التهديد الحوثي: خبراء إسرائيليون يبحثون سبل الردع الأمثل

تشير آراء الخبراء والمحللين في "إسرائيل" إلى أن التهديد الذي تمثله جماعة أنصار الله (الحوثي) في اليمن، يمثل تحديًا معقّدًا يتطلب حلولًا متعددة الأبعاد تشمل التعاون الدولي واستراتيجيات ردع فعّال، ومع التصعيد المستمر، وآخره إطلاق صواريخ نحو تل أبيب، يبدو أن التعامل مع هذا التهديد سيبقى على جدول أولويات الحكومة الإسرائيلية.

تناول المحلل العسكري رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" التحديات التي يفرضها التهديد الحوثي على إسرائيل، مشيرًا إلى تعقيدات الجغرافيا والموارد الاستخباراتية المحدودة، ويحث على تبني استراتيجيات مشابهة لتلك المستخدمة ضد حزب الله في لبنان

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقالًا تحليليًا للكاتب رون بن يشاي، ركّز فيه على التحديات التي تفرضها الهجمات الحوثية ضدّ "إسرائيل" والأبعاد الإقليمية والاستراتيجية المرتبطة بها.

وافتتح بن يشاي تحليله بتوضيح طبيعة العلاقة بين إيران والحوثيين، مشيرًا إلى استقلالية الحوثيين النسبي عن طهران، حيث قال: "الحوثيون ليسوا خاضعين تمامًا لإيران، بل يقدّمون لها دعمًا محدودًا. استهداف إيران لن يؤثّر مباشرة على سياسات الحوثيين أو إستراتيجيتهم. الحوثيّون يخوضون حرب استنزاف ضدّ إسرائيل عبر الصواريخ والطائرات المسيّرة، ليس فقط لتعزيز التأييد الداخلي والإقليمي، بل لتوسيع نفوذهم الدولي، فسيطرتهم على حركة التجارة في البحر الأحمر تمنحهم قوة تأثير على الاقتصاد العالمي، ما يعكس طموحهم لإعادة تشكيل النظام العالمي بمعزل عن إيران، وإن كان ذلك بدعم إيراني عبر عمليات تهريب الطائرات المسيّرة والصواريخ".

كما أكد بن يشاي على التحديات الجغرافية والاستخباراتية التي تواجه إسرائيل في التعامل مع التهديد الحوثي، حيث قال: "البعد الجغرافي بين إسرائيل واليمن، إلى جانب محدودية الموارد الاستخباراتية المخصصة لجمع معلومات دقيقة عن الأهداف، يجعل من الصعب تنفيذ عمليات فاعلة ضد منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة ومرافق إنتاجها".

وتحدّث عن صمود الحوثيين في مواجهة الضغوط العسكرية والاقتصادية، قائلًا: "الحوثيون لا يتأثرون بضرب البنى التحتية أو المؤسسات الحكومية. لقد صمدوا خلال حربهم مع السعودية بين 2015 و2019 رغم الخسائر الهائلة والمجاعة. الردع ضدهم يتطلب استهداف القيادة وتحييد قدراتهم الصاروخية، كما حدث مع حزب الله في لبنان".

وعن الحلول الاستراتيجية، دعا بن يشاي إلى شراكات إقليمية ودولية، مشددًا أنّ "على إسرائيل تبني استراتيجية مشابهة لتلك التي استخدمتها ضد حزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا. لكن بسبب العوائق الجغرافية والاستخباراتية، لا يمكنها تنفيذ هذه العمليات بمفردها. لذلك، تحتاج إلى شراكة مع القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) والأسطول الخامس الأميركي، الذي يوفر الحضور العسكري اللازم في المنطقة".

وأشار بن يشاي إلى تحفُّظ الإدارة الأميركية الحالية، موضحًا: "إدارة بايدن امتنعت حتى الآن عن توجيه ضربة قاسية للحوثيين لتجنُّب تصعيد إقليمي، كما أن مخزون صواريخ الاعتراض الأميركي يتضاءل. لكن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تغيّر المعادلة، ما قد يمهد الطريق لتنفيذ عمليات مشتركة تهدف إلى تقويض قدرات الحوثيين".

وفي تحليل التصعيد الحوثي، أوضح بن يشاي أن الحوثيين أطلقوا 270 صاروخًا باليستيًا و170 طائرة مسيّرة منذ بدء الحرب، الأمر الذي يثير تساؤلات حول استعداد الاستخبارات الإسرائيلية. وفي هذا السياق، قال شلوم بن حنان، المسؤول السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية الشاباك: "هذه الجبهة لم تكن على رأس الأولويات الإسرائيلية، إذ ركزت الأجهزة الأمنية على تهديدات من لبنان، غزة، الضفة الغربية، سوريا، والعراق".

أما يوسي يهوشوع، محلل الشؤون العسكرية، فاعتبر أن المواجهة مع الحوثيين تمثل تحديًا استخباراتيًا ولوجستيًا، حيث قال: "إسرائيل تواجه مشكلة مزدوجة: غياب المعلومات الاستخباراتية الدقيقة وصعوبة التخطيط لهجوم مضاد، خاصة أن الحوثيين يهاجمون بانتظام ويعلنون نيّتهم مواصلة التصعيد".

وأكد اللواء احتياط تامير هايمان، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، على ضرورة التعامل مع الحوثيين كجيش منظم، مشيرًا: "الحوثيون يشكلون منظومة عسكرية متكاملة في شمال اليمن، ما يستدعي استهداف مراكز التصنيع، مستودعات الذخيرة، ومراكز القيادة والسيطرة".

بينما أشار أمير بارشالوم إلى فشل منظومات الاعتراض الإسرائيلية في مواجهة التهديدات الأخيرة، موضحًا: "الفشل في اعتراض الصواريخ الحوثية يرجع إلى احتمال وجود تقنيات جديدة أو أخطاء بشرية وتقنية في الأنظمة الدفاعية".

وأما رونين مانيليس، اللواء احتياط في جهاز الاستخبارات العسكرية والمتحدث السابق باسم الجيش الإسرائيلي، فانتقد غياب التركيز على اليمن، قائلاً: "الجهود الحالية لم تردع الحوثيين، بل زادتهم إصرارًا. يجب إعادة تقييم الأولويات لتشمل استهداف اليمن".

وفي رؤية استراتيجية أوسع، قال إيتاي بلومنتال، مراسل الشؤون العسكرية: "تستعد إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا لتنفيذ ضربات جديدة ضد الحوثيين، بعد ثلاث ضربات سابقة. هذه الخطوة تأتي في إطار الاستعداد لتصعيد محتمل خلال الأسابيع المقبلة".