هدم منازل منفذي العمليات في الضفة..سياسة إسرائيل في العقاب الجماعي 

480394145_1034251545403301_6272935343678917616_n.jpg

يبدو أن الكوارث والارتدادات السلبية الناتجة عن عملية السابع من أكتوبر الماضي، لم تكن حصرا على أهالي قطاع غزة، الذين مازالوا يعانون منذ ذلك الوقت، رغم توقف حرب الإبادة الإسرائيلية التي لم تشهد لها البشرية مثيل، بل وصلت الى الضفة الغربية والداخل المحتل والقدس، التي أصبح يعاني أهلها من زيادة بشكل ملحوظ في عمليات هدم المنازل بذرائع واهية.

ومنذ "الطوفان المبجل" واصلت إسرائيل استخدام سياسة هدم منازل منفذي العمليات كإجراء عقابي لعائلاتهم، في خطوة أثارت حالة من الجدل الواسع على المستويين القانوني والإنساني، خصوصا وأن تقارير إسرائيلية قد كشفت عن دراسة السلطات الإسرائيلية هدم منزل الجندي الفلسطيني الذي نفذ عملية أسفرت عن مقتل جنود إسرائيليين على حاجز تيسير الأسبوع الماضي. 

وما أثار الجدل حقا، هو ما كشفته مصادر أمنية عن وجود مساعٍ من قبل جهات متطرفة داخل إسرائيل لترحيل عائلته إلى قطاع غزة أو تهجيرهم من منزلهم في الضفة الغربية.

ولا يخفى على أحد، أن هذه السياسة هي واحدة من الأدوات التي تستخدمها إسرائيل منذ عقود ضد منفذي العمليات، بهدف ردع الفلسطينيين ومنعهم من تنفيذ هجمات ضد قوات الاحتلال أو المستوطنين، غير أن هذه السياسة أثارت انتقادات حقوقية واسعة، إذ ترى منظمات حقوق الإنسان أن هدم منازل العائلات التي لم تشارك في العمليات يُشكل عقاباً جماعياً، وهو ما يتعارض مع القوانين الدولية، مثل اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر العقوبات الجماعية.

فيما يُعد تصعيدًا خطيرًا، تشير التقارير إلى أن مجموعات متطرفة داخل إسرائيل تحاول الدفع باتجاه ترحيل عائلة المنفذ إلى غزة، وهو ما قد يشكل سابقة خطيرة تتجاوز مجرد هدم المنازل. هذه الخطوة، إن تمت، قد تؤدي إلى تصعيد جديد في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث إنها تُذكّر بسياسات التهجير القسري التي اعتمدتها إسرائيل خلال النكبة عام 1948 وبعدها.

ومن التداعيات المحتملة لمثل هذه السياسة، تصعيد التوتر في الضفة الغربية، وإثارة موجة جديدة من المواجهات والاحتجاجات، خاصة أن سياسة هدم المنازل أثبتت مرارًا أنها تؤجج الغضب الفلسطيني بدلاً من ردع العمليات، مرورا باحتمالية اثارة موجة من الانتقادات الدولية الواسعة، خاصة من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية التي طالما وصفت هذه السياسات بأنها غير قانونية، وليس انتهاء بتأجيج التطرف وزيادة الاحتقان في الشارع الفلسطيني.

إن هذه السياسة الإسرائيلية المقيتة، والتي تعتبر جزءًا من النهج الإسرائيلي في التعامل مع المقاومة الفلسطينية، ستبقى إجراءً عقابيًا مهما حاولت إسرائيل "تجميلها"، وستبقى سياسة ذات تداعيات خطيرة على الاستقرار في المنطقة، وقد تفتح الباب أمام تصعيد جديد في الصراع، قد تكون عواقبه وخيمة على الجانبين.