تقرير: مقاطع فيديو جنود الاحتلال تكشف عن عام الانتقام والنار والدمار في غزة

نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية، تقريرًا يوثق سلوك جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة، وذلك تحت عنوان: "الانتقام والنار والدمار: عام من مقاطع الفيديو التي صورها جنود إسرائيليون من غزة"، بناءً على التوثيقات المصورة التي نشرها جنود جيش الاحتلال.

وافتتح التقرير، بالقول: "عندما انسحبت وحدتهم من شمال غزة في أواخر العام الماضي، أطلق جنود الاحتياط الإسرائيليون من كتيبة 9208 في لواء النقب قذائف الدبابات ونيران المدافع الرشاشة على ما كان في السابق منطقة سكنية. ونشر جندي من الوحدة مقطع فيديو للقصف الذي استمر أربع دقائق على فيسبوك. وجاء في المنشور على فيسبوك: "وداعًا"، مصحوبًا بأربعة رموز تعبيرية للنيران. فيما كان الصوت ضمن الفيديو يقول: من الآن فصاعدًا، أي شخص يريد العبث معنا سوف يفهم أن هذه ستكون النتيجة".

وعلى مدار الأشهر الأربعة عشر أن شن الجيش الإسرائيلي غزوه لغزة، أظهرت مقاطع الفيديو والصور مرارًا وتكرارًا قواته وهي تهدم مبانٍ بأكملها، بما في ذلك المنازل والمدارس، فضلاً عن نهبها وإحراقها. وتظهر صور أخرى جنودًا إسرائيليون يقفون بجوار جثث الضحايا، ويدعون إلى إبادة الفلسطينيين وطردهم، بحسب ما ورد في الصحيفة الأميركية.

وأضافت "الواشنطن بوست": "لقد نشر الجنود الإسرائيليون آلاف الصور ومقاطع الفيديو من ساحة المعركة، وسجلوا أفعالهم في الحرب، وبثوها على وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أن القوات الإسرائيلية أمرت قواتها بعدم تصوير ونشر مقاطع فيديو انتقامية، فقد استمرت في الظهور على الإنترنت طوال الحرب. والنتيجة هي مخزون هائل من الصور والفيديوهات التي تقدم رؤية نادرة ومزعجة لكيفية تصرف عناصر الجيش الإسرائيلي خلال إحدى أكثر الحروب دموية وتدميرًا في الذاكرة الحديثة".

وتحققت صحيفة "الواشنطن بوست"، من أكثر من 120 صورة ومقطع فيديو للحرب في غزة نُشرت بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتشرين الأول/أكتوبر 2024، وقد سجل معظمها جنود، أو شاركوها علنًا على حساباتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. وتُظهِر الصور جنودًا يفجرون المباني، أو يشعلون النار فيها، وغالبًا ما يحتفلون بالتدمير، ويحتلون المباني المدمرة، ويسخرون من الفلسطينيين، ويدعون إلى إعادة الاستيطان في غزة.

وقال آسا كاشير، الأستاذ الذي ساعد على كتابة مدونة أخلاقيات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي شاهد مقاطع فيديو تُحُقِّق منها من قبل صحيفة واشنطن بوست: "إنه انهيار ليس فقط للانضباط العسكري، بل انقطاع في فهم ما يتطلبه الأمر لتمثيل جيش الدفاع الإسرائيلي وإسرائيل"، بحسب تعبيره.

وقد شاركت صحيفة "الواشنطن بوست" مقاطع فيديو موثقة مع الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه أجرى "محادثات تأديبية" مع بعض الجنود المعنيين؛ بسبب حوادث "انحرفت عن قيم ومبادئ جيش الدفاع الإسرائيلي، وتناقضت مع اللوائح". ولم يقدم مزيدًا من التفاصيل. وقال إنه في حالة وجود اشتباه في سوء السلوك الجنائي، تُحَال الحالات إلى الشرطة العسكرية، واصفًا مثل هذا السلوك بأنه "حوادث استثنائية".

