قال رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إن عدد المعتقلين والمختفين قسرًا في سورية بعد إفراغ السجون يبلغ 112 ألفًا و414، مشددًا على ضرورة كشف مصير المختفين.
جاء ذلك في حوار مع الأناضول تطرق فيه لمعطيات الشبكة التي تعمل على مدار سنوات لتوثيق الانتهاكات بحق السوريين من قبل نظام الأسد المخلوع.
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام، وفر بشار الأسد رفقة عائلته إلى روسيا التي منحته "لجوءًا إنسانيًا"، لينتهي 61 عامًا من حكم حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
أرقام المختفين قسرًا
وحول معطيات أرقام المختفين في سورية بعد سقوط نظام الأسد وفتح السجون، قال عبد الغني: "كانت لدينا مؤشرات عبر سنوات من عام 2018 أن نظام الأسد يقتل المختفين قسرًا، ولدينا كم كبير من الأدلة منها أكثر من 3 آلاف بيان وفاة".
وأضاف: "المعطيات تتغير لأننا نتابع من أُفرج عنهم من سجون ومراكز الاحتجاز بحلب عند تحريرها في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ثم عندما تحررت حماة في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي وفي حمص في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2024، ودمشق ومراكزها في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي".
ولفت عبد الغني إلى أن "متابعة هؤلاء تحتاج إلى وقت، والآن تبين لدينا أن عدد من أفرج عنهم من هؤلاء يصل إلى 24 ألفًا و200 معتقل، وهذا آخر تحديث توصلنا إليه، وهو رقم تقديري في الحد الأعلى وما زلنا نتابع التفاصيل ونقوم ببناء قاعدة بيانات لهؤلاء".
وأردف: "وفق إحصاء الشبكة، كان يوجد تقريبًا 136 ألف معتقل ومختف قسرًا، وإذا أخرجنا منهم الذين أفرج عنهم في الفترة الأخيرة يبقى لدينا 112 ألفًا و414 شخصًا كانوا محتجزين عند النظام ولم يفرج عنهم، وغالب الظن أنهم قتلوا".
ضرورة الكشف عن مصيرهم
عبد الغني تحدث عن "ضرورة الكشف" عن مصير هؤلاء قائلًا: "صحيح أنهم قتلوا ولكن في نفس الوقت هم ما زالوا مختفين قسرًا لأنه لم يتم تسليم الجثث إلى ذويهم، وبالتالي الأمر بحاجة إلى بحث وجهود كبيرة جدًا، ولكن لا توجد أي أدلة تشير أن هؤلاء ما زالوا على قيد الحياة".
وأردف: "في الحقيقة هذا موضوع غاية في الأهمية ولا يمكن فهم ما حصل للمختفين قسرًا من قتل عبر سنوات دون فهم".
وتابع عبد الغني: "موضوع بيانات الوفاة تحدثنا عنه منذ سنوات وما زلنا نتحدث عنه والآن لدينا تحديثات إضافية عن آلاف بيانات الوفاة لمختفين قسرًا قتلهم النظام في تواريخ سابقة".
وشرح ما حصل قائلًا: "تتكشف الآن وتتضح الصورة بعد عمليات فتح السجون أن هؤلاء قتلوا وسجلوا في السجل المدني دون إخطار ذويهم، وبالتالي أهلهم ما زالوا حتى الآن يعانون، فليس لديهم وثيقة تثبت أنهم قتلوا، وبالتالي هم بانتظار كشف المقابر الجماعية ومعرفة أين وضعت رفات أبنائهم وما إلى ذلك من تفاصيل".
وقال عبد الغني: "النظام عبر سنوات كان يقتل المختفين قسرًا ثم يسجلهم في السجل المدني، ولهذا بيان الوفاة لهؤلاء تجد فيه تاريخين، الأول هو تاريخ اليوم الذي قتل فيه هذا الشخص، والثاني هو التاريخ الذي سجل في السجل المدني، وقد يكون بينهما سنوات أو أشهر أو ما إلى ذلك".
