عاد جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، لاستكمال مخططه لتهجير ما تبقى من فلسطينيين من شمال قطاع غزة باتجاه مدينة غزة أو المناطق الجنوبية والوسطى، بعد يومين من تراجع قواته وإعادة تمركزها باتجاه وسط مخيم جباليا، والمناطق الشرقية والغربية من مدينة بيت لاهيا التي تؤوي آلاف النازحين.
وبدأ جيش الاحتلال منذ ساعات الفجر عمليات تطويق جديدة للمناطق الغربية من بيت لاهيا والمشروع، مع تقدم إضافي في محيط مستشفى كمال عدوان، الذي نفذ فيه الجيش قبل أيام عملية عسكرية واسعة أدت لدمار كبير فيه، واعتقال العشرات من الجرحى، والمرضى، والنازحين، والطواقم الطبية، والذين لا يعرف مصير الكثير منهم حتى الآن، وقد جرى تسريب فيديوهات من الجيش بنقلهم إلى دولة الاحتلال.
وبالتزامن مع هذا التقدم البري، نفذت المدفعية الإسرائيلية عمليات قصف عشوائي ومركز على مناطق مختلفة من مشروع بيت لاهيا، وبلدة بيت لاهيا، استهدفت محيط المقبرة والمناطق الرملية ومفترقات الطرق لمنع السكان من التنقل. وطلبت طائرة مسيّرة تحمل رشاشاً وجهاز مناداة صوتي من النازحين الفلسطينيين في المدارس غربي بيت لاهيا والمشروع الخروج منها والذهاب إلى نقاط للتفتيش، ومن المواطنين في حيي الشيماء وأصلان بالمغادرة بشكل فوري، مهددة من يتبقى في المكان.
ولم يتوقف، منذ بدء العملية العسكرية الثالثة في شمال قطاع غزة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، صوت التفجيرات ونسف المنازل والمربعات السكنية، ولا تزال قوات الاحتلال تنفذ عمليات تدمير واسعة لما تبقى من منازل ومربعات سكنية وبنية تحتية في مخيم جباليا والمناطق الغربية من محافظة الشمال، عبر كميات كبيرة من المتفجرات تحدث أصواتاً مرعبة للفلسطينيين، وتدمّر عشرات المنازل في كل ضربة.
واستهدف الاحتلال محطة تحلية المياه، وقسم غسيل الكلى، وقسم الصيانة، وخزانات المياه في مستشفى كمال عدوان، في مسعى لوقفه عن العمل تماماً، رغم أنه شبه متوقف منذ العملية العدوانية فيه قبل أيام، إضافة إلى استهداف المناطق المحيطة به والسيطرة النارية من الجو على محيطه لمنع التحرك باتجاهه. وأحرق القصف الإسرائيلي مستودعاً للأدوية في المستشفى بعد أيام من التزود بقليل من الأدوية والمستلزمات الطبية عبر منظمة الصحة العالمية.
ولا يزال جيش الاحتلال الإسرائيلي يمنع عمليات إسعاف وانتشال المصابين والشهداء من مناطق جباليا وبيت لاهيا والمشروع، ويستهدف حتى العربات التي يحاول من خلالها المواطنون تنفيذ عمليات الانتشال ومحاولة الإنقاذ. وقبل نحو عشرة أيام، أخرج جيش الاحتلال الإسرائيلي جهاز الدفاع المدني عن العمل نهائياً، باستهداف مباشر لعناصره وما تبقى من آلياته ومعداته، وباعتقال عدد منهم بعد إجبارهم على ترك معداتهم وقيام الطائرات باستهدافها وحرقها، وبالاتصال هاتفياً بالمتبقين، وتهديدهم بحياتهم وبأسرهم.
ويبدو أنّ جيش الاحتلال مستمر في تنفيذ خطة الجنرالات التي تهدف إلى تفريغ محافظة الشمال من السكان، وإن كان يقول غير ذلك عبر متحدثيه وناطقيه والإعلام الإسرائيلي، فالوقائع على الأرض ومسار عملياته العسكرية وتهجير الفلسطينيين من منازلهم وتدميرها تظهر بشكل واضح تطبيقه للخطة، وسعيه لجعل المنطقة خالية من السكان والمباني، وربما لاحقاً يعيد الاستيطان فيها.