ومواقعها وأجهزة الطرد المركزي، انتقالًا إلى مرحلة فنية عسكرية بعد ذلك تخص الصواريخ التي تحمل رؤوسًا نووية ومداها والإمكانيات القادرة على حملها، وهي نقاط كفيلة بإضاعة كل ما جرى من تقدم في المباحثات في حال عدم توفر فرق دبلوماسية تعمل على التقارب.
وأشار رمالي إلى أن ما يهم المفاوض الإيراني بشكل كبير هو الحصول على ضمانات بإتمام كافة نقاط الاتفاق وألا يحدث مجددًا ما قام به ترامب في الاتفاق النووي السابق الذي لم يكن بعيدًا عن ما يتم العمل عليه حاليًّا من بنود ونقاط، للتوصل إلى اتفاق جديد.
ارم نيوز