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن جيش الاحتلال "حاول فرض قيود صارمة على مقاطع الفيديو المثيرة للجدل وسط مخاوف من أنها قد تساهم في التحقيقات الجارية ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. وفي رسالة إلى القادة في شباط/فبراير، حث رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي الجنود على عدم نهب أو تصوير مقاطع فيديو انتقامية". مضيفةً: "لقد ظهر عدد أقل من المنشورات العامة التي تحتوي على مثل هذه الصور على الإنترنت في الأشهر الأخيرة. ولكن أمثلة جديدة لا تزال تظهر".

وقال يوفال جرين، وهو طبيب عسكري إسرائيلي يبلغ من العمر 26 عامًا، أُرْسِل إلى خانيونس لمدة شهرين في كانون الأول/ديسمبر، إنه "واجه جنودًا مدفوعين بشعور التعصب الديني أو الرغبة في الانتقام. وكثيرًا ما كانوا يعرفون أشخاصًا قُتلوا على يد مسلحين من حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر". وقال إن هذه الدوافع "أخبرتهم بأن عليهم تدمير غزة، وأنهم لا بد أن يخلقوا الضرر"، مضيفًا أن هذه الأفعال كان من المفترض أن تخدم غرضًا عسكريًا، لكن "كل هذا يختلط" بالعواطف.

بدوره، قال مايكل زيف، 29 عامًا، الذي خدم كجندي احتياطي، وكان مرتبطًا بوحدة متمركزة على ممر نتساريم، وهو الخط الفاصل الذي يقسم غزة إلى قسمين. وقال: "إنك تشعر بهذا الشعور القوي للغاية بالانتقام من الجميع". وقال إن نظام الانضباط الذي من المفترض أن يحمل الجنود المسؤولية "لم يعد يعمل". وقال كل من زيف وجرين إنهما لن يعودا إلى الخدمة العسكرية في غزة بعد السلوك الذي شهداه هناك كجنود.

وقال خبراء قانونيون راجعوا مقاطع الفيديو التي جمعتها الصحيفة الأميركية، إن الجنود في الحالات الأكثر فظاعة يقومون فعليًا بتسجيل الأدلة على الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي.

وتقول شانتال ميلوني، أستاذة القانون في جامعة ميلانو والمستشارة في الجرائم الدولية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، والتي راجعت الصور المرئية بناء على طلب صحيفة "الواشنطن بوست"، إن من بين المخاوف التي تثيرها مقاطع الفيديو التدمير غير المتناسب للبنية التحتية المدنية.

ووفق "الواشنطن بوست": "لم يستجب العديد من الجنود الذين نشروا مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي، أو رفضوا طلبات التعليق. لكن بعضهم لم يعتذر أو قالوا إنهم لا يعتقدون أن الجنود يسخرون من أحد أو يهينونه".

حرق المنازل

وتحققت الصحيفة الأميركية، من عدة مقاطع فيديو وصور تظهر جنودًا يشعلون النيران في مبان أو يتظاهرون أمام منازل مشتعلة، في حوادث امتدت من بيت حانون في الشمال إلى خانيونس في الجنوب. وتتوافق الأدلة البصرية مع شهادات الجنود الذين وصفوا، في حوادث منفصلة، ​​تعليمات صدرت لهم بحرق المنازل الخاصة، وكذلك شهادات الفلسطينيين الذين يقولون إنهم عادوا إلى أحيائهم ليجدوا الشقق محترقة.

وقال جرين "كنا نترك منزلًا، وكانوا يخبروننا عندما نخرج منه أن نحرقه". وعندما سأل قائده عن الغرض من هذه السياسة، قال له جرين إن "السبب هو أن المعدات العسكرية التي يتركها الجنود وراءهم قد تقدم معلومات للعدو". وقال جرين وهو يصف كيف أشعل الجنود النيران: "ضعوا القليل من البنزين على تلك الفرشات وسوف تحترق. سيستغرق الأمر بعض الوقت، لكن كل شيء سيحترق".

وشرح جندي إسرائيلي آخر يبلغ من العمر 22 عامًا، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من انتقام السلطات الإسرائيلية، بالتفصيل كيف كان الجنود يشعلون النار في المنازل، وهي ممارسة قال إنها كانت مستمرة "منذ بداية" الحرب. وقال "لقد طلب منا حرق كل منزل يحمل شعار حماس، ولكن حماس هي القوة الرئيسية في غزة. ومعظم المنازل تحمل علم حماس وصورة هنية".

