علاء مطر
لم نتفاجأ عندما أصدر الرئيس محمود عباس إعلانا دستوريا يقضي بموجبه، أنه في حال شغور مركز رئيس السلطة الفلسطينية، يتولى مهامه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مؤقتا لحين اجراء الانتخابات الرئاسية، وذلك خلافا لما كان عليه سابقا، بأن يتولى المهام رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني هذا المنصب، لأنه كان متوقعا، في بلد بلا دستور ولا شرعيات منذ الانقسام الفلسطيني قبل 17 عاما وحتى اليوم.
للأسف، فإن حكاية النظام السياسي الفلسطيني مقامة على ازدواجية، إن أُحسن استخدامها فستؤدي إلى استقرار سياسي ووطني، وإن أُسيءَ، فسوف تزيد من تعقيد أزمة النظام والابتعاد عن الحلول، وهو أمر قديم منذ نظام منظمة التحرير، الذي أدار مرحلة ما قبل السلطة الوطنية، حين كانت مؤسساته وقياداته تعمل من خارج الوطن، ثم أُلحق به نظام السلطة الوطنية الذي أسسته أوسلو، وقد وجد الفلسطينيون صلة نظامية وقانونية بين الاثنين، خلاصتها أن السلطة المستجدة والمنتخبة، هي جزء لا يتجزأ من منظمة التحرير، أي أن الجديد جزء من القديم.
ولازلت أتفق تماما ويعجبني كثيرا ما يفكر به ويكتبه أستاذنا وزير الإعلام السابق الكبير نبيل عمرو، عندما كان أول من تحدث عن "الإعلان الدستوري"، حيث يؤكد عن فشل الازدواجية، بفعل غياب التوازن بين حالة منظمة التحرير التي كان السعي للتسوية قد أفلسها واكتفى منها بشرعية التمثيل، وازداد الفشل حين وُضعت كل الإمكانيات المادية بين يدي السلطة لتقلب المعادلة، وتصبح المنظمة التي هي الأصل مجرد جسم استهلاكي عند الفرع، ذلك أدّى بفعل سوء الأداء إلى اندماجٍ غير صحي بين النظامين، ارتبط مصير كليهما بالتطورات السياسية وتحديداً بمآلات التسوية.
وبالعودة إلى السابق قليلا، فإن الحقيقة المرّة التي لابد من الاعتراف بها، هي أن أزمة النظام السياسي الفلسطيني قد تعقدت حين ألغيَ المجلس التشريعي، وتهمشّت منظمة التحرير، واستقر الانقسام الفلسطيني، وأُغلقت الأبواب بإحكام أمام التسوية التي بُنيت عليها ازدواجية النظام.
ومنذ ذلك الحين، فإن الحالة الفلسطينية قد وصلت إلى وضع تبدو فيه بلا نظام سياسي تدعمه وحدة وطنية، بل نظامان مختلفان، واحد في قطاع غزة، والآخر في الضفة الغربية، وكلاهما عاجز عن أداء مهامهم البديهية بفعل سطوة الاحتلال.
إن أمر ومشكلة كهذه، لا تعالج بمرسوم رئاسي، ولا ترتيبات كما لو أن الأمر إقالة موظف وتعيين بديل عنه، إن البداية الصحيحة تتم عبر الانتخابات العامة، لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بشكل صحيح وواضح، وليس اجراء انتخابات "حسب الظروف" وفقا لما فهمناه من الإعلان الدستوري الرئاسي الأخير!!