وتابع: "قد يكون البعض قد سجلوا في سنوات طويلة من 2015 - 2017 وذويهم إلى الآن وبعد سنوات لا يعلمون أنهم مسجلون في السجل المدني أو أنهم قتلوا قبل سنوات عديدة".
ولفت عبد الغني إلى أن "هدف النظام هو أن يستمر هذا الألم وأن يستمر نكأ الجراح حتى يعطي الأهالي أملًا غير موجود وليس حقيقيًا، وتستمر معاناتهم".
مقابر جماعية
وحول المقابر الجماعية ودورها في الكشف عن مصير المفقودين، قال عبد الغني: "ما كشف عنه هو عدد قليل جدًا من المقابر الجماعية، ويتم الحديث عن المقابر الكبرى".
وأضاف: "هناك عشرات المقابر الجماعية في سورية، وأي مقبرة دفن فيها 10 أشخاص أو أكثر تعتبر مقبرة جماعية".
وأردف: "التعامل مع المقبرة الجماعية يجب أن يكون بالحفاظ عليها لأنه لاحقًا تأتي لجان دولية مختصة لتقوم في عملية معقدة باستخراج الجثث وأخذ عينات منها ومطابقتها مع عينات المختفين قسرًا".
وتابع عبد الغني: "عندها فقط وبعد تسلم الجثث، يكون هناك ما يسمى بكشف مصير هؤلاء، وتعطى الرفات إلى الأهالي لتدفن بطريقة توائم التقاليد والأعراف المتبعة".
وأشار إلى أن "الأهالي سيبقون يطالبون بأبنائهم وبالكشف عن مصيرهم وهذا حقهم، ولكن ما نقوله نحن أنه لا يجب على أي أحد أن يخدع الأهالي ويعطيهم أملًا زائفًا".
التعلق بالآمال
وفيما يخص انتظار الأهالي وتعلقهم بأمل الحصول على معلومات عن المفقودين، قال عبد الغني: "تم نشر كم هائل من الإشاعات عن سجون سرية وأقبية، والأهالي تعلقوا بهذه الأمور، وبعضها خرافات غير موجودة في أرض الواقع".
وأضاف: "لكنهم يتعلقون بأي خبر، وربما البعض نشر بحسن نية أو عن عدم خبرة، هذا الموضوع حساس جدًا، وأعطى الأهالي أملًا زائفًا وساعد النظام البائد في تعذيب وذبح الأهالي واستمرار آلامهم لأيام".
وقال عبد الغني: "نحاول أن نعطي صورة للأهالي بما حصل، وهذا يعني أنه من حق أي أسرة أن تستمر بالمطالبة وأن لا تصدق ما نقوله، ولكن نطلب من الأهالي أن لا يتعلقوا بأمل زائف، لأنه بعد 8 - 9 كانون الأول/ ديسمبر لم يعد أحد في هذه السجون التي فتحت كلها، ولا توجد سجون سرية".
وختم بالقول: "عملية التوعية في غاية الأهمية، كي لا تأتي شبكات تصطاد (لم يوضحها) ويتم ابتزاز الأهالي وخداعهم مجددًا بعد أن خدعهم النظام عبر سنوات وابتزهم".
وأضاف: "هذا دور أساسي ومهم جدًا لنا بالمرحلة القادمة، أن نقوم به بالتوازي مع التنسيق مع مؤسسات دولية مختصة بالكشف عن المفقودين مثل اللجنة الدولية لشؤون المفقودين".
وأفاد عبد الغني أن الشبكة السورية "ستصدر لاحقًا تقريرًا بهذا الصدد عن هذه الأرقام والمعلومات في استكمال لجهودها".
وفي 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق، لينتهي 61 عامًا من حكم نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير برئاسة الحكومة، التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة سورية جديدة لإدارة المرحلة الانتقالية.