وأضاف أن الجنود كانوا يملكون "خيار" حرق المنازل التي تحمل صور ياسر عرفات، مضيفًا أن وحدته أشعلت النيران في عشرين منزلًا على الأقل خلال فترة خدمته التي استمرت خمسة أشهر.

وأشار إلى أن الجنود كانوا يكدسون الأثاث في منتصف الغرفة، ويغمرونه بالمواد القابلة للاشتعال، ثم يشعلون فيه النار، بدءًا من الطوابق العليا وصولاً إلى الطوابق السفلى. وأضاف: "كانوا يستمتعون كثيرًا بفعل ذلك. فعندما تقضي الكثير من الوقت هناك، تتوقف عن التفكير في الفلسطينيين الذين يعيشون في هذا المنزل، والفلسطينيين الذين سيعيشون هناك في المستقبل".

وفي شباط/فبراير، نُشر مقطع فيديو يظهر منزلًا يحترق من الداخل. ويقول شخص ما خارج الكاميرا: "كل شيء سوف يحترق".
الدمار الواسع

على مدار العام الماضي، تحولت مساحات واسعة من غزة إلى أنقاض، سواء من خلال الغارات الجوية الانتقامية أو عمليات الهدم التي نفذتها القوات البرية، بمساعدة الجرافات المدرعة الضخمة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتذكر الصحيفة الأميركية في مقطع فيديو لجندي إسرائيلي، نُشر في كانون الثاني/يناير، قبل تفجيره بناية، قوله: "لا يوجد سوى حل واحد لغزة".

وبحسب تقييم الأقمار الصناعية للأمم المتحدة الذي نشر في 29 أيلول/سبتمبر، فقد تضرر أكثر من 66% من المباني في غزة، بما في ذلك ما يقدر بنحو 227,591 منزلًا.

وقال زوكرمان، الذي يعمل ضمن طاقم هندسي تابع للجيش الإسرائيلي المكلف بالتفجيرات المتحكم بها، إن المباني لم تُفَجَّر إلا إذا كانت مفخخة، أو اعتبرت "بنية تحتية إرهابية". لكن جنودًا آخرين تحدثوا إلى صحيفة "الواشنطن بوست"، قالوا إنهم كثيرًا ما لم يفهموا الغرض العسكري من التفجيرات. وقال جرين، الذي وصف أيضًا الخلافات مع زملائه في الفصيلة الذين قال إنهم تركوا كتابات على الجدران في منازل خاصة، ودمروا ممتلكات شخصية لعائلات: "حتى عندما كانت التفجيرات قريبة منا، لم أكن قادرًا على معرفة السبب وراء ذلك".

وتظهر صور أخرى تُحُقِّق منها من قبل صحيفة "الواشنطن بوست" جنودًا يقيمون معسكرًا في منازل مهجورة، ويخربون الممتلكات ويلتقطون صورًا مع ملابس داخلية مسروقة من نساء فلسطينيات.

وتظهر نصف دزينة من مقاطع الفيديو التي تحققت منها صحيفة "الواشنطن بوست" جنودًا يطرقون الأبواب، أو يقرعون أجراس الأبواب، ثم يستديرون ليسألوا الكاميرا عن مكان الجميع، ثم يبتعدون لإظهار أن المنزل قد دمر.

وفي حالات أخرى، يقدم الجنود جولات إرشادية ساخرة للمباني المدمرة والمزينة بالرسومات على الجدران. وفي منشور يعود إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر، نشر الجندي إيريل نيستل صورة لنفسه وهو يحمل لافتة لشركة العقارات التي يعمل بها أمام منزل مدمر. وجاء في التعليق: "جديد للبيع حصريًا في مخيم النصيرات للاجئين" و"نتوقع إخلاء المباني". وقال نيستل، لصحيفة "الواشنطن بوست"، إن الصور كانت "مفهومًا تسويقيًا بحتًا لإثارة الاهتمام والضجة" ولم يتم التقاطها ومشاركتها "بدافع الانتقام"، وفق زعمه.

