هذه نصيحتي لحماس!

أعلم أن هذا النص وإن ليس فيه جديد كثير، لأن لساني "حِفي" من كثر الكلام منذ اليوم الأول لحرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، سيعتبر من جنس خالف تُعرف أو من جنس تثبيط العزائم وفق الرؤية السياسية لأنصار حركة حماس، لكني لست ممن يهتم كثيرا بأحكام غيري علي، وأعلم أن كل فكر حر في أي قضية سيكون وفقا لإرادة الأمم ورجاحة حكمتها، فما بالنا بدماء غزة المسفوكة ليل نهار؟

بصراحة أشك كثيرا في الفهم الاستراتيجي عند حركة حماس، من أكبر قادتها حتى أصغر عناصرها، وحتى اللواء الدويري، وغيره من محللي البول لدى قناة الجزيرة ولعل ابرزهم زياد سعيد، وهو بالمناسبة خريج تحاليل طبية من جامعة الازهر بغزة، والذين باتوا يعتبرون مثيروا الكذب والتأويلات شبه الرسمية للأحداث الحربية الجارية في غزة، فهم يكتفون بالوقائع الجارية ولا يرون بالمآلات المتجاوزة للحاضر دون المستقبل القريب وخاصة البعيد.

وهذا هو مأخذي على حماس، وسأقدم لهم بعض النصائح وأبدي رأيي بالتذكير بشروط الحذر الواجب في كل حرب، لأن المعطيات الكثيرة التي أراها غائبة في تفكير الحركة، قد تصبح علة لفقدان كل ما تحقق إلى حد الآن لأن شروط المطاولة ليست متوفرة بحيث تكون المعركة وكأنها فاصلة.

إن الحماسة لا تناسب قادة حركة يتغنون بأنهم قادة المقاومة الفلسطينية في مثل هذه الحالة والإيمان والشجاعة والصبر مهما بالغنا في دورها لا تكفي لربح الحروب الطويلة بين جماعة معها العالم كله وقلة كل من يحيط بها يعاديها.

لذلك، فإن هناك خيارات يجب أن نبدأ ببحثها بجدية لإنقاذ ما تبقى من قطاع غزة المدمر، أولها دعوة علنية شعبية بدعم من حماس ذاتها موجهة إلى الرئيس المصري وجمهورية مصر العربية للتدخل العاجل في قطاع غزة، وحماية أهله من الإبادة المتواصلة.

ما الذي يمنع حماس وجميع الفصائل الفلسطينية من الموافقة بشكل رسمي، على دخول قوة عربية بقيادة مصر وقطر إلى القطاع المحاصر، للحفاظ على أرواح البشر ووقف مشروع التهجير القسري الذي يُخطط له.

لماذا لا تسلّم حركة حماس إدارة قطاع غزة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، دون أي شروط أو تعقيدات مثل لجنة الإسناد أو غيرها من المقترحات والتعقديات، فمن يُسلّم لا يملي الشروط!

وهنا أنصح حماس أيضا، بتسليم ملف الرهائن الإسرائيليين إلى طرف ثالث مع وضع شروط واضحة للإفراج عنهم، صحيح أنه سيكون خيار غير مسبوق تاريخيًا، لكنه سيؤكد أن حماس لم تقم بالاحتجاز لغرض الخطف بحد ذاته، بل كجزء من الصراع.

والنصيحة الأخيرة، على حماس أن تعترف رسميا بأننا شعب يتعرض للإبادة الجماعية، وأن كل التوصيفات الإعلامية التي تصور القطاع كقوة نووية أو عسكرية هي محض افتراءات، وأن الحديث الذي كثر مؤخرا عن "تسليم السلاح" ليس إلا ذريعة لتبرير المزيد من الظلم.. كفانا مكابرة وعنادًا! من يقرأ تسليم السلاح يعتقد بوجود قوة كيماوية نووية وطائرات نفاثة مركبة!

ينبغي على حماس أن تنزع أداة الدم التي يستخدمها نتنياهو من يده بأي وسيلة ممكنة، فلقد طفح الكيل من العناد والعبث وتكرار التجارب الفاشلة، فلتتوقف هذه الحرب العبثية بأي طريقة كانت حتى لو من "خارج الصندوق".. أوقفوا الحرب