لماذا لا تواجه حماس غلاء الأسعار بغزة؟

علاء مطر

الحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان من الفلسطينيين، هي أن معاناة شعبنا في قطاع غزة لا تتوقف على الحرب الإسرائيلية التي عادت تطحن الناس من جديد، فقد زاد الطين بلة وحش غلاء الأسعار المفزع الذي لم يشهده السكان منذ بداية البشرية، لدرجة أن الأسعار باتت أعلى من أسعار أوروبا المشهورة بأسعارها العالية، ليتساءل الجميع عن دور حكومة "الأمر الواقع" الذي تديرها حماس في مواجهة ومكافحة هذا الأمر، الذي يعاني منه أكثر من اثنين مليون مواطن في محافظات القطاع.

ووفقا لما أظهرته الكثير من مقاطع الفيديو المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإن المواطنين في القطاع يشتكون من غلاء الأسعار التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة في زمن هم أحوج إلى ترخيص ومتابعة أسعار البضائع في ظل الفقر الذي يتفشى بين سكان القطاع، وحرب مسعورة عادت ادراجها من جديد.

ويتساءل المواطنون عن دور الشرطة التابعة لحكومة حماس، الذي من المفترض أن تحمي الناس من الاستغلال والاحتكار، وعن صمتها الغريب على وصول الأسعار الى هذه المستويات الرهيبة.

ومن الأمثلة على هذه الأسعار الجنونية، فقد وصل سعر المواد الغذائية وأهمها الطحين ثم أدوات النظافة الشخصية الى أضعاف مضاعفة، بينما ارتفعت أسعار ايجارات البيوت في مدينة غزة بشكل جنوني، ليصل لأكثر من ألف دولار أمريكي بالشهر الواحد، فيما اختفت الكثير من الخضراوات والفواكة وأصناف كثيرة من الأسواق بشكل مبالغ فيه مثل السكر والزيوت والبيض والكثير الكثير من الحاجيات الضرورية لكل بيت غزاوي.

ولا زال المواطن يتابع صدماته، ولذلك لابد من الحديث بكل صراحة ووضوح عن كل ما يحدث في غزة، مثل التصرفات الوقحة التي يقوم بها الصرافين والتجار أصحاب الأموال، والتي يمكن وصفها بالمأساة، فهم يرفعون الأسعار بكل وقاحة، ثم يطلبون عمولة تندرج تحت مبدأ "الربا" من الناس ليصرفوا لهم أموالهم الموجودة في رصيدهم البنكي، حتى صار الأمر "مضحكة" لكن هل هم الوحيدين الذين يستفيدون من هذا الأمر، لا! هم مع الحكومة التي تقوم باستغلال الشعب وتسرق أمواله.

أين الضمير يا جماعة؟ وكيف يستفيد الصرافين بهذه الطريقة، وكأنهم لا يرون ما يجري حولهم؟ ينبغي على الحكومة أن تبدأ بالتفكير بالشعب، وأن تتذكر أن هناك شعبا يحتضنها، وليس فقط التفكير بمصلحتها الشخصية وجمع الأموال، لابد أن نقف مع بعضنا البعض ضد هذه الممارسات التي تصعب حياة شعبنا، الأسعار ترتفع بشكل جنوني والمواطن هو الذي يدفع الثمن.

لابد أن نقول كفاية! كفاية استغلال وكفاية تسلط على الناس. الوقت حان لنوقف مع بعضنا البعض ونطالب بحقوقنا. على الجميع أن يعرف، أنه إذا بقينا نعيش بهذه الطريقة، لن نستطيع أن نكمل، لابد أن نصنع أملا للغد، وعندما يعم العدل، الجميع سيستفيد.

الحكومة والمدراء الماليين لابد أن يسمعوا صوت الشعب الذي يعاني ويكافح يومياً، ليس مكتوبا عليه أن يتحمل أعباء إضافية نتيجة تصرفات غير مدروسة. ينبغي على الجميع أن يتحرك ويدافع عن حقوقه. ونجعل صوتنا مسموع، ونطالب بتغيير حقيقي.

المواطن هو العمود الفقري للمجتمع، ولابد أن نكون يد واحدة لنتصدى لكل من يحاول استغلالنا. كفاية صمت! لازم نتحرك ونطالب بحقوقنا وتغيير الواقع، نحن شعب قوي، ولا نقبل لأحد أن يظلمنا أو يستغلنا، لقد آن الوقت لنقول لهم بكفي عاد.

لقد بات المواطنون في غزة يتهمون حكومة حماس بأنها تتفق مع التجار بشكل منظم ومدروس، وتحقق الكثير من المكاسب من وراء ذلك كله، فيما أظهرت مقاطع الفيديو اتهام الكثير من الغزيين لمسؤولين في حماس بالتورط في هذا الأمر، والتجارة بمعاناة المواطنين، مطلقين عليهم اسم "تجار الحروب"، دون اكتراث بمعاناة الناس وخصوصا النازحين من بيوتهم ويسكنون الخيام في ظل الشتاء والصيف والفقر المدقع والحرب المستمرة.

إن سكوت حركة حماس وقادتها وحكومتها على زيادة معاناة الناس بغزة وتحميلهم طاقة فوق طاقتهم، يثبت بأن الحكومة بغزة بعيدة كل البعد عن الشعور بمعاناة الناس، الذين تحملوا الحرب التي فرضت عليهم دون أي داع.

للأسف، لم تصل حركة حماس وحكومتها الى المستوى الذي تشعر فيه بالناس، أو ما كانت تتغنى به "الحاضنة الشعبية"، فهل تتغير سياستها؟ وهل نشهد خلال الأيام المقبلة هبوطا على الأسعار؟ هذا ما نتمناه..