على الرغم من إعلان حركة حماس وجميع الوسطاء التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي أعاق التوصّل إلى صفقة طوال الفترة الماضية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، لم يعلن بعد رسمياً التوصّل لاتفاق، علاوة على ترويجه في ساعات فجر اليوم الخميس لتراجع حماس عن بعض التفاهمات، فضلاً عن إرجاء المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، عقد جلسة المصادقة على الاتفاق.
وأفاد نتنياهو، في بيان صادر عن ديوانه، بأنه تحدّث مع فريق التفاوض الإسرائيلي في الدوحة بشأن ما وصفها "محاولات حماس للتراجع عن التفاهمات التي تم التوصّل إليها". وذُكر في البيان أنه خلافاً لبند في الاتفاق، "تطالب حماس بفرض هوية الإرهابيين (وفق تعبيره في إشارة إلى الأسرى الفلسطينيين)، الذين سيتم الإفراج عنهم"، وإلغاء صلاحية إسرائيل في فرض الفيتو على هوية بعضهم". ووفقاً للبيان، فقد وجّه نتنياهو الفريق برفض هذا الطلب بشكل قاطع، والإصرار على التفاهمات التي تم التوصّل إليها بالفعل.
وعلى ما يبدو يحاول نتنياهو من خلال هذه الادعاءات تحقيق مكاسب أخيرة، لكن لا يبدو أن شيئاً سيفجّر الاتفاق. في غضون ذلك، أفاد موقع والاه العبري، صباح اليوم الخميس، قبل نحو ساعتين ونصف من الموعد المتوقع لانعقاد "الكابنيت" في الساعة 11:00 قبل الظهر بالتوقيت المحلي للمصادقة على الصفقة، بأنّ أعضاءه لم يتلقوا دعوة للاجتماع. هذا على الرغم من أنه طُلب من الوزراء، أمس الأربعاء، تدوين التوقيت المذكور بمفكّراتهم، وإلغاء أي برامج لديهم. ونقل الموقع عن مسؤولين في الحكومة لم يسمّهم أنّ التأخير يأتي على خلفية المشاورات الأمنية التي يجريها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مع أعضاء حزبه والمقربين منه في حزب الصهيونية الدينية.
وأعلن سموتريتش، أمس الأربعاء، معارضته الاتفاق، حيث يدعم بعض أعضاء الكنيست في حزبه إمكانية الانسحاب من الحكومة. وقال وزير المالية الإسرائيلي، في بيان له: "الصفقة تعيدنا إلى الوراء في العديد من إنجازات الحرب التي ضحى فيها أبطال هذا الشعب بأرواحهم، وستكلّفنا دماء كثيرة لا قدر الله. نحن نعارضها بشدة".
وأضاف في بيانه: "لن نصمت. صوت دماء إخوتنا يخاطبنا. شرط واضح لبقائنا في الحكومة هو التأكّد المطلق من العودة إلى الحرب بقوة كبيرة، وبنطاق كامل وبشكل جديد، حتى النصر الكامل بكل مكوناته، وعلى رأسه تدمير منظمة حماس الإرهابية وإعادة جميع المختطفين إلى منازلهم. في اليومين الماضيين، أجريت أنا ورئيس الوزراء محادثات محمومة حول هذا الموضوع، وهو يعرف ما هي مطالب الصهيونية الدينية بالتفصيل، والكرة في ملعبه الآن".
في غضون ذلك، قال عضو الكنيست تسفي سوكوت، من "الصهيونية الدينية"، في حديث لإذاعة "كان ريشت بيت" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، قبل الاجتماع الذي يوصف بـ"الحاسم" في ظل معارضة الصفقة: "من المرجّح أن ننسحب من الحكومة، من جهتنا، فإن المراحل التالية من الصفقة لن تحدث". وأضاف سوكوت: "نحن هنا لتغيير الحمض النووي لدولة إسرائيل، وليس من أجل الكرسي. الوضع يقود إلى الانسحاب من الحكومة".
وتابع "نحن نعارض الصفقة بكل جوارحنا، وسنفعل كل ما في وسعنا لإفشالها"، وزعم أن إحدى المخاوف الرئيسية تكمن في صعوبة تحرير بقية المحتجزين الإسرائيليين في غزة بعد المرحلة الأولى، وقال: "أحد الأسباب التي تجعلنا نعارض الصفقة بشدة هو أنه سيكون من الصعب علينا إعادة الباقين".
كما أفادت الإذاعة ذاتها بأنّ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، رئيس حزب "عوتسماه يهوديت" (القوة اليهودية)، يواصل محاولاته تجنيد معارضة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإقناع نواب من الصهيونية الدينية بالانضمام إلى التهديد بالانسحاب من الحكومة، وهو ما ينفيه "الصهيونية الدينية".