القطاع الصحي بغزة..الوجه الأكثر وحشية لإسرائيل!!

Setting-sun-behind-rain-cloud.gallery

لطالما حاولت وصف الوضع المتردي في قطاع غزة بعد أكثر من عام ونصف من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة، لكني لم أجد مصطلحا يصف الحالة سوى أن غزة تعيش أسوأ مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية، وهو وصف ليس مبالغ فيه، بل هو وصف للوضع الموجود في القطاع الذي كان محاصرا لسنوات وزاد من معاناة أهله حربا شعواء ومستمرة من التدمير المنهجي والحصار الخانق، الأمر الذي يتطلب تدخلا دوليا فوريا وقويا.

لقد وصلت الأزمة الإنسانية في غزة إلى أبعاد كارثية، حيث أدت الحرب الإسرائيلية المستمرة والتدمير المنهجي للبنية التحتية على يد القوات الإسرائيلية إلى تفاقم الوضع المتردي بالفعل، وقد أثر هذا الدمار بشكل خاص على القطاع الصحي المتهالك أساسا، مما ترك السكان، وخاصة الأطفال، في حاجة ماسة إلى المساعدة، حتى بات القطاع يعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة.

وهذا الأمر غريب جدا وغير منطقي بصراحة، ونحن في القرن الواحد والعشرين، أن نشهد بقعة جغرافية حربا طويلة يتم استهداف النظام الطبي فيها حتى بات قريبا من الانهيار الكامل في ظل استمرار الحصار، ومنع إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية، وتصاعد العمليات العسكرية من قبل قوات الاحتلال، حتى عجزت المؤسسات الصحية عن تقديم الخدمات الأساسية للمرضى والجرحى، وسط ظروف قاسية وغير إنسانية.

منذ أشهر، لم تدخل إلى قطاع غزة أي شحنات طبية كافية لسد الحاجة المتزايدة في المستشفيات والمراكز الصحية، والغريب أن القطاع يعاني من نقص حاد في الأدوية الأساسية، مثل أدوية التخدير، والمضادات الحيوية، وأدوية الأمراض المزمنة كالقلب والسكري والسرطان، إضافة إلى غياب مستلزمات العمليات الجراحية والعناية المركزة.

وما يثبت كلامي، هو تقرير صادر عن وزارة الصحة في غزة، ومؤسسات دولية عديدة، بأن أكثر من 60% من الأدوية الأساسية غير متوفرة، في وقت تتزايد فيه أعداد الجرحى والمرضى نتيجة العدوان المستمر، ما يضع الكوادر الطبية أمام تحديات شبه مستحيلة.

كما أن الاعتداءات المتكررة على القطاع أدت إلى إصابة آلاف المدنيين، بينهم نساء وأطفال، ما فاقم الضغط على مستشفيات لا تملك الإمكانيات الكافية للتعامل مع هذا الحجم الهائل من الإصابات، حتى أن كثير من هذه المستشفيات تعمل حاليًا بقدرات تشغيلية منخفضة، وتعاني من انقطاع الكهرباء ونقص الوقود، مما يعطل أجهزة الإنعاش، الحضّانات، وغرف العمليات.

لقد وصل الحال ببعض المستشفيات بأنها باتت عاجزة حتى عن تقديم الإسعافات الأولية، وتم تحويل الممرات والمداخل إلى أماكن لعلاج المصابين، في ظل شح الأسرة والأدوات الطبية.

إن استمرار جيش الاحتلال في استهداف البنية التحتية الصحية، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية، يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، الذي ينص على ضرورة حماية المنشآت الطبية والكوادر الصحية، وضمان وصول الإمدادات الطبية للمدنيين في مناطق النزاع.

ورغم دعوات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مرارًا وتكرارا إلى ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال الإمدادات الطبية، إلا أن الاستجابة على الأرض ما زالت محدودة، والكارثة تتفاقم يومًا بعد يوم.

في ظل هذا الوضع المأساوي، بات من الضروري تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل للضغط من أجل وقف العدوان، ورفع الحصار عن القطاع، وتسهيل إدخال المساعدات الطبية. كما يجب توفير الدعم للمؤسسات الطبية في غزة، سواء ماديًا أو عبر إرسال فرق طبية متخصصة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح.

إن بقاء الوضع على ما هو عليه ينذر بانهيار تام للنظام الصحي، ويترك الملايين من سكان القطاع تحت رحمة الموت البطيء، في ظل غياب العدالة الإنسانية، فإن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية للرعاية الصحية، إلى جانب النقص الحاد في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، خلقت حاجة ملحة للتدخل الدولي، وبالتالي يجب على المجتمع الدولي أن يتصرف بشكل حاسم لتوفير الدعم والمساعدة اللازمين للتخفيف من معاناة سكان غزة، والعمل من أجل التوصل إلى إيقاف إسرائيل عن محاولاتها إبادة شعب بأكمله.