"الاعتقال الوقائي".. قفص ذهبي يحبس الحرية!!

يأتي يوم الأسير الفلسطيني الموافق السابع عشر من نيسان/ أبريل الجاري، وسط استمرار وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، والذين وصل عددهم الى نحو 15 ألف أسير فلسطيني بعد الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، حيث بقيت معاناة الأسرى وعائلاتهم حاضرة بقوة في الواجهة الفلسطينية، لا سيما في المناسبات الوطنية التي تُذكرنا بثمن الكرامة والحرية.

والحقيقة أنه في الأشهر الأخيرة، ازدادت وطأة الألم والمعاناة، خاصة على عائلات الأسرى الذين يعيشون القلق والخوف المستمرين، ومن بين أشكال الاعتقال التي يعاني منها الفلسطينيون، يبرز "الاعتقال الوقائي" الذي تمارسه أجهزة الأمن الفلسطينية، وهو شكل من أشكال التوقيف الذي لا يستند دائمًا إلى لوائح اتهام واضحة، ولا يؤدي بالضرورة إلى محاكمة. في حديث مع عدد من الأشخاص الذين خضعوا لهذا النوع من الاعتقال، وصفوا التجربة بأنها "قفص ذهبي" عبارة تختزل التناقض العاطفي والمعنوي الذي يعيشه المعتقل.

فمن جهة، لا يشعر المعتقل بالقيود الصارمة التي تفرضها السجون الإسرائيلية، ولا يخضع لذات ظروف التحقيق القاسية، إلا أن الحرية تظل بعيدة المنال. المعتقل لا يعرف إلى متى سيبقى محتجزًا، ولا ما إذا كان سيفرج عنه قريبًا أم أن المدة ستمتد إلى أجل غير مسمى.

وفي كثير من الأحيان، حتى بعد انتهاء فترة الاعتقال الوقائي، يبقى المعتقل في دائرة التهديد، فاحتمالية إعادة اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي تظل قائمة، بل ومخيفة.

هذا الواقع المزدوج يخلق نوعًا من القلق الدائم، لا فقط للمعتقل، بل لعائلته أيضًا، التي تعيش بين رجاء الإفراج وخوف العودة إلى الاعتقال. إن غياب الشفافية في أسباب الاعتقال، وعدم وضوح الإجراءات القانونية، يجعل من هذا الشكل من التوقيف حالة نفسية مؤلمة أكثر من كونها مجرد إجراء أمني.

يوم الأسير ليس فقط مناسبة لإحياء قضية الأسرى في سجون الاحتلال، بل هو أيضًا لحظة للتفكير في كل أنواع القيد التي تحد من كرامة الإنسان وحريته، أيًا كان شكلها أو مصدرها. فالحرية لا تُقاس فقط بجدران الزنزانة، بل بإمكانية الإنسان أن يعيش دون تهديد أو خوف، وأن يثق بأن حريته مصانة بالقانون والعدالة.

إن من حق الإنسان في كل مكان، وفي أي زمان، وأيا كانت جنسيته وجنسه، ومذهبه وعرقه، ولغته ولونه، أن يتمتع بالحرية. هذا حقه، يولد معه، ويرافقه حتى وفاته، وحين يحاول الاحتلال أو أي طرف آخر انتزاع حقه الطبيعي هذا منه بالقوة، يمنحه القانون الدولي -كما تمنحه الطبيعة الإنسانية- الحق في الدفاع عن أرضه وحريته، فهل تعي إسرائيل يوما أن الاعتقالات لن تقود إلى أي نوع من السلام، فلا يمكن فصل السلام عن الحرية، لأنه لا يمكن لأي فلسطيني أن يكون مسالما ما لم يكن حرا.