بدون استئذان، قرر المئات من الشبان الفلسطينيين في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، الأخذ بزمام المبادرة، والانتفاض على حكم حماس، عبر الخروج بمسيرات شعبية في شوارع المدينة، تنادي بوقف الحرب وإسقاط حكم حماس وعودة الحياة الى ما قبل 7 أكتوبر 2023، بعد أكثر من 16 شهرا من المعاناة التي لا توصف ولا تتوقف، دون أي اهتمام او انتباه من قيادة حماس لشعبها، فسئم الشعب هذه المهزلة، وهذا الأمر الواقع المفروض عليهم، فانتفضت غزة ضد الظلم والحرب في آن واحد.
شبان بلدة بيت لاهيا تظاهروا بمظاهرات حاشدة، مطالبين بوقف الحرب ومنددين بحركة حماس، مرددين هتافات مثل "الشعب يريد إبعاد حماس" و"حماس برا برا"، معبرين عن استيائهم الشديد من استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع، فيما انتشرت احتجاجات مماثلة في مناطق أخرى، بما في ذلك مخيم جباليا وحي الشجاعية في غزة.
تأتي هذه المظاهرات في ظل تصاعد التوترات وتجدد القتال بين حماس وإسرائيل، حيث أفادت وزارة الصحة في غزة عن ارتقاء أكثر من 50,000 شخص منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وهو ما دفع المحتجون للتعبير عن غضبهم من استمرار النزاع وتأثيره الكارثي على المدنيين، داعين إلى إنهاء القتال وتحقيق السلام.
وعلى الرغم من حكم حماس للقطاع بالحديد والنار على مدار 16 عاما، عندما انقلبت على السلطة الوطنية آنذاك، الا أنه لكل بداية نهاية مؤكدة، وأن هذه الحرب التي افتعلتها حماس نفسها، ستكون نهاية حكمها وتسلطها وفجورها على الشعب الفلسطيني بغزة.
لقد انتفض الشعب على فصيل فرض نفسه بالقوة في حكم القطاع منذ البداية، انتفض على ظلم وجبروت قيادته، انتفض على 16 عاما من الحصار والفقر والجوع، دون أي إحساس أو شعور بمعاناتهم، انتفض على 5 حروب وعشرات التصعيدات خلال فترة حكمهم، انتفض على آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى من خيرة شبابه، انتفض على واقع أليم فُرض عليه فرضا، ولم يكن في يده سوى الاستسلام لحكم "الإسلاميين" لعل وعسى أن يكون هناك تغييرا واصلاحا كما وعدوه، انتفض على الظلم والقهر والقيادات المهووسة بالحروب وأفكارها المجنونة، التي أرجعت الشعب عشرات السنين الى الوراء.
انتفض الشعب الفلسطيني على حياة الخيام وبرودتها في الشتاء القارس، انتفض على كرامته التي ضاعت بين البحث عن الكابونات والمساعدات، وطابور تعبئة المياه، وشراء المعلبات، وجشع التجار الحمساويين، انتفض الشعب على ضياع القضية ومحاولات تهجيره الى سيناء ودول أخرى، لقد قال الشعب كلمته أخيرا وأكد لقيادة حماس أن هناك شعبا له كيانه وبيده أن يقتلعكم من حكمكم إذا واصلتم الظلم.
منذ فترة طويلة والكثير من المحللين والمتابعين والمؤثرين يحذر قيادة الحركة من ثورة الشعب عليهم، ستكون ثورة الجياع، وبأنه ينبغي على حماس محاولة التنفيس على الشعب والسماح له بالعيش بكرامة والسماح باجراء انتخابات يقول فيها كلمته، الا أن حماس تكابرت ورفضت كل الدعوات التي اعتبرتها ذات أجندات خارجية واتهمت كتابها بأنهم عملاء ومتخابرين ويخدمون الاحتلال وأفكاره وأعوانه، لكن مسيرات الأمس واليوم أثبتت ما كنا نحذر منه من قبل.
وبعدما أظهرته المقاطع الكثيرة التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من مظاهرات غاضبة تجوب شمال غزة، ينبغي على قيادة حماس الإسراع فورا لوقف الحرب والموافقة على تشكيل حكومة لا تكون هي جزءً منها لأن الشعب "ملّ وقرف" منها، والموافقة على الدخول ضمن اطار منظمة التحرير الفلسطينية، حتى تحافظ على ما تبقى منها في صفوف الشعب الذي من المؤكد أنه سيلفظها في أي انتخابات مقبلة، وإن كان من نصيحة لها، فلا تدخل أي انتخابات بعد ذلك، حفاظا على "مية وجهها" ان بقي لديها..