لم تتخذ قرارات جديدة خلال اجتماع الكابينيت السياسي – الأمني الإسرائيلي، الليلة الماضية، لكن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت اليوم، الثلاثاء، عن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قوله خلال الاجتماع إن "الضغط العسكري على نصر الله يمكن أن يساعد في دفع صفقة مخطوفين"، مع حركة حماس، وأن هدف إسرائيل هو "قطع العلاقة التي جرت في 8 تشرين الأول/أكتوبر بين الجبهتين اللبنانية والغزية".
وأضاف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن إسرائيل معنية بإبعاد مقاتلي حزب الله إلى شمال نهر الليطاني وأن تستهدف بشدة قدرات حزب الله الصاروخية التي بناها طوال عقدين.
وحتى قبل أسبوعين، كان نتنياهو يرفض نقل مركز الحرب من قطاع غزة إلى لبنان، من خلال التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى مع حركة حماس، مثلما طالب وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، وبعد ذلك أصبح نتنياهو يريد التصعيد مقابل حزب الله.
ووفقا لهرئيل، فإن غالانت وهليفي تحفظا في البداية لكنهما وافقا في النهاية على موقف نتنياهو، "والآن بات الثلاثة مستعدين للمخاطرة بحرب شاملة، واستمرار الخطوات الهجومية التي تنفذها إسرائيل".
وأضاف أن "وحدة الآراء في القيادة هو أمر شرعي. (لكن) الأمر الأخطر هو العجرفة لدرجة النشوة، التي سيطرت منذ أول من أمس على المستوى السياسي الرفيع. وبشكل مقلق، تتعالى أصداء مشابهة من جهة الجيش الإسرائيلي أيضا، كأن مجزرة 7 أكتوبر والمفاجأة فيها لم تحدث أبدا".
ولفت هرئيل إلى أن "نتنياهو منصت لدائرة صغيرة من المستشارين، وهم ضباط سابقون في الجيش يحملون آراء صقرية (أي متطرفة). وهذه المجموعة تعتقد أنه فقط بواسطة استخدام قوة أكبر بالإمكان فرض تسوية على حزب الله. والأمر الذي يفضل الامتناع عنه هو الاعتقاد أن سلسلة النجاحات غير المسبوقة للجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في الهجوم، سيؤدي بالضرورة إلى وضع مشابه في الدفاع".
وتابع أن "حزب الله موجود الآن في وضع ضعيف، لكن يفضل عدم الاستخفاف بقدراته على ضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما في ذلك النقاط المؤلمة والأماكن التي لم نستعد فيها في البداية. وهذا ينطبق على القرار، في حال اتخاذه، بشأن اجتياح بري للجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان".
واعتبر هرئيل أن إسرائيل وحزب الله انتقلا، أمس، فعليا إلى مرحلة حرب شاملة بينهما، وذلك "بالرغم من عدم تجاوز جنود إسرائيليين الحدود إلى لبنان ومن أن حزب الله لم ينفذ بعد تهديداته بإطلاق صواريخ نحو منطقة تل أبيب".
وأضاف أن الصمت الأميركي في هذه الأثناء "مفاجئ جدا"، وأنه "ليس مفهوما لماذا إدارة بايدن لا تحاول إطلاق مبادرة سياسية عاجلة فيما المنطقة على وشك الاشتعال. ومن الجائز أن واشنطن تقول لنفسها إنه طالما لا يوجد اجتياح بري إسرائيلي، فإن الأمور تحت السيطرة. وهذا خطأ. فحصاد الدماء مرتفع للغاية، لدرجة أنه سيكون من الصعب السيطرة على ارتفاع ألسنة النيران، حتى بدون دخول الجيش الإسرائيلي إلى جنوب لبنان".
من جانبه، أشار الصحافي في "يديعوت أحرونوت"، ناداف إيال، إلى أنه "لا يوجد لدى أحد في جهاز الأمن وخارجه أدنى فكرة حول كيف بالإمكان ترجمة الإنجازات العسكرية الإسرائيلية إلى فائدة سياسية، وإلى انتصار حقيقي يوقف الحرب في الشمال".
وأضاف أن "لا يزال بمقدور حزب الله إطلاق صواريخ على وسط إسرائيل وإنزال ضربات مؤلمة. ويبقي نصف ترسانته بيديه إمكانية استهداف إسرائيل بشدة. ومثل السنوار، نصر الله ليس بحاجة إلى الكثير كي يستمر. ويكفي أن يطلق بين حين وآخر قذيفة مضادة للمدرعات على حدود الشمال كي تستمر الحرب. وبإمكان إسرائيل مواصلة التصعيد وإضعاف حزب الله بشكل كبير. لكن طالما لديه قدرة على إطلاق نار من أي نوع، لا يمكن أن تعود حدود الشمال إلى الوضع الطبيعي. والسكان لا يمكنهم العودة"، أي أن إسرائيل لن تحقق أحد أهداف حربها على لبنان.
ووفقا لإيال، فإن "الحديث عن حزام أمني جديد لن يحل بالضرورة هذه المشكلة، وهناك مسألة مهمة أخرى تتعلق بكيفية رد إيران ووكلائها. وليس بسهولة ستتنازل طهران عن الأداة الشيعية اللبنانية".
وأشار إلى أن جهات سياسية مقربة من نتنياهو تنفذ "حملة مسمومة" ضد الجيش الإسرائيلي. "وباستثناء صفقة المخطوفين الأولى، لا يوجد إنجاز سياسي إسرائيلي. وربما سينزل حزب الله بنفسه عن الشجرة، ويوافق على الفصل بين جبهتي الجنوب والشمال، لكن في هذه الأثناء يقدر معظم المسؤولين الاستخباراتيين في الغرب أن احتمال ذلك محدود. وبإمكان نجاحات إسرائيلية أن تتحول إلى انعطاف إستراتيجي لصالحها، وهذا ليس متعلقا بالجيش الإسرائيلي فقط".
وفسر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق، تمير هايمن، رد حزب الله "المحدود جدا" على الغارات الإسرائيلية بأن الحزب يدرس الأضرار التي لحقت به ويجري تقييما للوضع، "لكن يحظر علينا أن نوهم أنفسنا، فخلال فترة قصيرة سيدرك حزب الله الواقع وسيكون أمام نصر الله خياران: الأول، توسيع دائرة إطلاق النار، وسيبقى على شكل معادلات، وإطلاق النار نحو مناطق أخرى مثل منطقة تل أبيب، ولكن بصورة مدروسة نسبيا وإن كانت أوسع مما رأينا سابقا".
وأضاف هايمان في تحليل نشره في الموقع الإلكتروني للقناة 12، أن "الخيار الثاني هو أن يدرك نصر الله أنه في وضع سيء ويقرر أن يذهب حتى النهاية، وفي هذه الحالة سنكون في حرب شاملة".
وأشار هو الآخر إلى أنه "الآن خصوصا، فيما الزخم إلى جانبنا في الشمال، يجب البدء بالتفكير كيف ندمج العمل السياسي بالعمل العسكري، وإذا لم نفعل ذلك الآن، سنكتشف أن الوقت بات متأخرا مثلما هو حاصل في الجنوب".