ما سبب خوف حماس من فوز ترامب؟

علاء مطر

على الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب بأنه لن يبدأ حروبا، بل سينهيها، مطمئنة نوعا ما للفلسطينيين، وتدعو قادة حركة حماس إلى تنفس الصعداء، لأنهم يتمنون تشديد الضغوط على إسرائيل في هذا الشأن، إلا أنه وبدلا من ذلك يبدو أن ترامب نفسه زاد قلقهم، لأنهم يعرفون جيدا بأن تطلعات الرئيس الأمريكي المنتخب غير منقطعة عن وضع النهاية الذي يسعى إليها.

صحيح أن ترامب لم يفصّل حتى الآن رؤياه بالنسبة لذلك، ليس علنا على الأقل، لكن موقفه الحازم بالنسبة لإيران وحزب الله وحماس، والتزامه بإسرائيل ودول المحور المعارض لإيران، وموقفه تجاه المؤسسات الدولية، والمفاهيم السائدة فيها، ونهجه الغائي الساعي إلى نتائج واضحة خلال فترته الرئاسية الأولى، شكّل كله سببا كافيا للقلق لدى قادة حماس و"المحور".

إن عودة ترامب الى البيت الأبيض، سيسمح بمزيدا من الضغوطات على حركة حماس، وسينزع منها سيطرتها على القطاع، وسيزيد الضغط على زعمائها لعقد الصفقة، كما أن هذا هو الأساس لكل بحث بالنسبة لـ"اليوم التالي للحرب"، خصوصا بعد اغتيال السنوار حيث تم نقل ثقل الوزن في اتخاذ القرارات إلى قيادة حماس المتواجدة في الدوحة، تلك التي أجرت صلاة شكر على "غزوة" 7 أكتوبر، وتواصل الضيافة فيها بتشريفات ملكية، بينما شعبنا يموت جوعا بغزة.

كل الرهانات على وقف إطلاق النار وانهاء الحرب في قطاع غزة وجنوب لبنان، توضع في قالب يتصل باستلام ترامب مهامه في البيت الأبيض، علما أن إسرائيل تراهن عليه لإطلاق يدها أكثر عسكريا أو سياسيا من خلال تحقيق الأهداف التي تريدها بالمنطقة.

هنا يتعمّد الإسرائيليون تسريب أجواء إيجابية حول المفاوضات كي يتم فتح قنوات متعددة مع جهات مختلفة، وكي لا تكون إسرائيل في موقع الذي يعرقل التفاوض، في المقابل تواصل تل أبيب الضغط ضمن استراتيجيتها "التفاوض بالنار".

نتنياهو سيستمر بالتصعيد حتى يهرب من محاكمته باتهامات سابقه و تحميله و فريقه الوزاري اليميني مسؤولية خسائر إسرائيل في هذه الحرب، وامله ان يبقى على راس حكومته حتى انتهاء عهدها، و ذلك بتحسين صورته كبطل قومي دافع عن إسرائيل ببعض الانجازات والذي يعتبره طريقه الى الهروب الى الامام.

لاشك أن الرئيس الأميركي الجديد لن يستلم فعليا قبل كانون الثاني/ يناير، وبعدها سيحتاج الى بعض الوقت لترتيب أوراقه، ما يعني اعطاء فترة أشهر إضافية طويلة لنتنياهو لـ "ينهي المهمة"، وعليه، فإن الحرب سمتها المفاجآت، وما يؤثر على سياقها وتطورها ووقفها أو استمرارها هي إما الخسائر والأكلاف، والمفاجآت الميدانية، أو حصول تطورات دراماتيكية.

إن شخصية ترامب النرجسية، المسكونة بالرغبة في الإنجاز، والمحكومة بعقلية التاجر والمستثمر المندفع، والتي تنظر لاسرائيل من خلال خلفيات دينية "مسيحية إنجيلية" بالإضافة إلى المصالح الإستراتيجية الأميركية، ستشكل دعما كبيرا لنتنياهو وسياسته، وستشكل عنصرا ضاغطا على حركة حماس الحاكمة بغزة.. فهل نرى اتفاقا ووقفا لاطلاق النار قبل توليه المنصب في يناير المقبل؟ أم أن قرار نتنياهو بوقف اطلاق النار سيكون أول هدية منه لصديقه الحميم ترامب فور توليه المنصب في يناير المقبل؟