وتظهر صور أخرى التقطها جندي آخر فصلًا دراسيًا مغطى بالحطام ولوحة طباشيرية مكتوب عليها "لكل فعل رد فعل" ونجمة داوود. وعلق الجندي على المنشور: "لن تكون هناك مدرسة غدًا". ويُظهر مقطع فيديو مرفق بالمنشور تفجير مساحة كبيرة من المباني إلى الشمال الغربي من المدرسة. وفي بعض الحالات، أهدت قوات الاحتلال الإسرائيلي الانفجارات إلى جنود قتلوا، وهي ممارسة تكررت في لبنان.

أدلة في المحاكم

واستخدمت جنوب أفريقيا بالفعل بعض مقاطع الفيديو التي صورها جنود الجيش الإسرائيلي في قضيتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

ويقول الخبراء إن مقاطع الفيديو التي تصور سوء معاملة المعتقلين والجثث تثير أيضًا مخاوف بشأن القانون الدولي.
وفي أوائل شهر كانون الأول/ديسمبر، اعتقلت قوات الاحتلال مجموعات كبيرة من الرجال الفلسطينيين في حملة اعتقالات جماعية في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. وقد وُثِّقَت عمليات الاعتقال في عدة مقاطع فيديو.

وفي إحدى الصور، يركع أكثر من مائة فلسطيني على الطريق وأيديهم خلف رؤوسهم في برد الشتاء القارس. ويخبر جندي إسرائيلي الرجال بأن الجيش الإسرائيلي "يدمر غزة" ويعمل على احتلالها بالكامل. ويوبخهم عبر مكبر الصوت: "هذا ما تريدونه؟ هل تريدون حماس معكم؟".

وقال مارك إليس، الخبير في القانون الجنائي الدولي والمدير التنفيذي لرابطة المحامين الدولية، إن الفيديو "فظيع بشكل خاص"، مستشهدًا بحقيقة أنه بموجب قوانين الحرب يجب حماية المعتقلين من أعمال العنف والمعاملة المهينة، بما في ذلك التعرض للإهانات و"الفضح العام".

وفي أحد مقاطع الفيديو التي صُوِّرَت بعد أيام قليلة من بدء الغزو البري، يسحب جنود جثة ميتة خلف مركبة. وفي مقطع آخر، ظهر في وقت سابق من هذا العام، يعلن جندي ساخرًا عن مشروع عائلي بالقرب من جثث فلسطينيين.

ويحمل الجندي لافتة لصالون حلاقة بالقرب من تل أبيب يسمى "هميراجيش"، كتب على شعاره "نحن المثيرون"، مع ثلاث جثث هامدة بملابس مدنية ملقاة على الطريق بجواره، ويلوح الجندي باللافتة مع أغنية الراب العبرية "حربو داربو"، التي تدعو إلى الانتقام لـ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال فرناندو ترافيسي، المدير التنفيذي للمركز الدولي للعدالة الانتقالية، إن الفيديو يبدو أنه ينتهك القوانين الإنسانية الدولية التي تلزم المقاتلين بمعاملة الرفات البشرية باحترام. ولم يستجب صاحب صالون الحلاقة لطلبات التعليق. لكنه نشر على إنستغرام: "جنودنا الأعزاء، سوف تحصلون على خصم 20% في المتجر بالكامل!".

ويحذر الخبراء من أن مقاطع الفيديو من ساحة المعركة لا يمكن أن تقدم سوى "صورة خاطفة" وتتطلب مزيدًا من التحقيق. لكنهم قالوا إن شهادات الجنود، وفي بعض الحالات التصريحات العامة من القادة، تُظهر تجاهلًا للقانون الدولي، وفق "الواشنطن بوست".
وفي شباط/فبراير، قال المقدم إسرائيل بن بازي لإذاعة إسرائيل: "بالنسبة لنا، كان كل من كان موجودًا هناك عدوًا"، مستشهدًا بحقيقة أن المنطقة كانت مخصصة لمنطقة قتال. وأضاف: "سواء كان يحمل سلاحًا أم لا، فهذا لا يهم".

وأضاف إليس أن هذا البيان "لا يظهر أي التزام" بمبدأ القانون الدولي الذي ينص على أن القوات العسكرية تميز بين المقاتلين والمدنيين.

وقال زيف، الذي عمل ضابط مراقبة للوحدات داخل غزة، وهو الدور الذي يتضمن محاولة تجنب حوادث النيران الصديقة من قبل القوات الإسرائيلية، إن القوات البرية في الوحدة التي كان مرتبطًا بها بالقرب من الممر الإنساني تعاملت أيضًا مع أي شخص رأوه كمقاتل؛ لأن المنطقة كانت تعتبر "مطهرة". وقال "لم يكن عليهم تبرير إطلاق النار، بل كان عليهم فقط أن يخبرونا بذلك".

الاستيطان في غزة

وفي مقاطع فيديو أخرى ظهرت من غزة، دعا الجنود إلى عودة المستوطنين الإسرائيليين إلى غزة، أو طرد الفلسطينيين. واحتلت إسرائيل غزة بعد حرب عام 1967، وسحبت قواتها ومستوطناتها في عام 2005، لكنها أبقت على حصار بري وبحري. وقال كاشير إن التصريحات السياسية الصادرة عن كبار أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة اليمينية الإسرائيلية، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، من المرجح أن تعزز الانطباع بأن مثل هذه التصريحات مقبولة في ساحة المعركة، في حين يضع بعض الجنود الدين فوق قواعد الجيش.

وقال رام فرومين، رئيس المنتدى العلماني في إسرائيل، إن مثل هذا المحتوى هو انعكاس لمعركة طويلة الأمد بين القوى الدينية والعلمانية داخل صفوف الجيش. وأضاف "طالما أن المزيد والمزيد من الجنود في الرتب العليا يأتون برؤية وطنية ودينية واضحة للغاية، فإن هذا يؤثر على الطريقة التي يتصرف بها الجنود في القتال".

في مقطع فيديو يعود تاريخه إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2023، يتعهد جندي بأن كتيبته لن تتوقف حتى تكمل ما يقول إنه مهمتها "الغزو والطرد والاستيطان". ويتحدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "هل سمعت يا بيبي؟ الغزو والطرد والاستيطان".
وقد عُرِض مقطع من الفيديو خلال حفل افتتاح مؤتمر "نصر إسرائيل" في كانون الثاني/يناير الماضي، وهي القمة التي دعت إلى "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين في غزة، وتضمنت خطابات من السياسيين من اليمين المتطرف وقادة المستوطنات، بما في ذلك سموتريتش.

ويظهر الجندي أيضًا في صورة من غزة تحققت منها صحيفة "الواشنطن بوست" وهو يحمل علمًا إسرائيليًا مكتوبًا عليه عبارة "العودة إلى الوطن"، وهو شعار حركة إعادة الاستيطان.

قال خبراء قانونيون راجعوا مقاطع الفيديو التي جمعتها الصحيفة الأميركية، إن الجنود في الحالات الأكثر فظاعة يقومون فعليًا بتسجيل الأدلة على الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي

واستمرت منشورات الجنود في التدفق في الأسابيع الأخيرة مع شن القوات الإسرائيلية عملية جديدة في شمال غزة، وأمرت قطاعات كبيرة من المنطقة بالنزوح. ويظهر مقطع فيديو نُشر على موقع إنستغرام مع وسم موقع جباليا في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، وصُوِّر من داخل جرافة، السكان وهم يفرون بأعداد كبيرة. وتحيط الدبابات الإسرائيلية بالرصيف حيث يسيرون. ويقول التعليق: "أسبوع جيد".

وتحدث جنود آخرون لصحيفة "الواشنطن بوست" عن رغبتهم في إعادة استيطان القطاع. وقال أفيخاي ليفي، 41 عامًا، وهو جندي احتياطي وسائق جرافة نُشِر في رفح: "الحل الأفضل بالنسبة لي هو المستوطنات. هذا هو الأشد إيلامًا. والنصر الحقيقي هو أن يدركوا أنه في كل مرة تقومون فيها بشيء خطير، فإننا سنستولي على المزيد من الأراضي، والمزيد من الأراضي، حتى يفهموا".